استقالة صحافيي قناة "دجلة" لم توقف التهديدات بقتلهم

أربيل - يعيش صحافيو قناة “دجلة” العراقية الذين هربوا من المدن العراقية إلى مدن إقليم كردستان العراق، معاناة بمختلف أوجهها الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، بسبب تواصل التهديدات بالقتل ضدهم وعائلاتهم.
ومنذ 28 أغسطس الماضي، استقال ما لا يقل عن ستة صحافيين وعاملي تصوير في العراق، يعملون لصالح قناة “دجلة” التي تتخذ من الأردن مقراً لها، بعد حادثة حرق مقر الفضائية في بغداد، إثر بثها أغاني ليلة عاشوراء، كما قدموا اعتذارهم عمّا صدر عن القناة وأصدروا بيانات رفض ونأي بالنفس عنها وعدم ارتباطهم بها من قريب أو بعيد.
وقد توارى هؤلاء الصحافيون عن الأنظار وسط حملة تهديدات بزعم قيامهم بإهانة الشيعة العراقيين، وفقاً لبيان أصدروه، مع صور لشاشات هواتف تُظهر التهديدات، اطلعت عليها لجنة حماية الصحافيين الدولية التي تواصلت مع بعضهم.
وشنت جهات عدة حملة منظمة ضد العاملين في قناة “دجلة”، وتلقوا تهديدات بالتصفية الجسدية مع عائلاتهم، عبر الرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية. وبعضها من قبل محافظين ومدراء أجهزة أمنية، أصدروا أوامر بمنع قوات الأمن من حمايتهم والحفاظ على حياتهم وحياة أسرهم، مما اضطرهم إلى الفرار واللجوء إلى مدن إقليم كردستان العراق.
وقال ممثل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحافيين، إغناسيو ميغيل ديلغادو، “تُظهر السلطات العراقية فشلاً ذريعاً في حماية الصحافيين المعرضين للخطر وتتركهم ليدافعوا عن أنفسهم ضد المتطرفين. يجب على السلطات العراقية أن تطلق تحقيقاً بشأن التهديدات والتحريض ضد موظفي قناة ’دجلة‘ وأن تبذل كل ما في وسعها لحمايتهم وضمان ألا يعيشوا في خوف”.
وطلب عدد من الصحافيين الذين استقالوا وتواروا عن الأنظار بعد تلقيهم تهديدات ألا تنشر لجنة حماية الصحافيين أسماءهم خشية من تعرضهم للانتقام.
ومن بين الصحافيين الذين وافقوا على إطلاع اللجنة على التهديدات التي تلقوها وعلى الإعلان عن أسمائهم، المراسل زياد الفتلاوي وعامل التصوير محمد البولاني اللذان يعملان في الديوانية، والمراسل علي محمد الذي يعمل في الكوت، والمراسل كرار العساف الذي يعمل في النجف، والمراسل راسم كريم الذي يعمل في ذي قار، والمراسل سيف علي الذي يعمل في بغداد.
وقال الصحافيون في بيانهم إن لا صلة تربطهم بقناة “دجلة طرب” وليس لهم أي تأثير على ما تبثه، وإن استقالاتهم لم توقف التهديدات.
وعاينت اللجنة الرسائل النصية الهاتفية والتعليقات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي والصور ومقاطع الفيديو التهديدية، وقد كشف فيها مستخدمو الإنترنت ومجموعات على موقع فيسبوك عن أسماء موظفي قناة “دجلة”، ودعوا إلى طرد الصحافيين من المحافظات التي يعملون فيها، وإحراق مكاتب القناة في العراق وإغلاقها، ودعوا الشيعة في العراق إلى جعل جميع موظفي قناة “دجلة” الذين يعثرون عليهم “عبرة لمن يعتبر”.
وأطلَع الفتلاوي اللجنة على رسالة تلقاها من شخص مجهول تضمنت صورة لسيارته مع رسالة تقول “سننال منك حتى لو كنت في غرفتك”، إضافة إلى إيموجي على شكل إصبع ديناميت.
وقال إن ثلاثة عناصر ميليشيا حاولوا اختطافه في 31 أغسطس. وأظهر مقطع فيديو من كاميرا مراقبة ثلاثة رجال يقفون خارج مكتب قناة “دجلة” في الديوانية.
وأفاد مراسل من قناة “دجلة” فضّل عدم الكشف عن هويته خشية من تعرضه للانتقام، أنه علِم من قائد إحدى الميليشيات العراقية، والذي لم يُفصح الصحافي عن اسمه خشية من الانتقام أيضاً، أن بوسعه وزملائه الصحافيين التوقف عن الاختباء إذا ما أصدورا اعتذاراً للسلطات الدينية وأعلنوا علناً عن شكرهم لقوات الحشد الشعبي.
وصرح العساف أنه تلقى تهديدات بالقتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل من أعضاء مزعومين في ميليشيات ومن قوات الحشد الشعبي.
وقال “لقد أُجبرت على الاختباء بسبب التحريض على قتلي، ولأن ثمة أشخاص في النجف يبحثون عني بغية قتلي”.
وقد أرسلت لجنة حماية الصحافيين رسالة إلكترونية إلى وزير الداخلية العراقي للحصول على تعليقات منه، ولكن اللجنة لم تتلقَّ رداً.
وأفادت أنه يجب على السلطات العراقية التحقيق بشأن التهديدات الموجهة ضد العاملين في تلفزيون “دجلة”، وأن تبذل أقصى ما في وسعها لضمان تمكينهم من العمل بحرية ودون خشية من الانتقام.
بدوره، ناشد مركز ميترو لحرية الصحافة، رئيس حكومة إقليم كردستان، ورئيس الوزراء العراقي والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحقوق الصحافيين خاصة، لتقديم يد العون المادي والمعنوي لهؤلاء الصحافيين، بما يؤمن حياة كريمة لهم.
كما طالب المركز رئيس وزراء العراق بتوفير الظروف الملائمة لعودة الصحافيين إلى مراكز سكنهم وعملهم، والتعهد بالحفاظ على حياتهم، ومعاقبة كل المسوؤلين الحكوميين والدوائر الأمنية والميليشيات المنفلتة، الذين روّعوهم مع عائلاتهم.