تغريدة تصادر حساب إعلامي قطري وتحكم عليه بالسجن والغرامة

كتاب وصحافيون وشعراء قطريون يدركون الحدود المسموح لهم بها عند نقد السلطات والعمل الحكومي بعد تعديل قانون العقوبات الذي يقيّد هامش حرية التعبير.
الثلاثاء 2020/12/15
فيصل المرزوقي على وضع "الصامت"

تثبيت حكم السجن على الكاتب القطري فيصل المرزوقي ومصادرة حسابه على تويتر، بالإضافة إلى تغريمه 30 ألف ريال قطري بسبب تغريدة على تويتر، يثير جدلا واسعا.

الدوحة- أثارت تغريدة للكاتب القطري فيصل المرزوقي على تويتر ودّع فيها متابعيه البالغ عددهم قرابة 195 ألف متابع، وهو جمهور كبير بالمقارنة بعدد سكان قطر، تنفيذا لحكم قضائي، جدلا واسعا.

وكتب المرزوقي، الذي يضع صورة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كصورة لحسابه ممهورا بتصريحه لقناة س.بي.أس الأميركية “فخور بشعبي”، “بكل أسف وصلني اليوم خبر تثبيت حكم محكمة الاستئناف بشأن تغريدة والحكم بالسجن ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ ثلاث سنوات”. وأعلن أيضا مصادرة حسابه على تويتر بالإضافة إلى تغريمه 30 ألف ريال قطري. وأضاف المرزوقي:

marzoqi_w@

الحمدلله على كل حال، ولكل من قد أخطأت بحقهم من حيث لا أعلم سامحوني، ولكل من أساء إليّ أقولها من القلب مسموح أستودعكم الله.

ولم يعلن المرزوقي عن التغريدة التي أغضبت السلطات وحوكم بسببها، ولم يتضح إن كانت ترتبط بانتقاد نظام التعليم قبل أشهر، أم بانتقادات أخرى وجهها إلى المسؤولين عن سوق الأسهم القطرية، كما زعم مغردون. وقال المرزوقي في تغريدة منتقدا نظام التعليم في بلاده في 10 يونيو الماضي:

وانتقد معلق:

EL_FA8AD@

المغرد والكاتب فيصل المرزوقي كانت له مقالات نادرة أتى بها على وزارات سيادية في بلده، ورغم ذلك لم يستشط إلا غضب مسؤول في وزارة تُعنى بتأهيل النشء بعد أن أثار رأيا حولها. ولا يعلم عن حقيقة ذلك الادعاء، ولم يخرج تصريح من الطرف الآخر ليضع النقاط على الحروف!

وكتب المرزوقي منتقدا البورصة في مارس الماضي:

ورجح مغردون أن تكون هذه هي التغريدة التي صدر الحكم الصادم بشأنها، مؤكدين أن “ردة الفعل (المثال الوارد بالقرآن الكريم) تكون طبيعية عندما يخسر الناس شقاء أعمارهم ولا يجدون حراكا من الجهة المعنية”.

وتهكمت عائشة الخليفي على قرار المحكمة لكون المرزوقي ذكر الحمار وقالت “لو استبدلنا الأسد بالحمار، هل كان قرار المحكمة سيكون مختلفا؟”. ولا يبدو أن المرزوقي ينوي اللجوء إلى آخر درجات التقاضي، وهي محكمة التمييز، حيث ودّع متابعيه، وتوقف عن التغريد منذ الأربعاء الماضي.

ورغم الانتقادات التي يوجهها المرزوقي في مقالات رأي، نشرها قبل سنوات في الصحف المحلية، أو في حسابه بموقع تويتر، لمؤسسات الحكومة، فإنه يدافع عن قيادة بلاده وسياستها. وفي شهر يونيو الماضي، كتب المرزوقي عبر تويتر:

marzoqi_w@

الكثير من القضايا أو حتى الإشكاليات مع بعض الجهات يمكن حلها بالكلام الطيب وحسن التعامل، هذا ما ينقص “العلاقات العامة”، لبعض الجهات أسلوب التخويف والتهديد، وهو ما يعكس تورطا مبطنا، كما أنه لا يصدر من جهة محترمة.

وفي نفس الفترة أعلن الكاتب استدعاءه لأجل تغريدة، ردا على إعلان الكاتب القطري محمد الكبيسي حينها، الذي كتب في تغريدة أنه تم استدعاءه بسبب بعض التغريدات وأضاف “قبل أن أتكلم قال الضابط إن تلك الجهة جانبها الصواب”. وقال المرزوقي حينها:

من جانب آخر قوبل إعلان المرزوقي عن صدور الحكم ضده، ووداعه لمتابعيه في تويتر باعتراض كبير. وقال الكاتب القطري عيسى محمد آل إسحاق:

issaalishaq@

قضية أخونا فيصل المرزوقي تؤكد ضرورة وجود جمعية للكتاب والأدباء في الدولة. لن ينهض الوطن ويتقدم إلا من خلال #منظمات_المجتمع_المدني.. لذلك أصبح لزاما السماح بإنشاء الجمعيات التخصصية والمهنية ليتفاعل المواطن مع قضاياه، ويطرح وجهات نظر متعددة، مما يساهم في تطور المجتمع والوطن.

