الجزائر تصعّد لهجتها ضد أطراف تهدد أمنها

الجزائر – صعّدت الجزائر من لهجتها تجاه الأطراف المحركة للتجاذبات الأمنية المسجلة في حدودها الإقليمية، وإذ لم تسمّ تلك الأطراف، فإنها أعربت عن استعداد مؤسستها العسكرية لمواجهة كل الأخطار المحدقة، وضمان أمن وسلامة ترابها الوطني، وهي حدّة غير معهودة في الخطاب الرسمي للجزائر، مما يترجم هشاشة الوضع في المنطقة، ويفتح المجال أمام أي انفجار بها.
وأطلقت مجلة الجيش (لسان حال المؤسسة العسكرية الجزائرية) في عددها الأخير الصادر، الاثنين، رسائل حادة إلى أطراف لم تذكرها بالاسم، قالت إنها “تعمل على تهديد الأمن الإقليمي في المنطقة، واستغلال الوضع الداخلي للبلاد لإحباطها”.
وذكرت المجلة في افتتاحيتها، بأن “هناك أطرافا تهدد أمن المنطقة وتحاول الالتفاف حول قيادة البلاد لإحباطها، وأن مواجهة هذه المخططات العدائية التي تستهدف البلاد تستدعي بالضرورة أن يدرك الشعب الجزائري، حقيقة الأهداف الخفية التي تحاول الجهات المعادية لبلادنا تحقيقها، وعلى هذا النحو سيكون بوسع شعبنا إفشالها كما كان عليه الأمر في كل مرة حاولت فيه هذه الدوائر المعادية النيل من بلادنا”.
ويسمح عدم ذكر الجهات المقصودة بفتح تأويلات مختلفة، لاسيما مع تسجيل تسلسل عدة أحداث وحتى تزامنها في توقيت واحد، على غرار الاتفاقية الفرنسية الأمنية في مالي، التي أفضت إلى إطلاق سراح العشرات من الجهاديين منهم العديد من الجزائريين يرجح أن يتحوّلوا إلى عبء أمني على الشريط الحدودي، والتطورات الحاصلة في منطقة الكركرات، فضلا عن لائحة البرلمان الأوروبي حول وضعية حقوق الإنسان والحريات الدينية والإعلامية.
وإذ سجلت الجزائر تراجعا لافتا في الملف الليبي، حيث توقفت مساهماتها واتصالاتها الدبلوماسية، مقابل توزع أجندة حل الأزمة المذكورة على عدة عواصم غربية وعربية، فإن رسائل النشرية الناطقة باسم الجيش، ألمحت إلى أخطار حقيقية تستهدف أمن واستقرار البلاد، وكرست مقاربة “المؤامرة” المطروحة بقوة في خطاب السلطة، حتى بالنسبة إلى سلسلة الحرائق الغابية التي سُجلت خلال الأسابيع الماضية، والتي نسبت التحقيقات الأمنية وقوف أطراف خارجية وراء الأيادي التي نفذتها.
وشددت مجلة الجيش، بأن “الجيش مستمر في الحفاظ على جاهزيته العملياتية وتأهبه الدائم تنفيذا لمهامه الجوهرية، المتمثلة في التأمين الشامل لحدودنا وصون حرمة البلاد والدفاع عنها، ضد كل من تسوّل له نفسه الأمارة بالسوء المساس بها”.
ولفتت إلى أن “الوضع الإقليمي المتردي على طول شريط حدودنا وقيام بعض الأطراف مؤخرا بتهديد أمن المنطقة، وإن كان بشكل غير مباشر، يعنينا وعلينا الاستعداد لمواجهته بل يتحتم علينا ذلك، كون بلادنا لها التزامات إقليمية يفرضها دورها المحوري، إضافة إلى مبادئها التي لا تحيد عنها والمتمثلة في نصرة كل القضايا العادلة”.
وفي المقابل أعرب رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد، في الدورة الاستثنائية الـ14 لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي حول مبادرة “إسكات البنادق”، عن “قلق بلاده الكبير” إزاء استمرار دفع الأموال كفدية لجماعات إرهابية في الساحل الأفريقي مقابل تحرير رهائن غربيين.
وذكر في الكلمة التي بثت بواسطة تقنية “فيديو كونفرانس”، بأن “الجزائر تسجل بقلق كبير تواصل تحويل مبالغ هامة للجماعات الإرهابية مقابل تحرير الرهائن، وهو أمر يعيق جهودنا في محاربة الإرهاب”.
و”إسكات البنادق”، هي مبادرة أطلقها الاتحاد الأفريقي العام 2013، بهدف جعل القارة السمراء خالية من الصراعات بحلول عام 2020.
وجاء ذلك بعد تسلسل عمليات توقيف ثلاثة إرهابيين من جنسية جزائرية، كانوا قد استفادوا من الصفقة الفرنسية في مالي، التي تم بموجبها تحرير عدد من الرهائن الغربيين مقابل إطلاق سراح أكثر من 200 إرهابي، فضلا عن فدية مالية تضاربت الأنباء بشأن قيمتها بين من يقول أنها تقدر بـ10 ملايين وبين من يقول بـ30 مليون دولار.