المركزي الأوروبي يبقي على أسعار الفائدة في ظل أزمة كورونا

تباطؤ توزيع اللقاحات يؤجل عودة نمو اقتصاد منطقة اليورو.
الجمعة 2021/01/22
فرص ضئيلة

حافظ البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة الحالية في ظل تواصل أزمة كورونا فيما يجمع خبراء على عدم حدوث تغييرات في السياسة النقدية حتى النصف الثاني من هذا العام بالنظر إلى تباطؤ توزيع اللقاحات الذي يمثل شرطا لإعادة بناء الثقة الاقتصادية.

فرانكفورت - أبقى البنك المركزي الأوروبي الخميس على سياساته النقدية دون تغيير، وذلك بعد مراجعة التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا.

وأوضح مجلس محافظي البنك، الذي يتألف من 25 عضوا، في أول اجتماع له في عام 2021، أنه سيبقي على فائدة إعادة التمويل الرئيسية عند 0 في المئة، وهو أدنى مستوى على الإطلاق، كما سيبقي على برنامج شراء السندات عند 1.85 تريليون يورو (2.25 تريليون دولار).

وذكر أنه من المقرر أن يستمر البرنامج حتى نهاية مارس من عام 2022 على أقل تقدير.

وقال أندرو كينينجهام، كبير اقتصاديي أوروبا لدى مجموعة “كابيتال إيكونوميكس” البحثية، “نشك في أن يتخذ البنك أي تغييرات كبيرة في السياسة النقدية حتى النصف الثاني من هذا العام”.

كما أبقى البنك -ومقره فرانكفورت- الفائدة على الودائع عند سالب 0.5 في المئة وفائدة الإقراض الهامشي عند موجب 0.25 في المئة.

ويأتي الاجتماع في ظل تباطؤ توزيع لقاحات كورونا، وقد اعتبرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أن توزيع اللقاحات شرط رئيسي لإعادة بناء الثقة الاقتصادية بعد انتشار الفايروس خلال العام الماضي.

وحذرت لاغارد من أن تفشي وباء كوفيد – 19 يطرح خطرا على مسار العودة إلى النمو في منطقة اليورو.

وقالت خلال مؤتمر صحافي عقدته بعد اجتماع مجلس حكام المؤسسة المالية، إن “اشتداد الوباء يطرح مخاطر على الآفاق الاقتصادية على المدى القريب”.

ويتوقع البنك المركزي أن يسجل اقتصاد منطقة اليورو، التي تضم 19 دولة، نموا بنسبة 3.9 في المئة هذا العام مع التعافي من الجائحة العالمية.

إلا أن مخاوف تلوح في الأفق من أن الركود الاقتصادي الذي تسببت فيه الجائحة قد يمتد إلى هذا العام. كما أن انخفاض معدلات التضخم في منطقة اليورو إلى ما دون الصفر يثير قلق البنك المركزي.

وأعلن مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) الأربعاء أن التضخم ظل في ديسمبر للشهر الرابع على التوالي في منطقة السالب على أساس سنوي، حيث سجّل سالبًا بنسبة 0.3 في المئة.

وقد يزيد هذا من فرص إجبار البنك المركزي الأوروبي مرة أخرى على توسيع نطاق إجراءاته التحفيزية في محاولة للمساعدة على رفع أسعار المستهلكين.

وقال المركزي إن “مجلس المحافظين مستعد لتعديل جميع أدواته، وفق الحاجة، لضمان تحرك التضخم نحو هدفه بطريقة مستدامة”.

كريستين لاغارد تقول إن تفشي كورونا يطرح خطرا على مسار عودة النمو إلى منطقة اليورو

ويسعى البنك المركزي الأوروبي إلى تعزيز تدابير الدعم النقدي للاقتصاد قبل امتحان دقيق لتقييم المخاطر الناجمة عن الاستمرار في القيود المفروضة لمكافحة وباء كوفيد – 19 وارتفاع سعر اليورو.

ويقول فلوريان هينسه، الخبير الاقتصادي لدى بنك بيرنبرغ، إن المؤسسة المالية “ما زالت تحلل وطأة قرارها” القاضي بتعزيز تدابيرها النقدية من أجل التصدي للأزمة الناجمة عن الوباء.

وعمدت المؤسسة المالية التي مقرها في فرانكفورت إلى تعزيز “برنامج شراء السندات خلال (حالات) طوارئ الجائحة”، سلاحها الرئيسي الذي باشرت العمل به في مارس للحفاظ على شروط تمويل مواتية وتشجيع الإنفاق والاستثمار، ورفعت كلفة البرنامج إلى 1850 مليار يورو ومددته إلى مارس 2022.

