رسائل أميركية متضاربة تربك الأردن

الملك عبد الله الثاني يعتبر أن أي إجراء إسرائيلي أحادي لضم أراض في الضفة الغربية هو أمر مرفوض ويقوض فرص السلام والاستقرار في المنطقة.
الخميس 2020/06/18
حالة استنفار

رسائل متضاربة توجهها هذه الأيام الولايات المتحدة صوب عمان، لاسيما في علاقة بالمساعدات المالية والعسكرية وإمكانية إيقافها، وسط حالة ارتباك في الأوساط الأردنية حيال مدى جدية واشنطن في السير قدما نحو تنفيذ الخطوة.

عمان - أعاد نواب في الكونغرس ومسؤولون في الخارجية الأميركية مؤخرا مطالبة الأردن بضرورة تسليم الأسيرة السابقة أحلام التميمي للولايات المتحدة، ملوّحين بوقف المساعدات على عمان ومنها تلك التي تم إقرارها ضمن موازنة العام 2020.

وأدينت التميمي في إسرائيل بتفجير مطعم بالقدس في العام 2001 أدى إلى مقتل 15 شخصا بينهم مواطنان أميركيان. وجرى إطلاق سراحها في العام 2011 ضمن صفقة “شاليط” التي عقدت مع حركة حماس، لترحل بعدها إلى الأردن.

وسبق أن طالبت الولايات المتحدة بتسليم التميمي بيد أن عمان عارضت الخطوة، مستندة في ذلك إلى حكم قضائي صدر عن المحكمة العليا في الأردن في عام 2017، ويقضي برفض تسليم المعتقلة السابقة لأن معاهدة تسليم المجرمين لعام 1995 التي تبني عليها واشنطن طلبها لم تتم المصادقة عليها، كما أن التميمي سبق أن حوكمت في إسرائيل.

وما فتئت الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة توجه رسائل متضاربة نحو الأردن، حيث قال المرشح لمنصب سفير واشنطن لدى عمان هنري ويستر مؤخرا في شهادة أمام الكونغرس الأميركي “ندرس كافة الخيارات من أجل الضغط على عمان في ما يتعلق بالتميمي”، بما يشمل وقف المساعدات المالية والعسكرية.

أيمن الصفدي: المنطقة على مفترق حاسم فإما سلام عادل وإما صراع طويل
أيمن الصفدي: المنطقة على مفترق حاسم فإما سلام عادل وإما صراع طويل

في تناقض واضح مع تصريحات أطلقها قبل أسابيع قليلة وشدد خلالها ويستر الذي يرجح أن يتسلم مهامه قريبا في عمان على أن “الأردن حليف لا يقدّر بثمن في مكافحة الإرهاب ودعم عمليات حفظ السلام” وأن “مساعدتنا العسكرية تعزز مكانة الأردن كحصن للاستقرار”.

وكانت سربت معلومات في الأيام الماضية عن اعتزام الولايات المتحدة إرسال المساعدات المقررة لعمان مطلع الشهر المقبل، من أجل مساعدة المملكة على التعامل مع أزمة تفشي وباء كورونا، ومن شأن عودة الحديث عن تجميد تلك المساعدات أو وقفها أن تربك المملكة.

ويعد الأردن ثالث متحصل على المساعدات الأميركية التي تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وسبق أن وقعت إدارة الرئيس دونالد ترامب على دعم للمملكة بقيمة 6.4 مليار دولار على مدى خمس سنوات، لتتضاعف المساعدات السنوية من 275 مليون دولار إلى 1.3 مليار دولار.

وتكتسي المساعدات الأميركية أهمية قصوى بالنسبة للأردن في ظل الوضع الاقتصادي والمالي الصعب للمملكة الذي ازداد تعقيدا مع أزمة تفشي وباء كورونا.

