دمشق تتحدى الوباء وتقيم مهرجان سينما الشباب

في ربيع كل عام يقام في دمشق مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة، والذي بات حدثا سينمائيا سنويا ينتظره جمهور السينما السورية، خاصة من الشباب والهواة، وكان من المفترض أن تقام دورته السابعة في شهر أبريل الماضي بمشاركة سورية وعربية، لكن أجواء الحجر الصحي التي فرضها تفشي فايروس كورونا أجل إقامة الدورة السابعة.
دمشق - انطلقت مساء الخميس بدار الأسد للثقافة والفنون (أوبرا دمشق) فعاليات الدورة السابعة من مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة وسط حالة من التنافس بين شباب قدّموا طاقاتهم الإبداعية ورؤاهم السينمائية المختلفة.
ويترأس المخرج السينمائي السوري باسل الخطيب لجنة تحكيم الدورة السابعة من المهرجان التي تتواصل فعالياتها إلى غاية التاسع والعشرين من يونيو الجاري، بعضوية كل من الممثلة كندا حنا والمايسترو عدنان فتح الله.
مسابقة وحيدة
يتضمن المهرجان مسابقة رسمية وحيدة، هي مسابقة سينما الشباب (مشروع دعم سينما الشباب) التي ضمت ثلاثة وعشرين فيلما قصيرا، وذلك بعد أن تم إلغاء المسابقة العربية التي كان من المقرّر إقامتها بالتوازي مع مسابقة سينما الشباب بسبب الحجر الصحي في سوريا، وكذلك لعدم وجود رحلات طيران من وإلى دمشق نتيجة توقّف رحلات الطيران العالمية.
وستعرض المسابقة الرسمية للمهرجان الأفلام التالية “30 يوم”، “حياة”، “أترعتا”، “أبناء الحياة”، “آخر موقف”، “إذا”، “الأجسام أغرب ممّا تبدو في المرآة”، “اليوم الأخير”، “أول رسمة”، “بداية أكثر ثبات ممكن”، “برسم البيع”، “رجل صغير”، “فتحة عدسة”، “فول آيس”، “أول يوم”، “لولو”، “ماذا لو؟”، “مذكرات أول رصاصة”، “همزة وصل”، “واحد تحت الصفر”، “يوم عادي جدا”، “نهاري خارجي” و”توه”.
وعلى التوازي مع أفلام المسابقة الرسمية للمهرجان سوف تقام في صالة كندي دمشق عروض لمجموعة من الأفلام القصيرة المحترفة، وهي “جوري” ليزن أنزور، “فوتوغراف” للمهند كلثوم، “الدائرة السحرية” لفراس محمد، “تشيز” لوليد درويش، “قابل للطعن” لأسامة عبيدالناصر، “عبق التاريخ” لغسان شميط و”قطرات” لأيهم عرسان.
كما سيكرم المهرجان عددا من الفنانين السوريين، وهم: أسعد فضة ووفاء موصلي وعارف الطويل، ومشرف الإضاءة إبراهيم مطر.
ويمنح المهرجان في العادة سبع جوائز رسمية، وهو الذي منح العام الماضي جائزة الجمهور لفيلم “100 ليرة” سيناريو وإخراج أريج دوارة ونور خير الأنام، وهي جائزة محدثة من قبل فريق من المتطوعين الطلاب في كليات الإعلام والصحافة في سوريا، قدّمت لأول مرة في تاريخ المهرجانات السينمائية السورية، لكنها حجبت هذا العام لأسباب تقنية.
ومن خلال استعراض عناوين الأفلام التي قدّمها الهواة الشباب في الدورة الحالية، تتّضح آفاق المواضيع التي دارت في معظمها حول المعاناة الإنسانية التي يكابدها الناس في وطن جريح يعاني كوارث الحروب، ومنعكسات ذلك على تفاصيل حيواتهم الشكلية والعميقة. كما ظهرت في بعض الأفلام عوالم الأطفال ومعاناتهم العميقة والمؤلمة من حيث وقوعهم فريسة للبؤس والتشرّد والجوع واليتم.
أما الأفلام المحترفة التي سيعرضها المهرجان، وهي سبعة أفلام قصيرة، تراوحت مواضيعها بين الإنساني العميق الذي يتصدّى لموضوع مخاطر الحروب على الأطفال كما في فيلم “جوري” ليزن أنزور، والذي حاز من خلاله على الجائزة الذهبية في مهرجان الدار البيضاء في المغرب.
