شبح الحرب يلوح في أفق ليبيا وسط تصعيد متبادل بين طرفي النزاع

الجيش الوطني الليبي يلمح لرفض مقترح واشنطن نزع السلاح عن سرت.
الجمعة 2020/08/21
تركيا تغرق ليبيا بالمرتزقة والسلاح

طرابلس - عاد شبح الحرب ليخيم على الأجواء في ليبيا بعد أن أشار الجيش الوطني إلى رفضه المقترح الأميركي القاضي بأن تكون مدينة سرت منزوعة السلاح واستمرار حكومة الوفاق، واجهة الإسلاميين، في التحشيد للهجوم على سرت ما يعزز فرضية أن تحصل معركة بين تركيا (الداعمة للوفاق) ومصر.

وفي ظل استمرار تركيا في تحشيد المرتزقة قرب مدينة سرت تسعى مصر إلى الحصول على تفويض من القبائل الليبية لردع أي محاولة لاختراق المدينة الاستراتيجية التي تكتسي أهمية لدى الأمن القومي المصري، لاسيما بعد رفض الجيش الليبي نزع السلاح عن سرت.

وقال الناطق باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري إن القيادة العامة ’’لن تتراجع قيد أنملة عن مدينة سرت وما حولها، وستواصل استعداداتها في هذه المدينة ولن تسلمها لغزاة وأشباه غزاة‘‘.

وتابع المسماري خلال مؤتمر صحافي عقده مساء الأربعاء ’’ما الغاية من وراء تحويل سرت إلى منطقة منزوعة السلاح؟ ومن المستفيد من ذلك؟ الهدف من هذا الطرح هو تسليم المدينة دون قتال للغزو التركي‘‘.

وحذر من أن ’’الأتراك لن يتوقفوا عند هذا الحد بل ستسقط الزويتينة والبريقة والحريقة بعد سرت إذا ما استجبنا‘‘ في إشارة إلى محاولات أنقرة الاستيلاء على منابع النفط الليبي.

وتأتي تصريحات المسماري لتؤكد التخمينات القائلة إن الحرب قد تندلع في أي لحظة في ليبيا، لاسيما في ظل التحشيد التركي المستمر من أجل الهجوم على سرت التي ستفتح الباب على مصراعيه أمام السيطرة على حقول النفط. وأكد المسماري أن ’’الجيش يجهز لأي معركة محتملة‘‘.

وكانت الولايات المتحدة قد كشفت عن مقترح يستهدف نزع السلاح في سرت لوقف التصعيد المتبادل.

وقال السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، الأسبوع الماضي، خلال مقابلة مع موقع “الأهرام أون لاين” الحكومي المصري”، ’’بخصوص سرت نحن ندعم نوعا من الحل منزوع السلاح حول المدينة‘‘، مضيفا ’’إننا لسنا الوحيدين الذين اقترحوا ذلك، ولكن إذا تمكنا من استخدام نفوذنا للقيام بذلك، فإننا نود أن نفعل ذلك كثيرا‘‘.

أحمد المسماري: القيادة العامة لن تتراجع قيد أنملة عن مدينة سرت وما حولها
أحمد المسماري: القيادة العامة لن تتراجع قيد أنملة عن مدينة سرت وما حولها

وأوضح السفير الأميركي أن الهدف من هذه الخطة ’’هو دفع القوات إلى الانسحاب، وإيجاد نوع من الترتيبات الأمنية المحايدة للمدينة نفسها، وتجنب خطر أن تصبح سرت نقطة اشتعال لنزاع موسع‘‘.

وتأتي هذه التطورات في وقت تكثف فيه العديد من الأطراف التخفيف من حدة الأزمة الليبية والدفع نحو استئناف العملية السياسية بالرغم من تحشيد أنقرة حول سرت.

ويحاول المغرب نزع فتيل الأزمة الليبية من خلال الدفع نحو “اتفاق الصخيرات 2” يكون مرجعه اتفاق الصخيرات الأول الموقع في العام 2015.

وبالرغم من أن إخوان ليبيا بادروا بالبعث برسائل تؤكد استعدادهم للذهاب في “الصخيرات 2″، إلا أن الوقائع على الأرض تؤكد العكس حيث أن حكومة الوفاق وحليفتها تركيا تواصلان تحشيد المرتزقة ونقل الأسلحة استعدادا لـ’’معركة سرت‘‘.

وكان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس واضحا خلال زيارته الأخيرة إلى طرابلس حيث أكد أن هناك ’’هدوءا خادعا‘‘ في ليبيا ’’وسط تحشيد متبادل حول سرت‘‘.

وفي هذا الإطار تواصل القاهرة التجهيز لتدخل محتمل لدعم الجيش الليبي في مواجهة الميليشيات التي ستدفع بها أنقرة وحكومة الوفاق من أجل السيطرة على سرت.

لكن تدخل القاهرة يستوجب تفويضا من القبائل الليبية التي أكدت أنها أعطت رسميا الضوء الأخضر للتدخل في حال تجاوزت الميليشيات الإسلامية خط سرت – الجفرة.

وقال رئيس المجلس الأعلى للقبائل في ليبيا صالح الفندي مساء الأربعاء إن “الجيش المصري قد أُعطي الضوء الأخضر من جانبنا ومن البرلمان ليضرب فورا إذا حرّكت الميليشيات ساكنا في سرت”.

وقال الفندي، وهو الذي كان ضمن الحاضرين في لقاء جمع شيوخ القبائل في ليبيا بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، “أخبرنا السيسي عندما التقيناه أن مصر ستقدم لنا الدعم العسكري الجوي والبري إذا تجاوز الأتراك الخط الأحمر في سرت”.

ويأتي تلويح مصر بالتدخل العسكري في ليبيا بعد أن استنفدت القاهرة كل الحلول السلمية التي يمكن سلكها لحل الأزمة الليبية، حيث رفضت حكومة الوفاق وتركيا في وقت سابق مبادرة سياسية طرحها الرئيس المصري تستهدف العودة إلى الحوار السياسي شرط ’’إجلاء المرتزقة الأجانب وحل الميليشيات‘‘.

ولا يستبعد مراقبون أن تنشب مواجهة مباشرة بين القاهرة، التي تتوجس على أمنها القومي في ظل تكديس تركيا للمرتزقة وجماعات متطرفة في ليبيا، وبين أنقرة حليفة حكومة الوفاق والتي تسعى إلى استرداد خسائرها من التدخل المباشر في ليبيا عبر السيطرة على المنشآت النفطية والتأسيس كذلك لوجود دائم هناك.

4