ووصل الأمر حد المطالبة بتفعيل المحكمة الدستورية. وغرد آل إسحاق:

وغرد النائب الثاني لرئيس اللجنة الأولمبية القطرية رئيس الاتحاد القطري لألعاب القوى ثاني الكواري:

ThaniDR@

يا صاحب الفرج يا عالي بلا درج يا من شق البحر لموسى حتى خرج، أخرج فيصل محمد المرزوقي من الضيق إلى الفرج.

وأعرب معارضون قطريون يقيمون خارج البلاد، عن غضبهم من الحكم. وغرد المعارض القطري وأحد أبناء قبيلة الغفران جابر آل كحله:

وتسعى قطر لتحسين صورتها على مختلف المستويات، مع اقتراب موعد استضافتها لمونديال 2022، وهو حدث عالمي يحظى بتغطية إعلامية عالمية، ويشكل اختبارا للبلد الخليجي الصغير على القدرة على تجنب الانتقادات خاصة في مجال حقوق الإنسان.

وتقدم قطر نفسها كداعم لحرية التعبير في بلدان “الربيع العربي” لكنها سبق أن سجنت الشاعر محمد بن الذيب في نوفمبر 2011 بعد قصيدة بعنوان “قصيدة الياسمين” هنأ فيها تونس بثورتها وتمنى فيها أن يصل التغيير إلى بلاد عربية أخرى، مع تلميحات قوية في القصيدة تشير إلى قطر.

وفي القصيدة، يقول بن الذيب “عقبال البلاد اللي جهل حاكمها يحسب أن العز في القوات الأميركية”. ويضيف أيضا “كلنا تونس في وجه النخبة القمعية”. وحُكم عليه بالسجن المؤبد ثم خفّف الحكم إلى 15 عاما. وعفا عنه الشيخ تميم لاحقا. وأعلن بن الذيب في وقت سابق اعتزاله الشعر بعد قصيدة رثا فيها الجنرال الإيراني قاسم سليماني وجرت عليه انتقادات واسعة. وفي شهر أبريل الماضي، كشف الشاعر القطري عبدالله السالم، عن استدعائه من قبل جهاز الأمن، بسبب تغريدات جريئة نشرها على حسابه.

وسبق وأن عوقب الصحافي القطري فرج مزهر الشمري، المرشح السابق للمجلس البلدي، على معارضته للسلطات بتجريده من الجنسية ومن أملاكه ونفيه خارج البلاد. وكان الشمري كتب مقالا بعنوان “عين عذارى”، يطالب فيه بتخفيض الرسوم والضرائب على القطريين، وذلك في عموده الصحافي الذي كان يحمل عنوان “البُعد الرابع”، في صحيفة الراية القطرية.

رغم الانتقادات التي يوجهها المرزوقي في مقالات رأي، نشرها قبل سنوات في الصحف المحلية، أو في حسابه بموقع تويتر، لمؤسسات الحكومة، فإنه يدافع عن قيادة بلاده وسياستها

ويدرك غالبية الكتاب والصحافيين والشعراء القطريين الحدود المسموحة لهم بنقد السلطات والعمل الحكومي، وهي أوطأ الخطوط الحمراء المرسومة لهم، إذا ما قورنت بمس الأسرة الحاكمة والفساد بأي طريقة نقد بناء من أجل مصلحة البلاد، إلا أن بعضهم بدأ يمرر أفكارا وأراء شجاعة تكشف الاختلال داخل بنية الحكم.

رغم أن المراقبين الإعلاميين لا يتوقعون أكثر من مقالات وآراء في الصحافة القطرية أو موقع تويتر لا تتجاوز الخطوط المرسومة لهم، إلا أنه أمر صحي. وينتاب الصحافيين والكتاب القطريين توجس أن يلقوا نفس مصير بعض الإعلاميين والشعراء المعارضين في قطر، إذا ما انتقدوا الأداء الحكومي والخطط المستقبلية في استثمار الأموال الطائلة التي تدرها حقول الغاز في البلاد.

وقامت قطر بتعديل قانون العقوبات الذي يقيّد هامش حرية التعبير الضيق أصلا عبر فرضها عقوبات جنائية ضد نشر “أخبار كاذبة” على الإنترنت.

19