هل تخفي عودة العيساوي إلى العراق تلقيه وعودا بتسوية قانونية

طريقة إعادة رافع العيساوي إلى العراق جرى استخدامها في السابق مع رجل الأعمال السني المقرب من قطر خميس الخنجر.
الخميس 2020/06/18
ظروف عودة مثيرة للتساؤلات

بغداد – من دون مقدمات، هبطت في مطار بغداد قبل يومين طائرة خاصة تقل وزير المالية ونائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق رافع العيساوي، الذي طارده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي متهما إياه بدعم الإرهاب.

وينحدر العيساوي من مدينة الفلوجة، المعقل السني البارز غرب بغداد، وهو طبيب لمع نجمه السياسي أيام ظهور تنظيم القاعدة في غضون العام 2005، ليشغل منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة المالكي بين 2006 و2010. وفي حكومة المالكي الثانية بين 2010 و2014، تقلد العيساوي حقيبة سيادية هي وزارة المالية.

وبرغم علاقته التنظيمية بالحزب الإسلامي، ذراع الإخوان المسلمين في العراق، إلا أن العيساوي عرف بمناهضته للجهاد العنيف، وحاول منعا لجماعات المتشددة من تحويل الفلوجة إلى ساحة حرب، لكنه عرف أيضا بموازنته بين المطالبة بضرورة حصول المكون السني على جميع حقوقه في العراق أسوة بالمكونات الأخرى، وبين التزام المناطق السنية بوحدة البلاد.

إعادة العيساوي إلى البلاد بنفس الطريقة التي عاد بها خميس الخنجر تشير إلى دور سياسي يمكن أن يلعبه

وعندما برز العيساوي سياسيا سنيا محنكا في العام 2012 وبدأت شعبيته في عبور الحواجز الطائفية، ثار غضب رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وفتح ضده جبهة كبيرة، انتهت إلى اتهامه بالإرهاب وسرقة أموال الدولة.

وبرغم الطابع الكيدي الذي غلب على اتهامات المالكي ودوافعها السياسية الواضحة، إلا أن العيساوي اضطر للهرب إلى معقله في الأنبار، بعدما اعتقلت قوات الأمن عناصر حمايته وانتزعت منهم اعترافات في ظروف غامضة.

وفجر مقدم العيساوي هاربا من بغداد احتجاجات واسعة في الأنبار سرعان ما امتدت إلى معظم المدن السنية الأخرى، ليتشكل أكبر موقف سني رافض للسياسيات الشيعية التي انتهجها المالكي. لكن إهمال المالكي لمطالب المتظاهرين، التي دارت حول ضرورة مشاركة السنة في صناعة القرار السياسي، حوّل ساحات الاحتجاج في الأنبار ونينوى إلى غرف مغلقة للجماعات المتشددة، ما مهد لاحقا لظهور تنظيم داعش.

لذلك، يضع كثيرون مسؤولية الهيجان السني ضد المالكي، الذي خلق بيئة ملائمة لظهور داعش وقدم لتدمير المدن السنية وتهجير سكانها، في رقبة العيساوي شخصيا.

شعبية يرفضها نوري المالكي
شعبية يرفضها نوري المالكي

ويوم الاثنين وصل العيساوي إلى بغداد، على متن طائرة خاصة، حيث توجه إلى الإقامة في دار الضيافة التابعة لرئاسة الجمهورية. وقالت مصادر مطلعة إن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض هو من تولى ترتيب ظروف عودة العيساوي إلى بغداد.

ويوم الثلاثاء، سلم العيساوي نفسه إلى مركز شرطة الصالحية لمراجعة الأحكام القضائية التي صدرت بحقه. وأعلن الجهاز القضائي العراقي بعد ذلك، أن “القاضي المختص بنظر قضايا جهاز مكافحة الإرهاب قرر توقيف المتهم رافع حياد العيساوي وفق أحكام قانون مكافحة الإرهاب لإجراء التحقيق معه حول الجرائم المتهم بها بعد أن قام المتهم المذكور بتسليم نفسه إلى جهات التحقيق المختصة”.

وقال الجهاز القضائي العراقي إن “المتهم المذكور سبق وأن صدرت بحقه أحكام غيابية بالسجن عن جرائم فساد إداري عندما كان يشغل منصب وزير المالية”، موضحا أن “هذه الأحكام في حال الاعتراض عليها سوف تعاد محاكمته عنها حسب أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تجيز للمحكوم غيابيا بالسجن الاعتراض على الحكم ومحاكمته مجددا حضوريا وفق القانون”.

ويقول مراقبون إن إعادة العيساوي إلى البلاد بهذه الطريقة، التي جرى استخدامها في السابق مع رجل الأعمال السني المقرب من قطر خميس الخنجر، يشير إلى أن هناك دورا سياسيا ما يمكن أن يلعبه.

ومنذ عودته إلى العراق وتسوية وضعه القانوني، يتشارك الخنجر مع الفياض في مشروع سياسي واحد، نجم عن استحواذهما على منصب محافظ نينوى، التي تضم أكبر تجمع سكاني سني في البلاد، لعدة شهور، قبل أن يعود ائتلاف القوى السنية إلى السيطرة عليه.

وليس واضحا حتى الآن المسار القضائي الذي ستسلكه إعادة محاكمة العيساوي، لكن مصادر سياسية تلمح إلى أن الرجل لم يعد إلى العراق، لو لم تكن لديه كلمة واضحة بشأن تسوية وضعه القانوني، على غرار الخنجر.

3