فضائيات الأخبار تراهن على النجوم لاستعادة المشاهدين

"نيو لوك" وفضائيات إخبارية جديدة ومواضيع جدلية لزيادة المتابعة.
الأربعاء 2020/10/07
القنوات الإخبارية تجدد انطلاقتها

خسرت القنوات الإخبارية العربية نسبة ليست قليلة من متابعيها الذين توجهوا نحو القنوات الإخبارية العامة والمحلية في السنوات الأخيرة، لذلك تحاول  اليوم مواكبة تغير أنماط المشاهدة لدى الجمهور بتنويع برامجها والاستعانة بنجوم الإعلام.

تونس - بلغت القنوات الإخبارية العربية من الأهمية ما جعلها إحدى الأدوات التي غيرت وجه الحراك السياسي في العالم العربي مع انطلاق ثورات 2011، حيث كانت هذه القنوات الوجهة الأولى للجمهور العربي بلا منازع، لكن هذا التأثير بدأ بالتراجع في السنوات الأخيرة حين أصبح المشاهد مثقلا بالقضايا السياسية ويبحث عن فسحة ترفيه.

وانتقلت القنوات الإخبارية العربية إلى المرتبة الثانية في تفضيلات الجمهور وخسرت نسبة لا يستهان بها من المشاهدين لصالح القنوات الفضائية العامة والمحلية، إذ تقدم الشبكات التلفزيونية العامة على غرار مجموعة “إم.بي.سي” وقنوات “أبوظبي” و”دبي” وغيرها من الشبكات اللبنانية والمصرية المتنوعة وجبة برامجية متكاملة من السياسة والرياضة والترفيه والقضايا الاجتماعية وتستعين بالمشاهير ونجوم الإعلام والفن لجذب الجمهور ورفع نسبة المشاهدة.

وتركز التلفزيونات المحلية في الدول العربية على جمهورها وتخصص غالبية برامجها للشأن المحلي وتتناول من القضايا الإقليمية والدولية ما يهم الرأي العام الداخلي بالدرجة الأساسية، فالمشاهد التونسي لديه موعد ثابت مع نشرة أخبار الثامنة على التلفزيون الوطني لمتابعة آخر المستجدات المحلية والقرارات الحكومية المتعلقة بوباء كورونا وتطورات المشهد السياسي وتأثيره على حياته اليومية، والمشاهد المصري أو الأردني أو الجزائري لا يفوت النشرة الرئيسية في التلفزيون الوطني.

وتفيد استطلاعات الرأي المختلفة في الدول العربية التي تسمح بنشر هذه النتائج أن القنوات المحلية تحتل المراتب الأولى في نسب المشاهدة لاسيما في شهر رمضان حيث تشهد برامج الترفيه والمنوعات والمسلسلات الدرامية المنتجة محليا إقبالا جماهيريا فتضع هذه الفضائيات في أعلى قائمة المتابعة.

وهذا التغيير في سلوك المشاهدين فرض على القنوات الإخبارية إعادة النظر في خارطتها البرامجية، بمنح الترفيه أو المنوعات حيزا من مساحتها، إلى جانب نشرات الأخبار والبرامج السياسية والوثائقية.

وحرصت القنوات الإخبارية على الظهور بإطلالة جديدة أكثر جاذبية للمشاهد من الاستوديو التقليدي للأخبار والبرامج السياسية ذات المظهر الجاد، فكان لقضايا مواقع التواصل الاجتماعي حضور بارز، إذ تخصص غالبية القنوات الفضائية الإخبارية برنامجا لمناقشة ما يشغل المستخدمين العرب وتستضيف النجوم والمشاهير الذين يتصدرون الحديث على الشبكات الاجتماعية.

وفي هذا الإطار أعلنت “سكاي نيوز عربية” الشهر الماضي انطلاقتها الجديدة، التي تقدم من خلالها إطلالة مبتكرة لإعلام عصري يواكب التطورات والمتغيرات على الساحة الإعلامية، ويعزز مكانة القناة في ريادة التطوير والارتقاء بالعمل الإعلامي، وفق ما ذكرت في جلسة مباشرة على موقع فيسبوك.

ناصر جبارة: الاستقطاب السياسي الحاد يشجع على محاولة التأثير على الجمهور
ناصر جبارة: الاستقطاب السياسي الحاد يشجع على محاولة التأثير على الجمهور

واستقطبت القناة المقدم اللبناني نديم قطيش من قناة العربية ليقدم برنامجا شبه يومي عن أحداث الساعة واجتذبت أيضا المقدمة اللبنانية جيزال خوري من قناة “بي.بي.سي.عربي” لتقديم برنامج حواري.

وتنتظر القناة أن يأتي النجمان التلفزيونيان بجمهورهما معهما بالرغم من تغيير صيغة البرنامجين بين القنوات الأصلية و”سكاي نيوز عربية”.

