اتفاقية بين بكين وأنقرة تثير مخاوف الأويغور في تركيا

قضية الأويغور ورقة يساوم بها أردوغان الصين لإخراج بلاده من أزمتها الاقتصادية.
الأحد 2020/12/27
الأويغور بين مطرقة أنقرة وسندان بكين

بكين - أعلنت الصين المصادقة على اتفاقية تبادل مطلوبين مع تركيا، وهو نص ترغب بكين في استعماله خصوصا لتسريع ترحيل صينيين من أقلية الأويغور المسلمة لجأوا إلى تركيا وتشتبه بتورطهم في "الإرهاب".

ولم يصادق البرلمان التركي بعد على الاتفاقية الثنائية الموقعة عام 2017، لكن يتوقع أن تثير المصادقة قلقا في صفوف جالية الأويغور الكبيرة (تقدر بنحو 50 ألف شخص) المقيمة في تركيا.

وتربط الأويغور بتركيا صلات لغوية وثقافية، إذ تتحدث الأقلية لغة تركية. وكانت أنقرة منذ أمد طويل أحد المدافعين الرئيسيين عن قضية الأويغور، لكن ذلك تراجع مؤخرا.

ولطالما قدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه لسنوات طويلة بأنه الملاذ الآمن لأقلية الأويغور، ورفع صوته عاليا من أجل إعلاء قضيتهم، حيث وصف وضعهم لما كان رئيسا للوزراء، بأنه "نوع من الإبادة الجماعية".

ويرى مراقبون أن قضية الأويغور بالنسبة إلى أردوغان ورقة للتسويق السياسي لنظامه، إذ بعد عرضه تقديم مأوى للاجئين الأويغور الفارين من الصين، غير موقفه سريعا لترميم علاقاته مع الصين في ظل ما تواجهه بلاده من أزمة اقتصادية.

وغابت تركيا في يوليو 2019 عن مجموعة من 22 دولة، من بينها 14 من حلفاء تركيا في حلف شمال الأطلسي، وجهت رسالة مشتركة إلى الدورة الحادية والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإدانة "الاعتقالات التعسفية الجماعية والانتهاكات ذات الصلة" التي ترتكبها الصين ضد الأويغور والأقليات الأخرى.

وصوت حزب العدالة والتنمية الحاكم ضد مقترح تقدم به حزب معارض في 10 يوليو الماضي لإنشاء لجنة مخصصة في البرلمان التركي للتحقيق في "مشاكل الأتراك الأويغور الذين يتعرضون للممارسات القمعية في الصين"، ما دفع أحد نواب المعارضة إلى اتهام حزب أردوغان بـ"بيع الأويغور" مقابل 50 مليار دولار.

وفرضت الصين في منطقة شينجيانغ (شمال غرب) سياسة رقابة قصوى على الأويغور إثر وقوع هجمات دموية ضد مدنيين، تحمّل بكين انفصاليين أويغور إسلاميين مسؤوليتها.

ووفق خبراء أجانب، تعتقل السلطات الصينية مليون شخص على الأقل أغلبهم أويغور في "معسكرات" تصفها بكين بأنها "مراكز تدريب مهني" غايتها مساعدة السكان على إيجاد وظائف والوقاية من التطرف.

ولجأ الآلاف من الأويغور إلى تركيا، ويقولون إنهم ضحايا اضطهاد.

وجاء في بيان للبرلمان الصيني نشر على موقعه الإلكتروني مساء السبت أن "اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني صادقت" على "اتفاقية تبادل المطلوبين" الصينية التركية، لكن في النص عدة دوافع لرفض التسليم.

ومن بين تلك الدوافع أن تقدر الدولة أن طلب التسليم مرتبط بـ"جريمة سياسية"، أو في حال كان الشخص المطلوب أحد مواطنيها أو يستفيد من حق اللجوء على أراضيها.

وقال المتحدث باسم مجلس الأويغور العالمي ديلكسات راكسيت إن "هذه الاتفاقية ستثير رعب الأويغور الذين هربوا من الصين ولم يحصلوا بعد على الجنسية التركية".

وأضاف "ندعو الحكومة التركية (...) إلى الحؤول دون أن تصير هذه الاتفاقية أداة اضطهاد"، مؤكدا أن بكين تمارس ضغطا اقتصاديا على تركيا حتى تصادق على الاتفاقية.

والمسألة حساسة بالنسبة لأنقرة، لأن المواطنين الأتراك متعاطفون بصفة عامة مع الأويغور. وقد نشرت مقالات صحافية تتهم تركيا بتسليم أشخاص من الأويغور سرا إلى الصين، أثارت ضجة في صفوف الرأي العام.

وأشار تقرير لمجلة "ذا ديبلومات" الأميركية في أغسطس الماضي، إلى أن بكين تستغل أموالها لشراء صمت أنقرة تجاه قضية أقلية الأويغور.

وقال التقرير إن امتثال الرئيس التركي لمطالب بكين سببه حاجته المتزايدة إلى الاستثمار الصيني في وقت تهرب فيه رؤوس الأموال الغربية من الأسواق التركية.

وبالإضافة إلى "شراء صمت تركيا" حسب تعبير المجلة، تحاول الصين أن تجعل من البلاد جزءا حيويا في مبادرة الحزام والطريق.

وخلص التقرير إلى أن "نفاق الرئيس التركي في منح بكين تفويضا مطلقا لارتكاب الفظائع ضد إخوانه المسلمين مقابل الفوائد الاقتصادية، يُظهر مرة أخرى أن المصلحة الذاتية تتفوق على المثل العليا الضخمة التي يتشدق بها القادة الاستبداديون".

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" عن أردوغان قوله إن "تركيا ما زالت ملتزمة سياسة الصين الواحدة"، بل شدد أردوغان على أن المقيمين من مختلف الإثنيات "يعيشون بسعادة في منطقة شينجيانغ للأويغور التي تتمتع بحكم ذاتي بسبب ازدهار الصين، وتركيا لن تسمح لأحد بدق إسفين في علاقاتها مع الصين"، معربا "عن استعداده لتعزيز الثقة السياسية المتبادلة والتعاون الأمني مع الصين للتصدي للتطرف".