وأثارت التصريحات المتضاربة القادمة من العاصمة واشنطن مخاوف الأردنيين حيال إمكانية أن تنفذ الولايات المتحدة تهديدها بشأن وقف المساعدات، وهو ما انعكس في وسائل الإعلام المحلية التي ركزت اهتمامها هذه الأيام على فك شفرات وخلفيات إثارة واشنطن لقضية التميمي بعد نحو ثلاث سنوات من الصمت.

وذهبت معظم وسائل الإعلام الأردنية في ربط المسألة بالحملة المتصاعدة التي يشنها الأردن لوقف خطط إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية والتي تشمل المستوطنات وغور الأردن، ويقول محللون غربيون إن هناك نوعا من المبالغة في القول إن الأردن قادر على تحدي الإرادتين الأميركية والإسرائيلية، لاسيما في ظل العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية الوثيقة التي تربطه بهما.

ويرى المحللون أن الحملة التي يقوم بها الأردن تبدو موجهة إلى الداخل الأردني أكثر منها لإسرائيل، فعمان قلقة من أن تؤدي خطوات الضم الإسرائيلية إلى تفجر الوضع داخله لاسيما في ظل احتضانه لمئات الآلاف من الفلسطينيين، وهو يريد أن يرسل رسالة بأنه قام بكل ما يتوجب للحيلولة دون ذلك.

وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الأربعاء إن “المنطقة كلها تقف على مفترق حاسم فإما سلام عادل طريقه حل الدولتين وإما صراع طويل أليم سيكون النتيجة الحتمية لقرار الضم”.

خطوات الضم الإسرائيلية قد تفجر الوضع داخل الأردن
خطوات الضم الإسرائيلية قد تفجر الوضع داخل الأردن

وأوضح بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية أن الصفدي أكد خلال اتصال عبر تقنية الفيديو مع المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف “أن تنفيذ إسرائيل قرار الضم يعني اختيارها الصراع بدل السلام وتتحمل هي مسؤولية انعكاساته الخطرة على العلاقات الأردنية الإسرائيلية وعلى كل مساعي تحقيق السلام الشامل”.

وشدد الصفدي على أن “تنفيذ إسرائيل قرار الضم سيقتل كل فرص تحقيق السلام الشامل ما يشكل خطرا على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين”، داعيا إلى “ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل سريع وفاعل لمنع الضم وإعادة إحياء آفاق تحقيق السلام العادل الذي تقبله الشعوب والذي اعتمدته كل الدول العربية خيارا إستراتيجيا”.

وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أوضح الثلاثاء خلال اجتماعات عقدها تقنيا وهاتفيا مع لجان وقيادات في الكونغرس الأميركي، معارضة بلاده للخطة الإسرائيلية، وقال إن “أيَّ إجراء إسرائيلي أحادي لضم أراض في الضفة الغربية هو أمر مرفوض، ويقوّض فرص السلام والاستقرار في المنطقة”.

وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضم مستوطنات وأجزاء من الضفة الغربية بينها غور الأردن الاستراتيجي، وسيقدّم اعتبارا من الأول من يوليو استراتيجيته لتنفيذ ذلك. وتمهد هذه الخطوة لتطبيق الخطة الأميركية المثيرة للجدل والتي تنص على أن تكون القدس الموحدة عاصمة إسرائيل، وعلى إقامة عاصمة للدولة الفلسطينية شرق القدس.

وحذر المسؤولون الأردنيون من خطورة عملية الضم على مستقبل العلاقة بين البلدين. وقال الملك عبدالله الثاني في مقابلة مع مجلة “دير شبيغل” الألمانية الشهر الماضي، إن الضم سيؤدي إلى “صدام كبير” مع الأردن في حين هدد رئيس وزرائه عمر الرزاز بـ”إعادة النظر” في العلاقة مع إسرائيل “بكافة أبعادها” وأكد وزير الخارجية أيمن الصفدي مرارا أن الضم “لن يمر دون رد”.

2