المغرب يدشن عهدا جديدا من العلاقات مع إسرائيل

الرباط – توجت زيارة الوفد الأميركي الإسرائيلي رفيع المستوى إلى المغرب بإصدار إعلان مشترك، مساء الثلاثاء، عن تدشين عهد جديد في العلاقات بين الرباط وتل أبيب حيث شدد العاهل المغربي الملك محمد السادس على أهمية الاختراقات التي تحققت بعد الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على صحرائه واستئناف التعاون مع إسرائيل.
كما وقعت المملكة المغربية ودولة إسرائيل الثلاثاء بالرباط، 4 اتفاقيات في مجالات متعددة، خلال زيارة الوفد الأميركي-الإسرائيلي، ويتعلق الأمر باتفاق حول الإعفاء من إجراءات التأشيرة بالنسبة إلى حاملي الجوازات الدبلوماسية وجوازات الخدمة، ومذكرة تفاهم في مجال المالية والاستثمار، وحول الابتكار وتطوير الموارد المائية، ومذكرة تفاهم في مجال الطيران المدني.
وتم توقيع الإعلان المشترك بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل بإشراف الملك محمد السادس، بالقصر الملكي بالرباط، بين كل من رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، وجاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومئير بن شبات، مستشار الأمن القومي لإسرائيل.
وشدد الإعلان المشترك على ترحيب المملكة المغربية والولايات المتحدة وإسرائيل، بالفرصة التي أثمرتها الجهود الكبيرة التي قادتها واشنطن لتحقيق هذا التقدم المُحرز في العلاقات.
وتم خلال هذا الإعلان إبراز المرسوم الذي أصدرته الولايات المتحدة حول “الاعتراف بسيادة المملكة المغربية على الصحراء الغربية” والذي بموجبه تعترف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على كامل إقليم الصحراء، وتجدد دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي “الجاد والواقعي وذي المصداقية”، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع حول المنطقة.
وذكرت البلدان الثلاثة أن الولايات المتحدة “ستشجع التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع المغرب، بما في ذلك في إقليم الصحراء المغربية، وستقوم، لهذا الغرض، بفتح قنصلية في مدينة الداخلة، من أجل تعزيز الفرص الاقتصادية والاستثمارية لفائدة المنطقة”.
وأكد وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أن زيارة الوفد الأميركي الإسرائيلي “حدث هام وتاريخي لأنه يأتي لمتابعة وتنفيذ عناصر المكالمة التي تمت بين الملك محمد السادس والرئيس دونالد ترامب في 10 ديسمبر الجاري”.
ويرى صبري الحو الخبير في القانون الدولي، أن “إرادة الأطراف التي أصدرت هذا الإعلان هي الفيصل الذي يحكم في وجود الطابع الإلزامي له من عدمه، وهذه النية لا يتم التعبير عنها بتاريخ توقيع الإعلان بل يتم استنتاجها من تصرفات الأطراف، وهذا الشكل يعطي الدليل أن المغرب حريص على رعاية مصالحه ويفاوض من مركز الحيطة”.
وأضاف الحو في تصريح لـ”العرب”، أن “كل طرف يحتاج إلى اختبار إرادة وتصرفات الأطراف الأخرى ومدى احترام تنفيذها لالتزاماتها، وهل هي ثابتة ومستمرة قبل الانتقال إلى اتفاق ملزم في إطار اتفاق أو معاهدة”.
وشدد كوشنر على أن الرئيس ترامب، بإعلان اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء، “يرفض الوضع الراهن الذي لا يصب في مصلحة أحد، واختار التوجه نحو حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، حل هادف ينطوي على فرص أكبر لتحسين المعيش اليومي للناس”.
وأعرب المسؤول الأميركي عن تطلعه “بفارغ الصبر” إلى افتتاح قنصلية أميركية بمدينة الداخلة “للدفع بالجهود الدبلوماسية وجني ثمار جهود المغرب الملموسة لفائدة الأقاليم الجنوبية”.
ويرى مراقبون أن الإطار الذي يؤسس للتعاون والتحالف المؤسساتي بين الرباط وواشنطن يستهدف فتح قنصلية بمدينة الداخلة لترجمة الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء ما يعطي دفعة تنموية واقتصادية كبرى للأقاليم الجنوبية تعزز مكانة المغرب دوليا وإقليميا باعتباره “شريكا موثوقا به”.
وجدد الملك محمد السادس التأكيد على موقف المغرب “المتوازن والثابت” بخصوص القضية الفلسطينية والموقف المعبر عنه في ما يخص أهمية المحافظة على الطابع الخاص لمدينة القدس بالنسبة للديانات السماوية الثلاث.
ويعتزم المغرب وإسرائيل الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بينهما، بما في ذلك بواسطة شركات الطيران الإسرائيلية والمغربية، مع تخويل حقوق استعمال المجال الجوي.
كما أكد الجانبان على الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية الكاملة بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم المغاربة وإقامة “علاقات أخوية ودبلوماسية كاملة، وتشجيع تعاون اقتصادي ديناميكي وخلاق”.
وقال رضا الفلاح، أستاذ القانون الدولي، إن “العبارات المستعملة في الإعلان الثلاثي المشترك والظروف التي أُعد فيها تجعله يرقى إلى مرتبة اتفاقية دولية بآثار قانونية محكومة بقواعد القانون الدولي وتشمل هذه الآثار ثلاثة أبعاد: قضية الصحراء المغربية، العلاقات المغربية الإسرائيلية، إحلال السلام بالشرق الأوسط”.
وعقب التوقيع على الإعلان المشترك بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، اعتبر مستشار الأمن القومي لإسرائيل، أن “الإمكانات غير محدودة” للتعاون مع المغرب في مجالات الطيران والإبداع والعلوم والصحة والفلاحة ومجالات كثيرة أخرى.