خبراء جزائريون يحذرون من تداعيات عسكرة القبائل في ليبيا

الجزائر – ذهب خبراء جزائريون في منحى المقاربة الرسمية لبلادهم في حل الأزمة الليبية، وبشكل يتطابق مع التكذيبات التي صدرت عن وزارة الدفاع حول نفي الأخبار المتداولة عن استعداد الجيش الجزائري للتدخل في ليبيا، ومع الخيار السلمي والحل السياسي الذي يتبناه الموقف الجزائري.
وحذر خبراء مختصون في الشأن الأمني والعسكري، من عواقب التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا وعلى منطقة شمال أفريقيا، وحتى شريط الساحل الصحراوي، في ظل إمكانية تحول النزاع إلى ساحة حرب بالوكالة بين القوى العظمى.
وذكر الخبير الأمني أحمد ميزاب أن “التدخلات العسكرية الأجنبية لن تقود ليبيا إلى بر الأمان، بل ستكون أول خطوة نحو تفجير المنطقة برمتها وبمثابة انتحار حقيقي، ويجب العودة إلى لغة العقل والحوار لتهدئة الأوضاع بدل الذهاب إلى حرب مفتوحة ستدفع دول الجوار ثمنها غاليا”.
وأضاف “مع التعقيدات الميدانية والتصعيد العسكري الأخير، لن تتحمل ليبيا المزيد من العسكرة بتسليح بعض القبائل، لأننا أمام نموذج غير عادي سواء من ناحية حجم الصراع بين طرفي النزاع في ليبيا، أو من حيث عدد الميليشيات بعد استقدام مرتزقة أو من حيث انتشار السلاح، أو حتى من حيث الواقع الإقليمي مع تواجد جماعات إرهابية تسعى لتستثمر في الفوضى”.
وتأتي هذه التحذيرات الجزائرية في ظل تحشيد ميليشيات حكومة الوفاق الإسلامية المدعومة من تركيا من أجل الهجوم على مدينة سرت الاستراتيجية حيث يتمركز الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.
وحذرت الجزائر مما أسمته بـ”سيناريو الصوملة” في ليبيا، بعد ظهور بوادر التسليح والعسكرة للمجتمع القبلي، مما سيدخل البلاد في حرب أهلية دامية، وستكون الوحدة الترابية لليبيا ودول الجوار هي أولى الضحايا، قياسا بالعواقب التي تنجم عن تسليح الأفراد والمدنيين والقبائل المنتشرة عبر دول المنطقة. وذهب الخبير الأمني محمد العربي الشريف إلى اعتبار أن “أي سلاح خارج رقابة مؤسسات الدولة يشكل خطرا ليس على ليبيا فقط بل على جيران ليبيا بمن فيهم مصر، والأكثر أن تسليح طرف ثالث في ليبيا، التي تعيش فوضى عارمة سيعمق الأزمة ويطيل عمرها، ويقلص فرص التسوية السياسية”.
وأضاف التقرير الذي أوجز في وكالة الأنباء الرسمية آراء خبراء أمنيين معروفين بتأييدهم لمقاربات السلطة في الملفات الداخلية والخارجية، أن الخبير بن عمر بن جانة حذر من صعوبة التحكم في ممارسات وسلوكات القبائل بعد تسليحها في غياب تأطير سياسي، ما يهدد بحرب أهلية حقيقية بين القبائل ستقضي على المجتمع الليبي، وتصدر الأزمة إلى خارج الحدود، وهو ما يحتم على الفرقاء الليبيين قراءة التاريخ وتقصي الواقع. ولفت إلى أنه “لا يوجد بلد دخلته قوى أجنبية إلا وكان مصيره الدمار، ولنا في العراق وسوريا أكبر الدروس، وأن إسكات صوت البنادق والعودة إلى طاولة الحوار هو السبيل الوحيد لتفادي انهيار ليبيا”.
وتأتي هذه التصريحات غداة انزعاج جزائري من ظهور بوادر تسليح وعسكرة المجتمع القبلي في ليبيا، بعد اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بوجهاء وأعيان قبائل لوضع ’’آليات للدفاع عن النفس ومحاربة الجماعات الإرهابية من الناحية الغربية للبلاد’’ حيث استشعرت القاهرة خطر استمرار تصعيد الميليشيات.
ولم يستبعد مراقبون للملف الليبي أن تكون الأخبار التي تداولتها بعض المنصات الإلكترونية حول استعداد الجيش الجزائري للتدخل في ليبيا، من قبيل التشويش على مصداقية الجهود الدبلوماسية التي تقودها الجزائر لإرساء قواعد حل سلمي بالحوار السياسي بين الليبيين، واستعدادها لاحتضان أطراف الصراع.
وكانت وزارة الدفاع الجزائرية قد نفت صحة تصريحات منسوبة لقائد أركان الجيش الجنرال سعيد شنقريحة، يدعو فيها إلى “الاستعداد لتدخل عسكري في ليبيا”، واعتبرتها “أخبارا كاذبة تستهدف الاصطفاف خلف أجندات مشبوهة”.
وقال بيان وزارة الدفاع “تناقلت بعض المنصات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا كاذبة لا أساس لها من الصحة تنسب تصريحات مزعومة إلى الفريق رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي حول التطورات الأخيرة للوضع في دولة ليبيا”.