الهواتف الذكية تسهل تجسس الأزواج على شركاء حياتهم

لا يرى الكثير من الأزواج مغبّة في التجسس على هواتف شركاء حياتهم ويعتبرونه حقا مكتسبا، فلماذا يتكتّم الزوج أو الزوجة على كلمة السرّ الخاصة به على شريك حياته الذي من المفروض أن تتلاشى الأسرار بينهما. ووجد الكثيرون في التكنولوجيا الحديثة والتطبيقات المتعددة وسيلة لتتبع شريك الحياة والاطلاع عل اهتماماته وعلاقاته الافتراضية وعالمه الخاص على الإنترنت.
لندن - ترى الزوجة هدى بن محمود أن من حقها أن تطّلع متى شاءت على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بزوجها وهو كذلك لأنه لا يوجد أي شيء يخفيانه عن بعضهما.
وأضافت أنه إذا كان الزوج يخشى من إطلاع زوجته على مواقع التواصل الخاصة به ويعتبرها خصوصية لا يمكنها اختراقها، فإن ذلك يعتبر تعدّيا على حياتهما الزوجية المشتركة والتي يجب ألا تسودها لا أسرار، ولا كتمان والذي يكون في الغالب محمّلا بالكثير من الشك.
وأطلقت شركات التكنولوجيا الحديثة تطبيقات على الهواتف الذكية تساعد الأزواج والزوجات على التجسس على بعضهم البعض، من خلال إمكانية مشاهدة محتوى الهاتف من مكالمات ورسائل نصية وبريد إلكتروني، بالإضافة إلى إمكانية تحديد مكان شريك الحياة في كل لحظة.
وبمجرد أن يحمل أحد الزوجين واحدة من هذه التطبيقات على هاتفه الذكي، حتى يتمكن من متابعة كل ما يجري على هاتف شريك حياته، كما يمكن عن طريق خاصية “جي.بي.أس” تحديد المكان الذي يتواجد فيه كل منهما من قبل لآخر. ويجد الكثير من الأزواج في تحميل هذه التطبيقات وسيلة لمنع شركائهم من خيانتهم، وفي مقابل ذلك يرى آخرون أنها تخترق خصوصياتهم.
وتتيح الهواتف الذكية للمستخدمين إخفاء معاينات رسائلهم الشخصية ووسائط التواصل الاجتماعي، مما يمنع الآخرين من قراءتها أثناء غلق الهاتف.
ونبه خبراء العلاقات الزوجية إلى وجود تطبيقات يمكن أن تؤدي إلى اكتشاف خيانة شريك الحياة.
وأوضحت خبيرة العلاقات ديبي ريفرز “لقد سهلت الهواتف الذكية ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي الخيانة أكثر من أي وقت مضى، فهي تسمح للناس بالتواصل مع الآخرين الذين لن يتمكنوا عادة من التواصل معهم”.
التكنولوجيا الحديثة أضافت إلى المرأة عينا ثالثة، تستطيع أن ترصد الشريك عن بعد، وتعد عليه خطواته وتتبع جميع تحركاته
وشجعت ريفرز الأزواج على معرفة سبب إخفاء شركاء حياتهم لإشعارات هواتفهم، منبهة إلى ضرورة القيام بذلك بعناية، فالبعض يفعلون ذلك فقط لأنهم يفضلون كتم الإشعارات المزعجة. ويمكن للشك المفرط أن يخلق مشاكل لم تكن موجودة في المقام الأول والعديد من العلاقات تنهار بهذه الطريقة.
وأصدرت الكثير من الفتاوى في الدول العربية تحرّم تجسس الزوجة على هاتف الزوجة. وأجابت لجان الفتوى بدار الإفتاء المصرية على إحدى الاستشارات المتعلقة بهذا الموضوع “ليس من حق الزوج أو الزوجة، أن يطلع أحدهما على هاتف الآخر، ويجوز لكل منهما أن يحفظ خصوصياته بكلمة سر، ولا يجوز لأحدهما أن يتجسس على الآخر”.
