ثلاثون فنانا سوريا يحتفون افتراضيا ببيكاسو عبر معرض عالمي في ملقا

الفنانون السوريون يشاركون إلى جانب ألف فنان من مختلف أنحاء العالم في المعرض بشكل افتراضي.
الخميس 2020/11/05
أعمال لها بصمة وهوية وقضية خاصة (لوحة للتشكيلي رأفت الشبعاني)

ملقا (إسبانيا) - تتواصل فعاليات معرض بيكاسو العالمي للفن التشكيلي في مدينة ملقا الإسبانية، مسقط رأس الفنان، إلى غاية الثلاثين من نوفمبر الجاري. وقد بات المعرض ظاهرة دولية تحظى سنويا بمشاركة واسعة من قِبل الفنانين من مختلف أنحاء العالم، يحيون مجتمعين ذكرى أحد أهم الفنانين الذين أنجبهم القرن العشرون.

وإلى جانب مشاركة نحو ألف فنان من مختلف مناطق العالم، يتسم المعرض هذا العام بمشاركة سورية واسعة قوامها 30 فنانا وفنانة من سوريا، بعد أن كانت تقتصر في دورات سابقة على مشاركات فردية.

ويقام المعرض بشكل واقعي للفنانين الإسبان وبصورة افتراضية للفنانين من باقي أنحاء العالم، نظرا إلى الظروف التي فرضتها جائحة كورونا.

ووفق منسق المعرض عن الجانب السوري الفنان التشكيلي رأفت الشبعاني فإن الفنانين السوريين الذين تم اختيارهم يمثلون جميع محافظات البلاد، وقد قدموا أعمالا من وحي أسلوب بيكاسو على مدار تجربته الفنية.

واعتبر الشبعاني المعرض منبرا للإبداع الفني وخيمة وارفة يلتقي في رحابها الفنانون التشكيليون العرب والأوروبيون ويتبادلون من خلالها الخبرات والتجارب الفنية، لافتا إلى أن هدف المشاركة السورية هو إظهار التطور الذي عرفه المحترف التشكيلي السوري خلال السنوات الأخيرة.

ويشارك الفنان الشبعاني في معرض بيكاسو بلوحة عنوانها “المستقبل” على خامة الإكريليك، تعكس رؤيته البصرية والفكرية عبر رموز وخطوط وألوان هي مزيج بين الفرح والحزن معبرة عن حالته النفسية والفترة الزمنية التي رسم فيها لوحته.

ويمتلك الشبعاني مسيرة فنية تناهز الأربعين عاما رسم لنفسه فيها خطا فنيا خاصا به، حيث تتميز الألوان التي يختارها في لوحاته بعنصر الإبهار وخاصة اللون الأزرق بدرجاته والذي يصنع منه عوالم تحاكي الإنسان وتنقله إلى فضاء من الطمأنينة والسكون.

وفي إطلالة على تجربة فنية أخرى تمثل البيوت المختزنة للذكريات في زواياها وبين جدرانها جوهر اللوحات الثلاث التي يشارك بها الفنان التشكيلي علي جروان في معرض بيكاسو العالمي.

وبنى جروان هذه اللوحات بإحساس عال كما طغت عليها تدرجات اللون الأزرق مع دمجه لألوان أخرى تداخلت مع مفردة الطيور التي تعطي الأمل والتفاؤل للمشاهد.

وفي تصريح إعلامي له بيّن جروان أن فكرة المشاركة في المعارض الفنية العالمية جديرة بالاهتمام وتمثل رافدا للحركة التشكيلية على الساحة السورية من حيث الاحتكاك مع تجارب فنانين أجانب، معتبرا أن الفنانين السوريين المشاركين في المعرض اجتمعوا على إيصال رسالة واحدة مفادها أن فناننا يحب الحياة ويعمل لبناء وطنه.

وبيّن جروان أن الفن التشكيلي السوري الذي كان رائدا قبل الحرب لا يزال يتصدر المشهد العربي والدولي، ولم تحبطه الحرب وتبعاتها، معربا عن تفاؤله بالبصمة المميزة التي سيتركها الفنان السوري في هذا المعرض لكون الأعمال المشاركة جيدة وستثبت وجودها.

لوحة للفنان التشكيلي علي جروان
لوحة للفنان التشكيلي علي جروان

وعن انتشار ظاهرة المعارض الافتراضية التشكيلية قال جروان “هي تجربة حرة وراقية لديمومة الحركة الفنية واستمرار التواصل الفني بين جميع فناني العالم ومتذوقي الفن فضلا عن توثيق الأعمال الفنية، كما تعتبر هذه المعارض نقطة انطلاق في النهوض بالمشهد الثقافي وتشجيع الإبداع الفني”.

وفي لوحات جروان الأخرى نجد حضورا مستمرا للأمل والانكسار عبر تناسق لوني ممتد يجذب المتلقي تجاه التكنيك المستخدم في اللوحة بطريقة ساعدت الفنان على بناء شخصية فنية خاصة كرسها لخدمة القضية الفلسطينية، فالفن بالنسبة إليه يجب أن يحمل رسالة ولاسيما المعبرة عن إنساننا وقضاياه.

ونذكر أن الفنان التشكيلي علي جروان عضو في الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين، وهو حاصل على عدة جوائز منها الجائزة الثالثة بمسابقة يوم القدس العالمي، كما أقام وشارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل سوريا وساهم في الحملة العالمية لحق العودة برسم جدارية القدس مع مجموعة من الفنانين في بيروت. ومن الفنانين السوريين المشاركين في معرض بيكاسو كذلك نجد الفنان التشكيلي أكرم العلي، وهو من مواليد عروس الفرات دير الزور عام 1955، وخريج جامعة دمشق قسم الفلسفة.

ويستخدم العلي أسلاك النحاس والفضة إلى جانب ألوان اختارها بعناية ليحولها إلى لوحات فنية تجسد رسالته في عالم التشكيل. ويشارك بها في المعرض كجزء من تجربته الفنية التي شهدت تحولات كبيرة على امتداد العقود الماضية.

ويعمل الفنان على تطوير مشروعه الفني بشكل مستمر من خلال إدخال أسلاك النحاس والفضة إلى مجسمات الخشب التي يصنعها، إضافة إلى الرسم على الحجر والرخام وزخرفة الأواني الفخارية من خلال تطعيمها بهذه الأسلاك.

ونذكر أن الفنان أكرم العلي لم يتلق تكوينا أكاديميا، وإنما عمل على تطوير موهبته بشكل ذاتي، ولاسيما أنه نشأ في منزل مشبع بالشغف في الحِرف اليدوية والعمل بها فوالده كان نجارا ومصمم ديكور ووالدته كانت تعمل بالتطريز اليدوي على المفروشات والستائر.

14