"الرجل الذي باع ظهره" سرد لمعاناة لاجئي سوريا بكاميرا تونسية

الفيلم مرشّح للمنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي بمهرجان الأوسكار في دورته الثالثة والتسعين.
الاثنين 2020/12/21
تلاق عنيف بين عالمي اللاجئين والفن المعاصر

تونس – شهد مهرجان أيام قرطاج السينمائية، السبت، عرض فيلم “الرجل الذي باع ظهره” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية.

وتروي أحداث الفيلم معاناة اللاجئين السوريين بداية من خروجهم من بلادهم وخلال رحلة بعضهم في اللجوء إلى أوروبا، وحتى بعد الوصول، وما يتخلله ذلك من استغلال جسدي ومادي وممارسات عنصرية تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان.

وحصل الفيلم على العديد من الجوائز الإقليمية والدولية، بينها جوائز في مهرجان البندقية السينمائي، ومهرجان السينما المتوسطية بمدينة باستيا الفرنسية.

ورشحت تونس العمل للمنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي بمهرجان الأوسكار في دورته الثالثة والتسعين المقرّرة في هوليوود بمدينة لوس أنجلس في 25 أبريل 2021.

وقصة الفيلم، كتبتها وأخرجتها التونسية كوثر بن هنية، ويلعب الدور الرئيسي في الفيلم الممثل الكندي من أصل سوري يحيى مهايني، إلى جانب الممثلين الفرنسيين ديا أليان وكريستيان فاديم والبلجيكي كوين دي بو والفنانة اللبنانية السورية دارينا الجندي والتونسيين نجوى زهير وبلال سليم، وبمشاركة شرفية للفنانة العالمية مونيكا بيلوتشي، ولحّن الموسيقى التصويرية الفنان التونسي أمين بوحافة.

وقالت بن هنية، إنها أرادت عبر الفيلم معالجة مسألة حرية التنقل التي يعاني منها اللاجئون السوريون وغيرهم من الذين ينتمون إلى العالم الثالث، ويتم منعهم من السفر لمجرد أنهم يمتلكون جواز سفر دولة بعينها.

وأضافت أن هذا الوضع يجعل أي شخص إما أن يوافق على أي عقد عمل، أو أن يضطر إلى قبول أي عرض غريب من نوعه حتى لو يُخسره كرامته.

وعن مشاركة مونيكا بيلوتشي في الفيلم، قالت بن هنية، إنها لم تكن لها أي علاقة أو اتصال بها في السابق، لكن بمجرد إرسال نص السيناريو إليها واطلاعها عليه وافقت مباشرة دون شروط لتضفي جمالا ومهنية على الفيلم.

كوثر بن هنية: عبر الفيلم أردت معالجة مسألة حرية التنقل التي يعاني منها اللاجئون
كوثر بن هنية: عبر الفيلم أردت معالجة مسألة حرية التنقل التي يعاني منها اللاجئون

و”الرجل الذي باع ظهره” هو خامس فيلم طويل في مسيرة بن هنية كتابة وإخراجا، والذي تحاول من خلاله تصوير الوضع السوري عبر رؤيتها الخاصة للأحداث السياسية والاجتماعية عبر قصة شاب سوري اسمه سام علي، ينقش تأشيرة “شينغن” على ظهره بعد هربه من وطنه سوريا إلى لبنان، حيث يلتقي برسام أميركي يمكّنه من السفر إلى أوروبا.

ويستغل بطل الفيلم ظهره لعرضه في الفضاءات الفنية، حيث يتعرّف على المسوؤلة عن تنظيم هذه المعارض ثريا والدي، التي تجسّدها النجمة الإيطالية مونيكا بيلوتشي في أول ظهور لها في السينما العربية.

وتروي بن هنية في الفيلم قصة سام علي الذي لم يولد “في الجهة المناسبة من العالم”، إذ هو شاب سوري اضطر بعد تعرّضه للتوقيف اعتباطيا إلى الهرب من بلده سوريا الغارق في الحرب، وأن يترك هناك الفتاة التي يحبها ليلجأ إلى لبنان.

وانطلقت الدورة الحالية من أيام قرطاج السينمائية، في الثامن عشر من ديسمبر الجاري، وستشهد الفعالية التي تستمر حتى الثالث والعشرين منه عرض أكثر من 120 فيلما مشاركا من 16 دولة عربية وأفريقية، هي تونس، والسودان، والغابون، وساحل العاج، والسنغال، والمغرب، والجزائر، ومصر، وفلسطين، والكونغو الديمقراطية، والكاميرون، ومالي، وسوريا، وموزمبيق، وإثيوبيا وأفريقيا الجنوبية.

و كرّم المهرجان في الافتتاح اسم الراحل الشاذلي القليبي (1925-2020) أول وزير للثقافة في تونس وكذلك الممثل المصري عبدالعزيز مخيون بمنحهما التانيت الشرفي للأيام.

كما تم عرض ستة أفلام تونسية وأفريقية قصيرة تختزل إرث المخزون السينمائي الذي مرّ على امتداد دورات المهرجان الثلاثين السابقة وطبعت عميقا في ذاكرة مريدي الأيام وعشاق الفن السابع عموما، وعنها قال المدير الفني للأيام إبراهيم اللطيف “هي بمثابة الاحتفاء برواد سينما القارة السمراء، ومخرجي هذه الأعمال”.

والأفلام الستة هي “المصباح المظلم في بلاد الطرنني” للتونسي طارق الخلادي، و”الوقت الذي يمر”، لسنية الشامخي، و”على عتبات السيدة” للمخرج فوزي الشلي. بالإضافة إلى فيلم “الماندا” للتونسي هيفل بن يوسف، و”السابع” للتونسي علاء الدين أبوطالب، و”سوداء 2″ للمخرج الحبيب المستيري. وكلها أعمال قصيرة مقتبسة من أفلام طويلة تم إنتاجها بين عامي 1966 و1996.

وقال رضا الباهي، المدير العام للمهرجان، إن هذه الدورة تعتبر استثنائية؛ لأنها تكيّفت مع الظرف الصحي الاستثنائي الذي تمر به تونس والعالم.

وأضاف في كلمة ألقاها خلال حفل الافتتاح “اشتغلنا تحت الضغط لتسليط الضوء على السينما والفاعلين فيها، والذين كتبوا مع بعضهم البعض تاريخ هذا المهرجان.

واعتبر أن فلسفة المهرجان هذه السنة، “تكريم لأفلام كبرى أثرت في العقود الماضية الخزينة السينمائية التونسية، فضلا عن أعمال أفريقية ذات وزن فني عظيم”.

وجاء افتتاح الدورة الجديدة بعد تأجيله ستة أسابيع عن الموعد الأصلي بسبب جائحة كورونا التي ألقت بثقلها على الأنشطة الثقافية بالبلد، الأمر الذي جعل وزارة الثقافة التونسية تلغي في وقت سابق أكثر من 700 تظاهرة ثقافية، بما فيها أيام قرطاج المسرحية.

وتأسّس مهرجان أيام قرطاج السينمائي عام 1966 وكان يقام كل عامين بالتداول مع أيام قرطاج المسرحية قبل أن يصبح تظاهرة سنوية.‎

17