"حرب شوارع" بين تركيا والعالم العربي بعد صحوة لمحاكمة التركة العثمانية

شطب اسم سليمان القانوني من شارع سعودي وظهوره في مدينة ليبية.
الثلاثاء 2020/06/16
التخلص من إرث سلاطين العثمانية

لندن - حرّك قرار أمانة الرياض بإزالة اسم السلطان العثماني سليمان القانوني من أحد شوارعها الرئيسية تحمُّسَ مدن عربية أخرى للتخلص من آثار الوجود العثماني في شوارعها ومبانيها كردة فعل على التدخل التركي في سوريا وليبيا ورغبة الرئيس رجب طيب أردوغان في استعادة النفوذ الذي كان لبلاده في عهد الإمبراطورية العثمانية.

وتداول مغردون سعوديون عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، صورا أظهرت لحظة قيام أمانة الرياض بإزالة اسم سليمان القانوني من أحد شوارعها.

وكان قرار أمانة الرياض بمثابة رسالة رمزية حركت دعوات في مدن عربية للتخلص من بقايا الاستعمار العثماني في واقع دولي يشهد دعوات واسعة إلى رفع قضايا اعتذار وتعويض من الدول الاستعمارية عما اقترفته في حق الدول المستعمَرة خلال الحقب الماضية.

وبالتوازي مع القرار السعودي، بادرت بلدية تاجوراء الواقعة شرقي العاصمة الليبية طرابلس، بإطلاق اسم السلطان سليمان القانوني على أهم الطرق الموجودة في المدينة.

جاء ذلك في منشور شاركه، الاثنين، رئيس بلدية تاجوراء حسين بن عطية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأفاد بأن بلدية تاجوراء قررت رسميا تسمية الطريق الذي يبدأ من منارة الحميدية “الفنار”، وصولا إلى جزيرة الدوران المعروفة بـ”جزيرة إسبان”، باسم “طريق السلطان سليمان القانوني”.

 

إزالة اسم السلطان العثماني من أحد شوارع الرياض

ومن شأن هذين الحدثين أن يطلقا “حرب شوارع” وتسميات في المنطقة بين معارضين للتدخل العسكري التركي، وبين داعميه.

ويمثل سليمان القانوني رمزية خاصة لنظام أردوغان خاصة من خلال النزعة التوسعية على حساب الشعوب والقوميات الأخرى وكذلك من خلال القسوة التي اعتمدها في مسيرته في الحكم والتي طالت أقرب المقربين إليه بسبب هوسه بالحكم وميله إلى الاستبداد.

وتزامنت الخطوة السعودية مع تظاهرات واسعة في الغرب ودعوات لإعادة النظر إلى الماضي، ومحاكمة من مارسوا العنصرية، وإسقاط تماثيل أسماء بارزة في تاريخ الولايات المتحدة وبريطانيا. فما الذي يمنع العرب من إعادة النظر إلى ماضيهم والدعوة إلى محاكمة الاستعمار العثماني، وما يتطلبه من تخليص كتب التاريخ من تمجيد الأتراك وأنشطتهم وإسباغ البعد الديني عليها فيما الحقيقة أن الأتراك نجحوا في طرد الاستعمار (الإسباني في شمال أفريقيا مثلا) ولعبوا الدور نفسه وما هو أسوأ منه.

ويقول متابعون للجدل بشأن تصنيف الوجود العثماني في الدول العربية والإسلامية، هل هو استعمار أم “فتح”، إن الأمر واضح؛ فالفتح في التاريخ الإسلامي كان يخص المناطق التي لم يكن بها إسلام، أما الإمبراطورية العثمانية فقد دخلت دولا عربية في المشرق والمغرب في صورة غزاة همهم الوحيد إذلال السكان وفرض الولاء لآل عثمان العائلة التي وسعت دائرة حكمها شرقا وغربا بقوة السلاح.

ولا يختلف الاستعمار العثماني في تفاصيله عن الاستعمار الغربي الذي خلفه في المنطقة، فقد بادر العثمانيون إلى وضع أيديهم على خيرات الشعوب التي احتلوها، وطوعوا كل شيء لصالحهم. كما فسحوا المجال أمام سيطرة العائلات التركية على الأراضي الخصبة واستوطنوا أهم المناطق، فضلا عن الضرائب المجحفة التي كان الهدف من ورائها تحميل شعوب المنطقة تكاليف حروب الأتراك الخارجية وتوسعهم في الشرق والغرب.

ويشير المتابعون إلى أن العثمانيين استفادوا من دعاية الجماعات الإسلامية، من بداية القرن العشرين، في إظهارهم بصورة الفاتحين، لكن الأمر بات الآن مختلفا بعد التمدد التركي المباشر في سوريا وليبيا، وتدعيم النفوذ الاقتصادي والسياسي في بلدان كثيرة، حيث يتشكل رأي عام محلي ينظر إلى تركيا على أنها قوة استعمارية نجحت في الاستفادة من مزاعم تاريخية لتثبيت نفوذها.

وبالتوازي مع مطالبة الأرمن بالتعويض عن الجرائم العثمانية، بدأت أصوات عربية تطالب بتقديم قضايا ضد الاستعمار العثماني والمطالبة باعتذار تركي عن المجازر التي نفذها العثمانيون في دول المشرق والمغرب، فضلا عن تحميل هذا الاستعمار مسؤولية التخلف الذي عاشته المنطقة على مدى قرون.

1