يوتلسات يمنع بث القنوات السورية الرسمية بعد انتهاء المعارك

بعد ثماني سنوات من منع شركتي نايلسات وعربسات بث القنوات الرسمية السورية والمحطات الإذاعية انضم القمر الصناعي الفرنسي يوتلسات إلى هذه الخطوة. وبينما اعتبرت الحكومة السورية القرار في إطار الحرب الكونية على سوريا وتحدثت عن بدائل، قلل آخرون من أهمية الخطوة قائلين إنها لم تعد مؤثرة بعد انتهاء المعارك الحاسمة.
دمشق - اعتبرت الحكومة السورية قرار الإدارة الأوروبية للقمر الصناعي “يوتلسات” بمنع كافة قنوات الإعلام الرسمي من البث عبره بداية العام المقبل، استهدافا لـ”لإعلام الوطني السوري والشعب السوري ولتدمير الحالة المعنوية لديه”، فيما رأى متابعون أن الخطوة غير مؤثرة في الوقت الراهن بعد عشرة أعوام على بدء الحرب السورية.
ولم تفصح إدارة “يوتلسات” عن الأسباب الرئيسية التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار في الوقت الراهن، بعد أن وصلت المعارك السورية إلى نهايتها، ولم تعد الدعاية الإعلامية مؤثرة على أرض الواقع بانتهاء تشكيل خارطة التحالفات السياسية وتثبيت الدول المشاركة في الصراع لأقدامها ومصالحها في المناطق السورية، كما لم يعد المواطن يهتم بما يقوله الإعلام أمام ثقل الأزمات المعيشية المتوالية.
وخلال سنوات الحرب، انخرطت وسائل الإعلام السورية بمختلف سياساتها وتوجهاتها في خطاب الكراهية بين مكونات الشعب السوري، وشكلت أداة فعالة من أدوات الدعاية والتحريض على العنف، بلغت أوجها مع احتدام المعارك على عدة جبهات، وساهمت بدور كبير في الدعاية السياسية وبث المعلومات المضللة وتكريس الفوضى والانقسام بين مختلف فئات المجتمع.
واتهم وزير الإعلام السوري عماد سارة، إدارة قمر”يوتلسات” بأنها تنفذ الأوامر الأميركية، وقال إن “إنزال الفضائيات السورية يأتي استكمالاً للقرار السياسي للمحور الداعم للإرهاب الذي تترأسه الولايات المتحدة الأميركية وهي صاحبة ما يسمى قانون قيصر أو سيزر”.

عماد سارة: إدارة قمر يوتلسات الأوروبية تنفذ الأوامر الأميركية
وشمل القرار قنوات “الفضائية السورية”، “سورية دراما”، “نور الشام” و”سوريانا” و”التربوية السورية” و”الإخبارية السورية”. بالإضافة إلى المحطات الإذاعية “إذاعة دمشق” و”صوت الشباب” و”أمواج أف.أم”.وأضاف سارة بأن قرار منع البث هو “جزء من الحرب على سوريا، والتي تم فيها استخدام جميع أنواع الأسلحة الدينية والاقتصادية والإعلامية وغيرها”.
ورغم حديث سارة عن الحرب الإعلامية ضد سوريا وإدانة العديد من وسائل الإعلام المقربة من النظام بما فيه قسم العلاقات العامة في حزب الله ووسائل الإعلام الإيرانية التي تبث بالعربية وسخريتها من حرية التعبير الغربية بهذا القرار، إلا أن وسائل إعلام سورية معارضة قللت من أهمية القرار خصوصا أنه جاء متأخرا جدا وفي الوقت الضائع.
ومع عدم وجود بيان رسمي من إدارة يوتلسات، رجح متابعون أن يكون منع القنوات السورية الرسمية من البث عبر القمر الصناعي مرتبط بالعقوبات على عدد من الشخصيات السورية استنادا لقانون قيصر، وكذلك لإجراء مماثل اتخذته الإدارة مع التلفزيون الرسمي الإيراني عام 2012.
وقالت شركة الأقمار الصناعية يوتلسات في ذلك الوقت إنها توقفت عن نقل قنوات من محطة البث الحكومية الإيرانية بعد العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على إيران وحكم من هيئة تنظيم البث الحكومية الفرنسية.
وذلك بعد أن وضع الاتحاد الأوروبي الرئيس التنفيذي للتلفزيون الإيراني “إيريب” على قائمة “الأشخاص المشمولين بالعقوبات” بعد أن تم اكتشاف ضلوع “إيريب” في انتهاك حقوق الإنسان في برامجها.
وكانت القنوات السورية تبث على قمر “يوتلسات”، الذي يقع في مدار قمر “نايلسات”، بعد حجبها عام 2012، من قمري “نايلسات” و”عربسات” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك تنفيذاً لقرار اللجنة الوزارية العربية التابعة لـ”جامعة الدول العربية”.
وتوفر شركة “يوتلسات” الفرنسية للأقمار الصناعية، التغطية على كامل القارة الأوروبية، بالإضافة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والهند، وأجزاء كبيرة من آسيا والأميركيتين. وهي واحدة من أكبر ثلاث شركات مشغلة للأقمار الصناعية حول العالم، من ناحية الإيرادات.
حجب القنوات على قمر {يوتلسات} سيؤدي إلى اضطرار المتابعين للبحث عن قمر آخر، بالإضافة إلى البث عبر الإنترنت
ويهدف قرار الحجب الذي اعتمدته إدارات الأقمار الصناعية للحد من قدرة القنوات السورية الرسمية على إيصال محتواها للجمهور المستهدف.
وسيؤدي حجب القنوات على “يوتلسات” إلى اضطرار المتابعين للبحث عن قمر آخر، بالإضافة إلى البث عبر الإنترنت.
وتبحث الحكومة السورية عن بدائل للجمهور المحلي والخارجي، فقد أشار وزير الإعلام أن هناك نظام بث أرضي وعليه خمس قنوات تلفزيونية ويصل إلى عدد من المحافظات وقريباً سيصل إلى جميعها، وأضاف أن هناك اتفاقا مع الاتحاد الرياضي العام على تفعيل القناة الرياضية وأن يشرف عليها، ومن ضمن الخيارات الاعتماد على قمر روسي.
وأظهرت تقارير الرصد الإعلامي التي أجريت في عدة دول عربية أن خطاب الكراهية في المنطقة تزايد بعد الحراك السياسي في العام 2011، ما زاد في تعقيد طبيعة البنى الطائفية والعشائرية للمجتمعات العربية، إضافة إلى التدخلات الإقليمية والدولية.
ونشر “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، دراسة حول خطاب الكراهية والتحريض على العنف في الإعلام السوري، وذلك بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “يونسكو”.
وأثبتت الدراسة فرضية أن جميع وسائل الإعلام السورية، المقروءة والمسموعة والمرئية، الموالية للنظام السوري والمعارضة له والكردية، استخدمت خطاب الكراهية والتحريض على العنف.
وجاءت وسائل الإعلام الموالية في المرتبة الأولى بنسبة استخدام خطاب الكراهية بمعدل 27.4 في المئة، تلتها وسائل الإعلام الكردية بمعدل 25.7 في المئة، ثم وسائل الإعلام المعارضة بمعدل 14.1 في المئة.
وعزت الدراسة ارتفاع النسبة في وسائل الإعلام الموالية والكردية إلى عاملين، هما “مركزية القرار الإعلامي” و”الرقابة الإعلامية” في كل من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية ومناطق الإدارة الذاتية الكردية.