انهيار الطلب يقوّض صادرات الغاز الجزائرية

تفاقمت التحديات أمام الحكومة الجزائرية التي باتت تحصي الخسائر الواحدة تلو الأخرى حيث من المتوقع انخفاض صادرات الغاز مدفوعة بانهيار الطلب العالمي بفعل فايروس كورونا والمنافسة الأميركية.
الجزائر - زاد انهيار الطلب على الغاز من الضغوط على الحكومة الجزائرية حيث قلّل هوامش تحركها بفعل انهيار إيرادات الغاز والنفط معا، ما راكم المزيد من التحديات في وقت تشهد فيه البلاد أزمة نقص سيولة صاحبها عجز قياسي في الموازنة.
ونسبت وكالة رويترز لوزير الطاقة الجزائري عبدالمجيد عطار قوله إن “من المتوقع تراجع صادرات الغاز الجزائرية 4.7 في المئة العام الجاري، بفعل تراجع الطلب من أوروبا والمنافسة من إمدادات أميركية أرخص”.
ومن المتوقع أن تبلغ صادرات الجزائر، التي تسهم مبيعات النفط والغاز بنسبة 95 في المئة من دخلها، 41 مليار متر مكعب من الغاز هذا العام، انخفاضا من 43 مليار متر مكعب في 2019، بحسب الوزير.
وبلغت إيرادات النفط والغاز 33 مليار دولار في 2019 ومن المتوقع أن تسجل 23 مليار دولار في العام الحالي.
وقال عطار إن “إجمالي إنتاج الغاز سيصل إلى 126 مليار متر مكعب، مقابل 127 مليار متر مكعب في 2019، إذ تأثر الإنتاج بتقادم الحقول ونقص الاستثمار بينما نما الاستهلاك المحلي 5.3 في المئة سنويا منذ 2009 ليصل إلى 46 مليار متر مكعب العام الماضي”.
وسنت الجزائر العام الماضي قانونا للطاقة يستهدف تعزيز الجاذبية الاستثمارية لقطاعات النفط والغاز لكنها لم تنشر بعد لائحته التنفيذية الضرورية للاسترشاد بها عند أخذ قرارات الاستثمار.
ويهدد التراجع غير المسبوق للطلب العالمي على الغاز الدول المصدرة لهذا المنتج بالانهيار مثل الجزائر التي تراجع نشاطها الاقتصادي بصفة متسارعة أكثر منذ انتشار فايروس كورونا.
ويواجه الاقتصاد الجزائري ضربات متتالية بسبب اعتماده الشديد على سلعة وحيدة وهي صادرات الغاز، وبدرجة ضئيلة على صادرات النفط، التي تتعرض هي الأخرى إلى تراجع العوائد.
ويرجع الانخفاض بشكل رئيسي إلى ركود الإنتاج وارتفاع الاستهلاك المحلي وعدم كفاية الاستثمار. وبلغت صادرات الجزائر من الغاز ذروتها في 2005 عند 64 مليار متر مكعب. وسجلت الصادرات 51.4 مليار متر مكعب في 2018 وتستمد الجزائر 95 في المئة من إيراداتها الخارجية من مبيعات النفط والغاز.
وتسببت جائحة كورونا في انخفاض قيمة الدينار وارتفاع التضخم وتوقف الشركات عن العمل، إلى جانب انخفاض عائدات النفط.
وحذر خبراء الاقتصاد من أنه إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لمواجهة الوضع على نطاق واسع، فإن اللجوء إلى الاستدانة الخارجية سيصبح أمرا لا مفر منه.
ودخلت الجزائر منذ فبراير الماضي في جولة حاسمة لإعادة هيكلة شركة سوناطراك، إحدى بؤر الفساد في عهد الحكومات السابقة، في تحرّك وصفه محللون آنذاك بأنه منقوص إذا لم تتمكن الحكومة من تغيير العقلية القديمة في التعامل مع قطاع النفط والغاز.
وأعلنت حكومة الرئيس عبدالمجيد تبون عن تنصيب إدارة جديدة في أعلى هرم الذراع النفطية للدولة، في أحدث خطوات تنفيذ الإصلاحات العاجلة، التي يطالب بها الحراك الشعبي منذ الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق عبدالعزيز بوتفليقة.
وعكس التأخر في تنفيذ استراتيجية واضحة المعالم لتطوير القطاع حجم العراقيل المتراكمة والتي زادتها الأزمة الاقتصادية منذ منتصف 2014، أمام تنفيذ خطط الخروج من الاقتصاد الريعي.
ويرى محللون أن الخطوة التي اتخذتها الجزائر لترتيب عمل الشركة وجعلها تؤدي دورها بالشكل المطلوب ليست كافية إذا لم يصاحب هذه الخطة برنامج متكامل لتغيير عقلية إدارة قطاع النفط والغاز.