وخصصت برنامجا يوميا جديدا بعنوان “السؤال الصعب”، تقدمه فضيلة السويسي لاستضافة شخصيات سياسية أو اجتماعية أو ثقافية أو فنية أو رياضية مثيرة للجدل، إلى جانب برنامج أسبوعي جديد بعنوان “نجاحهن”، يتناول قصص النجاح التي كان أبطالها من النساء اللواتي تمكنّ عبر المثابرة والإبداع والإصرار من تحقيق طموحاتهن وصنعن حاضرا ومستقبلا أفضل لهن.

كما تخصص القنوات الإخبارية برنامجا صباحيا منوعا يتضمن فقرات بعيدة عن السياسة تجمع بين مختلف الفنون والسياحة والترفيه والأزياء مرورا بالتغذية والطبخ والاستشارات الطبية، مثل “صباح العربية” على قناة العربية السعودية، و”الجزيرة هذا الصباح” على قناة الجزيرة القطرية.

ويؤكد خبراء إعلام أن ميل الجمهور العربي نحو الترفيه والمنوعات لا يلغي اهتمامه بالقضايا السياسية والأخبار وآراء المختصين والمحللين حول ما يجري في المنطقة، إلا أن المسألة نسبية وما اختلف هو معدل المتابعة للسياسة وتراجعها وليس هجرتها تماما، لذلك تحاول القنوات الإخبارية مواكبة تغير أنماط المشاهدة لدى الجمهور بتنويع برامجها، إضافة إلى أن هذا التراجع جعل المنافسة بين القنوات الإخبارية أكثر جدية لإقناع الجمهور بمتابعتها.

ويضيف الخبراء أن القول إن الجمهور العربي ملّ السياسة غير دقيق تماما فما تزال السوق تتسع لمزيد من اللاعبين في منطقة تشهد تطورات متواصلة ونزاعات إقليمية.

ويجري الحديث حاليا عن الاستعداد لانطلاق قناة “الشرق بلومبيرغ” من دبي وستتفرع منها؛ قناة تلفزيونية، وإذاعة ومنصات رقمية متخصصة، لتكون منافسا قويا للقنوات الإخبارية الموجودة.

وقال ناصر جبارة محرر قضايا الشرق الأوسط في صحيفة دي فيلت الألمانية”، إن “هناك فراغا كبيرا ومساحة واسعة لإطلاق قنوات إخبارية جديدة، فالسوق دائما مفتوحة وتسعى الجهات السياسية لأخذ أكبر قطعة ممكنة من هذه السوق”.

وأضاف جبارة في تصريحات لـ”العرب” أن “النخب السياسية والحكومات أدركت متأخرة دور الإعلام في توجيه الرأي العام لذلك بدأت التفكير بضرورة إطلاق قنوات إخبارية جديدة في ظل وجود قنوات أخرى لها جمهور عريض تستحوذ على السوق”.

وتابع أن “السبب الثاني للاهتمام بالقنوات الإخبارية هو الاستقطاب السياسي الحاد في المنطقة بين المعسكرين الرئيسيين؛ معسكر ما يسمى المقاومة متمثلا بإيران وتركيا وقطر ومعسكر الاعتدال العربي متمثلا بالإمارات والسعودية وهذا الاستقطاب يشجع على محاولة التأثير على الجمهور، كما أن الحروب بالوكالة تحتاج إلى ضخ إعلامي كبير والتركيز على التحليل لكسب مزيد من الرأي العام”.

ونقل جبارة عن مصادر من داخل “الشرق بلومبيرغ” أن سياستها التحريرية تقوم على عدم الإزعاج وعدم الضرب تحت الحزام لإيران وتركيا وعدم التطرق للتطبيع، بأوامر مباشرة من السلطات العليا.

وأشار إلى أن “العديد من القنوات الفضائية انطلقت للوقوف بوجه الجزيرة ومضايقتها لا أكثر. وكادت سكاي نيوز في بداية انطلاقها أن تزيح الجزيرة لكنها تراجعت في ما بعد ولم تستطع إقناع الجمهور، بينما قناة العربية لم تستطع القيام بهذا الدور وسحب البساط من تحت الجزيرة حتى الآن”.

ونوّه جبارة إلى أن السبب الثالث الذي يساعد على إطلاق قنوات جديدة هو التطور التقني والتكنولوجي في إنتاج وإعداد البرامج ففريق عمل من 8 أشخاص قادر على إنتاج برنامج تلفزيوني بمواصفات عالية وبميزانية متواضعة.

وتشهد الساحة الإعلامية العربية طفرة هائلة في عدد القنوات الفضائية، إلا أن الكثير منها دون تأثير ولا يحظى بمتابعة، بمقابل مجموعات إعلامية كبرى تتضمن قنوات عامة وإخبارية وترفيهية تحظى بانتشار واسع.

ويرى متابعون أن الفضائيات التلفزيونية العربية باتت تشكل جزءا أساسيا من مكونات النسيج الثقافي للمجتمعات العربية، تتفاعل وتؤثر في الحراك الاجتماعي، بما تقدمه على مدار الساعة من برامج ومواد حوارية أو مسلسلات درامية.

18