أما برنامجها الآخر لإعادة شراء أصول، وهو برنامج التيسير الكمّي المعتمد من قبل الوباء، فمن المتوقع أن يتواصل بوتيرة عشرين مليار في الشهر دون تحديد فترة زمنية له.

كما ستمنح المؤسسة المالية البنوك دفعات جديدة من القروض متدنية الكلفة، في وقت تراجعت فيه معدلات الفائدة إلى أدنى مستوياتها.

ويفرض البنك المركزي الأوروبي منذ سبتمبر 2019 رسوما بقيمة – 0.5 في المئة على قسم من السيولة المودعة لديه، للتشجيع على إعادة توزيعها في شكل قروض.

ويتفق المراقبون على أن المؤسسة المالية التي تبذل جهودا كبيرة في مكافحة الأزمة في منطقة اليورو منذ بدء تفشي وباء كوفيد – 19، لا تواجه وضعا ضاغطا يرغمها على زيادة حجم تدخلها.

لكن الخبير الاقتصادي لدى مجموعة “آي إن جي” كارستن برجسكي لفت إلى أن “قدرات رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد على التواصل ستكون على المحك مرة أخرى” عندما تواجه الصحافة اعتبارا من الساعة 13.30 ت غ.

فآمال التعافي الاقتصادي السريع أحبطت إثر بروز الموجة الثانية من الوباء في نهاية العام الماضي وما واكبها من قيود وتدابير جديدة في أوروبا.

وقال برجسكي إن المؤسسة الأوروبية ستعلن أن المخاطر على النشاط الاقتصادي “تتجه إلى الانحسار”.

وما يغذي المخاوف تفشي النسخ المتحورة من الفايروس، والتي لا تعرف عواقبها بشكل واضح بعد، ووتيرة توزيع الجرعات الأولى من اللقاحات تتم بشكل أبطأ مما كان متوقعا.

إلا أن رئيسة البنك المركزي الأوروبي تؤمن بأنه سيتم تحقيق توقعات النمو المقدرة بـ3.9 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي لمنطقة اليورو عام 2021.

وعلقت فريتسي كولر – غايب، رئيسة قسم الاقتصاد في بنك “كا أف في”، أن البنك المركزي الأوروبي يريد أن “ينتظر ليرى ما إذا كانت القيود المرتبطة بالوباء ستستمر حتى الفصل الثاني (من العام)” وليظهر “مدى تأثيرها على الوضع الاقتصادي”.

ورأى فرانك ديكسمير، مدير إدارة السندات في شركة “آليانز غلوبال إينفستورز”، أنه مع أكثر من ألف مليار يورو متاحة له للإنفاق في إطار “برنامج شراء السندات خلال (حالات) طوارئ الجائحة”، يمكن للبنك المركزي “شراء الكمية ذاتها من السندات التي اشتراها العام الماضي، في حين يتوقع أن يكون العجز في الميزانيات العامة أدنى”.

وتبقى أسواق السندات مستقرة بالرغم من الأزمة الحكومية في كل من إيطاليا وهولندا.

وأوضح إريك دور، مدير الأبحاث في معهد الاقتصادي العلمي والإدارة، أن هذا “يثبت فاعلية سياسة البنك المركزي الأوروبي لاحتواء أي زيادة في نسب الفوائد بعيدة الأمد” بعدما كان ذلك السبب خلف اندلاع أزمة الديون في منطقة اليورو في مطلع الألفية.

غير أن ارتفاع سعر اليورو يسبب معضلة للبنك المركزي الأوروبي الذي يعجز عن دفع التضخم إلى الارتفاع بهدف الوصول إلى 2 في المئة بوتيرة سنوية، وهو المستوى الذي يعتبر مناسبا لتشجيع النشاط الاقتصادي.

وازدادت قيمة العملة الموحدة منذ نهاية فبراير بأكثر من 10 في المئة بالنسبة إلى الدولار. ويتحتم على مؤسسة فرانكفورت أن تقيّم إلى أي مدى ستحتم عليها زيادة جديدة في سعر اليورو تحركا أكثر شدة؛ فاليورو القوي يخفض كلفة الواردات لكنه يجعل الصادرات أقل قدرة على المنافسة.

ويزداد الوضع صعوبة في ظل نسبة تضخم سلبية في منطقة اليورو شهدتها الفترة الممتدة من أغسطس إلى ديسمبر.

ومن المرتقب أن ترتفع الأسعار مجددا عام 2021 على خلفية زيادة ضريبة القيمة المضافة في ألمانيا وتوقع العودة إلى نسق الحياة الطبيعية، غير أن الخبراء الاقتصاديين يحذرون من أن مفاعيل هذه الزيادة في الأسعار ستكون محدودة.

10