وقال البعض إن مسألة الخصوصية تبدو بديهية غالبا بين الأزواج ولا يتم الاتفاق عليها مسبقا بينهم، مبينين أن العلاقة الزوجية تبنى على الثقة الكاملة، إلى أن هناك تفاصيل حياتية خاصة لكل طرف يفضل أن تبقى طي الأسرار والكتمان ولا بد أن تبقى بعيدة عن أنظار ومسمع شريك الحياة.
وتناقلت مواقع إلكترونية مؤخرا بحث مواطن سعودي عن الوضع القانوني لحالته بعد أن اكتشف أن زوجته نجحت في استنساخ الواتساب الخاص به إلى هاتفها، وباتت تتلقى على مدار 9 أشهر نسخة من أي محادثة في هاتف زوجها، معتبرا تصرف الزوجة تجسسا منهيا عنه وجريمة معلوماتية.
وأكد الخبراء أن التجسس على هاتف شريك الحياة يعتبر جريمة معلوماتية مكتملة الأركان، مشيرين إلى أن النظام لم يستثن أي روابط أسرية أو زوجية، إذ يعتبر اختراق الهاتف الجوال من قبل أي زوج أو زوجة أو أب أو أخ جريمة معلوماتية بغض النظر عن الروابط الأسرية.
وتتعدد التطبيقات التي تساعد على التجسس بين الأزواج يذكر من بينها تطبيق “كونكت” ويستخدم لمراقبة المكالمات الواردة والصادرة والرسائل النصية، ويتميز بالتنصت على المكالمات ورؤية ما تتم كتابته على تطبيقات المحادثات الشهيرة مثل فيسبوك والرسائل النصية القصيرة.
كما يعمل تطبيق “فايند ماي فراندز” على تتبع أي هاتف تريده شريطة مشاركة الموقع الحالي للهاتف الآخر على الخارطة، وهو بدوره يأتي للمستخدم بالمكان الحالي للهاتف.
ويعتبر نظاما “تريك أور تريكر” لخدمة الإنترنت وخدمة “جي.بي.أس” مهمين جدا للآباء في مراقبة تحركات أطفالهم ولمديري الشركات في مراقبة الموظفين، كما يمكن استخدامهما مع الأصدقاء والأقارب في رصد التحركات على الخارطة والأماكن التي يزورونها، إلا أن الكثير من الأزواج يستخدمونهما للتتبع تحركات شركاء حياتهم.
ويتيح تطبيق فاون تريكر تعقب أي رقم بكل بساطة ويحدد مكانه على الخارطة كما يُمكنه تتبع تحركاته، ويتيح تعقب الهاتف المسروق وما يحدث فيه من الرسائل النصية والمكالمات والمواقع، ويوفر المعلومات عن كل رسالة وتفاصيل الاتصال لأي مكالمة من موقعه الحالي.
وأكد مختصون أن هذه الظاهرة تزايدت في السنوات الأخيرة؛ لأسباب كثيرة منها عدم توافر الثقة بين بعض الأزواج والزوجات، فضلا عن دور التقنيات الحديثة لوسائل التواصل الاجتماعي، والتي بدورها كان لها النصيب الأكبر في ازدياد هذه الظاهرة، وخاصة الهواتف الحديثة التي لا يمكن الوصول إلى ما بداخلها من رسائل أو مكالمات، إلا عبر رموز سرية معينة أو باستخدام بصمة الإصبع، حتى يستطيع الفرد فتح هاتفه، وبالتالي قد يشك أي من الزوجين في الآخر؛ جرّاء ذلك، مستندا على أن شريكه إذا كان لا يفعل شيئا مريبا من خلال هاتفه، فلماذا يغلق هاتفه برمز مروري أو ببصمة إصبع حتى يتم فتحه؟
ويرون أنه للحيلولة دون تفشي هذه الظاهرة، لا بد من عودة الثقة بين الزوجين كونها الأساس لكل شيء، مع وجوب احترام بعضهما ومراعاة خصوصياتهما، وإرساء سبل التفاهم بينهما لحل أي مشكلة تؤرقهما قبل استفحالها.