طفولة مهمشة
في فيلم "جوري" يذهب أنزور مجدّدا نحو عالم الطفولة، عبر شخصية فتاة صغيرة عانت حصارا وعنفا نفسيا نتيجة الظرف المباغت والقاسي الذي وجدت نفسها فيه، وذلك بعد بقائها وحيدة في مدينة تعرّضت لهجوم من مسلحين فبقوا فيها، ويلاحق الفيلم هواجسها ومسار حياتها في متتاليات مكانية ترصد تفاصيل حياتها بعد هذه المحنة. وهو من بطولة الممثل اللبناني بيير داغر والممثلة السورية روبين عيسى والطفلة شهد الزلاق.
وسبق أن حقّق فيلم “فوتوغراف” للمهند كلثوم العديد من الجوائز في مهرجانات عربية وعالمية، وتدور أحداثه حول تأثيرات الحرب وما بعدها على الطفل السوري والعمالة التي فرضت عليهم للوقوف إلى جانب عائلاتهم ومساعدتها ماديا مقابل الاستغناء عن حقوقهم التعليمية. وهو من بطولة الطفلين سليمان الأحمد وغالب شندوبة والفنانين جمال العلي وصفوح ميماس وعتاب أبوأسعد.
أما فيلم “الدائرة السحرية” فيتحدّث عن مدى إمكانية تأقلم الناس مع الحرب وتبعاتها عليهم، وكذلك يستعرض فيلم “تشيز” حالة واقعية عن حدث عسكري جرى في أحد المواقع أثناء الحرب. أما فيلم “قابل للطعن” الذي أخرجه الشاب أسامة عبيدالناصر، فيقدّم نماذج من تقاطع علاقات إنسانية تبحث عن العدالة في مدينة مأزومة خلال يوم واحد.
وكان عبيدالناصر قد فاز في الدورة السادسة من مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة بفيلمه “نخب ثاني” بالجائزة الذهبية وأفضل سيناريو، كما نال في مهرجان شرم الشيخ السينمائي بمصر الجائزة الفضية في مسابقة الفيلم القصير.
ويقدّم المخرج أيهم عرسان في فيلمه “قطرات” عوالم شخصيتين نسائيتين تتحداهما ظروف صعبة، واحدة تواجه مخاطر انهيار أسرتها والأخرى تواجه ألم الفقدان. وهو من بطولة شكران مرتجى وجلال شموط وبسام لطفي وبمشاركة كل من إنانا راشد، منيب أربيل، نور خلف، عبد الزامل والطفلين مرمر عرسان وحسن الكردي.
وسبق للمخرج أيهم عرسان أن قدّم العديد من الأفلام القصيرة منها فيلم “حلم” الذي فاز بالمرتبة الأولى ضمن مسابقة السيناريو التي تجريها المؤسسة العامة للسينما بسوريا، وذلك في العام 2017.
ويطل فيلم “عبق التاريخ” الذي يقدّمه المخرج المخضرم غسان شميط ليكون الفيلم الوثائقي الوحيد المشارك في المهرجان، وفيه يرصد مخرجه احتفالية مجمع اللغة العربية بدمشق بالذكرى المئوية الأولى لتأسيسه على يدي اللغوي والأديب الشهير محمد كرد علي ومجموعة من مجايليه.
وتنافس في الدورة الماضية 29 فيلما سوريا على جوائز مسابقة سينما الشباب التي ذهبت جائزتها الذهبية لفيلم “الوجه الأول أمي” للمخرجة رباب مرهج، أما الفضية فكانت من نصيب الفيلم “خرزة زرقاء” إخراج عبداللطيف كنعان فيما ذهبت البرونزية لفيلم “الحرامي” إخراج فراس محمد.
فيما تنافس 21 فيلما من خمس دول عربية هي سوريا ولبنان والعراق ومصر وتونس على الجائزة الذهبية لمسابقة الأفلام القصيرة الاحترافية، والتي ذهبت مناصفة بين الفيلم اللبناني “ستارة” للمخرجة سارة مزهر والفيلم السوري “خلل” للمخرج السدير مسعود.