فتحي باشاغا يواجه محاولات تقويض نفوذه غرب ليبيا

طرابلس – يمر وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، الذي يوصف بالرجل القوي غرب ليبيا، بوضع صعب في ظل محاولات مستمرة لتقويض نفوذه وهي المحاولات التي يربطها البعض بغضب تركي عليه.
وبينما يستمر التحريض على باشاغا المقرّب من حزب العدالة والبناء الإخواني، سربت صحيفة محلية، السبت، قرارا صادرا عن رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج يقضي بفصل قوة الردع بقيادة عبدالرؤوف كارة عن وزارة الداخلية.
وينص القرار على “إعادة تنظيم جهاز قوة الردع الخاصة بقيادة عبدالرؤوف كارة، ليصبح تابعاً للسراج بشكل مباشر بذمة مالية مستقلة، بعيدا عن وزارة الداخلية”.
وبحسب القرار “يتكون المقر الرئيسي للجهاز بمدينة طرابلس ويجوز إنشاء فروع له بقرار يصدر من رئيس المجلس الرئاسي بناء على عرض من رئيس الجهاز”.
ميليشيا الردع
- قوة في طرابلس مرتبطة بوزارة الداخلية
- يرأسها عبدالرؤوف كارة
- يستثمرها باشاغا لتعزيز نفوذه
وتكمن خطورة القرار على باشاغا في أهمية ميليشيا الردع التي ينظر لها كقوة أكثر نظامية وانضباطا في طرابلس رغم أفكارها السلفية المتطرفة، حيث ألقت القبض على العشرات من العناصر المنتمية إلى تنظيم داعش ودخلت في حرب مع ما يسمى بـ”تيار المفتي” سنة 2016 احتجاجا على القبض على تلك العناصر، إضافة إلى محاربتها للجريمة.
ويعوّل باشاغا كثيرا على ميليشيا الردع السلفية لإبراز قوة وزارة الداخلية ونجاحها في بسط الأمن ومحاربة الجريمة وهو ما سيساعده على الوصول إلى السلطة.
ويواجه باشاغا منذ أسابيع حملات تشويه وتخوين على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل صفحات ونشطاء معروفين بولائهم لتركيا.
وتواترت الأنباء بشأن انزعاج تركي شديد من الزيارات التي قام بها باشاغا إلى كلّ من مصر وفرنسا المعروفتين بدعمهما للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر، في محاولة لاسترضائهما للقبول به رئيسا للحكومة الجديدة مقابل تولّي رئيس البرلمان عقيلة صالح رئاسة المجلس الرئاسي.
وتزعج هذه الصيغة الأتراك الذين يخشون أن يكون باشاغا قد قدم تنازلات تهدّد مصالحهم في ليبيا وفي مقدمتها إلغاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي أثارت جدلا كبيرا وعبّرت دول أوروبية في مقدمتها فرنسا واليونان عن رفضها لها.
وفي نوفمبر من العام الماضي وقّع فايز السراج اتفاقيتين تتعلق الأولى بترسيم الحدود البحرية والثانية عسكرية انتهت بإرسال تركيا لقوات وأسلحة لصد هجوم الجيش على طرابلس.
ويربط مراقبون تعرض باشاغا للإيقاف عن العمل من قبل فايز السراج نهاية أغسطس الماضي عندما كان في زيارة إلى أنقرة بصدور أوامر تركية لإبعاده من المشهد.
وتتعزز هذه التكهنات مع تعيين السراج لصلاح الدين النمروش وزيرا للدفاع في خطوة تهدف لإبعاد باشاغا، الذي تولى لأشهر مهمة قيادة المعركة ضد الجيش، عن الشؤون العسكرية.
ويتصاعد نفوذ النمروش بشكل لافت حيث بات المسؤول الأول عن الوضع العسكري في حين لا يتوقف عن إرسال رسائل رافضة للتسوية السياسية بمختلف مساراتها، في محاكاة تامة للموقف التركي.

ويحاول باشاغا التنفيس عن هذه الأزمات بإطلاق تصريحات لاسترضاء الغاضبين عليه كان آخرها تأكيده على انتهاء دور القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر.
وقال باشاغا الأسبوع الماضي “دور حفتر في ليبيا قد انتهى بعدما قام بارتكاب جرائمه، وآخرها الهجوم على العاصمة طرابلس، وبات مكشوفاً أمام العالم أجمع ولم يعد طرفاً في أيّ معادلة في الدولة الليبية، وتخلّت عنه العديد من الدول التي كانت تدعمه”.
ومن المتوقع أن يتعمق مأزق باشاغا في ظل تعثر مسار الحوار السياسي وفشله في الاتفاق على صيغة للتصويت لاختيار المرشحين لتولي أعلى المناصب في السلطة التنفيذية الجديدة.
ومن غير المعروف ما إذا كانت المبعوثة الأممية ستيفاني ويليامز ستقوم بمحاولة جديدة بعدما فشلت على مدى نحو شهرين في إحراز أيّ تقدم في حين نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر لم تذكرها أن ويليامز أغلقت ملف تشكيل سلطة تنفيذية جديدة وتركز حاليا فقط على إجراء الانتخابات في ديسمبر العام المقبل.
لكن تصريحات السفير الأميركي ريتشارد نورلاند عقب لقائه بباشاغا وتأكيده على أهمية نجاح الحوار السياسي لتحقيق الاستقرار، أعادت التفاؤل بشأن إمكانية تشكيل سلطة تنفيذية جديدة إلى الواجهة.
ويستعد باشاغا لإجراء زيارة إلى روسيا مطلع يناير المقبل وهو ما يعكس رضا روسيا عنه خاصة بعد إطلاق سراح الروسيين ماكسيم شوجالي وسامر حسن علي سيفان.
وربط مراقبون إطلاق سراح الروسييْن اللذين كانا معتقليْن في ليبيا بجهود التسوية، حيث لا يستبعد أن يكون باشاغا وراء إطلاق سراحهما مقابل دعم موسكو لتولّيه رئاسة الحكومة المقبلة.