وكشفت دراسة حديثة أن أكثر من نصف حالات الخيانة الزوجية يستخدم أصحابها الهواتف المحمولة، مقابل 44 بالمئة للبريد الإلكتروني، و20 بالمئة لمواعيد التعارف، و20 بالمئة لمواقع التواصل الاجتماعي، و11 بالمئة يملكون هاتفا سريا.
وأكد الخبراء أنه نظرا لأن الهاتف المحمول هو الطريقة الأولى للتواصل، فمن المنطقي أن يحاول الكثير من الأزواج إخفاء الرسائل الواردة أو المكالمات عن شركاء حياتهم.
وترى الصحافية التونسية يمينة حمدي أن التكنولوجيا الحديثة أضافت إلى المرأة وحتى للرجل عينا ثالثة، تستطيع أن ترصد الشريك عن بعد، وتعد عليه خطواته وتتبع جميع تحركاته، دون أن يعلم عن ذلك أي شيء.
ولفتت حمدي إلى أن هذا المخبر الإلكتروني بارع في تقديم خدمات التجسس بين الأزواج بحرفية عالية الجودة، ودون حساب ولا مقابل مادي أو مزايدات أو إيهامات بعكس الحقيقة.
وأشارت حمدي إلى أن بعض الأزواج استغنوا عن النبش في ملابس الشريك وتقليب أوراقه وملفاته بحثا عن دليل إدانته، بعد أن أصبحوا قادرين على كشف كل محاولات الخداع الزوجي أو علامات المغامرات المحتملة، بمجرد التحدث في الأمر مع مخبرهم الإلكتروني الذي لا يبخل عليهم بالإجابة ولا يوبخهم عن تلصصهم المبالغ فيه على شركائهم.
وأضافت أن مثل هذه الأساليب يمكن أن تكشف لهم مدى إخلاص الشريك أو خيانته، ويبررون ذلك برغبتهم في استمرار حياتهم الزوجية، منبهة إلى أن التجسس على الشريك لا يعدو كونه دليلا على تآكل الثقة بين الطرفين ومؤشرا على أن علاقتهما أصبحت على المحك.
وتسمح العديد من التطبيقات بقراءة كل الرسائل، وتسجيل الأنشطة على الشاشة وتتبع المواقع الجغرافية التي يتحرك إليها الشخص فضلا عن استخدام الكاميرات التي تتجسس على كل تحركاته.
وأكدت شركة الأمن الإلكتروني “كاسبريسكي”، ارتفع عدد الأشخاص الذين اكتشفوا مثل هذه البرامج على أجهزتهم بنسبة 35 بالمئة خلال عام 2018، وفق هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”.
وقال الباحث في مجال الأمن في الشركة ديفيد إيم “هذه مجرد قمة جبل جليدي ضخم للغاية”، مضيفا “العديد من الأفراد يهتمون بحماية أجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم ولا أحد يهتم بحماية أجهزة الموبايل”.
وأكد الخبراء أن الانفصال يكون نتيجة حتمية للتجسس على شريك الحياة الذي يحرص كثيرا على عدم إطلاع شريكه على خصوصياته على مواقع التواصل الاجتماعي ويكون هذا الحرص دافعا للكثيرين للشك في أسباب هذه السلوكيات مما يدفعهم إلى البحث عن تطبيقات التجسس.
وأضافوا أن هذه التطبيقات لها تأثير بعيد المدى على الأشخاص الذين يكونون ضحايا لها، وتقلل ثقتهم في من حولهم، كما أنها تجعلهم يرون الهواتف الذكية والكمبيوترات كما لو أنها سلاح يهدد خصوصياتهم ويؤثر على جل مناحي حياتهم سلبا.