دعم إسلاميي الجزائر للدستور الجديد رهين مصالحهم

الجزائر- تضارب ردود الفعل الأولية للقوى والأحزاب الإسلامية، حول مسودة الدستور التي كشفت عنها الرئاسة الجزائرية، وأرسلت بنسخ منها للأحزاب السياسية من أجل المناقشة والإثراء، ففيما ينتظر أن تلتحق أحزاب مبكرا بركب المؤيدين لمقترحات السلطة، يقرن آخرون دعمهم لمسودة الدستور الجديد بتحقيق مكاسب سياسية أولا.
وأعربت أحزاب إسلامية في الجزائر عن تحفظات عديدة تجاه مسودة الدستور المعروضة في البلاد على الإثراء والمناقشة، ومع ذلك لم تمانع في أن تكون بداية مسار سياسي يقطع بين حقبة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وبين حقبة ما بعد حراك الثاني والعشرين من فبراير 2019.
ويعطي موقف الإسلامين، خاصة حركة مجتمع السلم “حمس”، وحركة البناء الوطني، الانطباع بأن الإسلاميين سيضعون العصا في العجلة إلى غاية الحصول على امتيازات سياسية، مقابل تمرير الوثيقة في البرلمان والاستفتاء الشعبي، وفاء للتقاليد السياسية التي دأبوا عليها في مختلف الاستحقاقات.
وأعلنت في هذا الشأن أكبر الأحزاب الإخوانية في البلاد، في اجتماع مجلس الشورى، على أن مسودة الدستور “بعيدة عن الطموحات المرجوة، لاسيما ما عبّرت عنه أطياف الشعب الجزائري من خلال الحراك الشعبي ومطالب التغيير المجمع عليها”.
وأضافت أن الوثيقة “أخذت توجها شعبويا يؤدي إلى التضييق على الأحزاب من حيث التأسيس والممارسة السياسية والحق الكامل لتمثيل ناخبيهم وهو ما يؤثر سلبا على الأداء البرلماني بشكل مخالف لكل التوجهات الدستورية العالمية، كما أنها (الوثيقة) لم تعط الصلاحيات الكافية للهيئات المنتخبة والكفيلة بتجسيد المادتين (7 و8) من الدستور واللتين تمثلان مطلبا أساسيا من مطالب الحراك الشعبي”.
وكانت حمس قد سجلت موقفا مخيبا للحراك الشعبي خلال الأسابيع الأخيرة، بعدما اتهمته بـ”الخضوع لأجندات أيديولوجية”، وأعربت عن استعداداها للتعاون مع السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، رغم عدم دعمها له في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
الإسلاميون يطالبون بامتيازات سياسية مقابل دعم مسودة الدستور الجديد في البرلمان
وذهب بيان حمس إلى أن “المسودة لم تفصل مجددا في طبيعة النظام السياسي الذي يحكم البلاد، إذ أبقته هجينا لا يمثل أي شكل من أشكال الأنظمة المعروفة في العالم، وأنها تحرم الأغلبية من حقها في التسيير، ولا تُلزم تسمية رئيس الحكومة من الأغلبية، وهو أمر يتناقض مع معنى الديمقراطية التمثيلية ويلغي جزءا أساسيا وجوهريا من الإرادة الشعبية المعبر عنها في الانتخابات التشريعية، فضلا عن حالة الغموض التي تكتنف منصب نائب الرئيس من حيث دوره وصلاحياته وطريقة تعيينه”.
وفي المقابل عبرت حركة البناء الوطني المنبثقة بدورها عن الحركة الأم حمس، عن قلقها مما أسمته بالمخاطر التي تهدد ثوابت الهوية الوطنية، في إشارة للضمانات التي قدمتها الوثيقة للأمازيغية لكي تكون مادة صماء غير قابلة للنقاش أو التعديل مستقبلا.
وأشارت في هذا الشأن إلى أن “اللغة الوطنية والرسمية واحدة وغير قابلة للنقاش، وأن الجزائر واحدة وشعبها واحد، واللغة الوطنية الرسمية واحدة، وغير قابلة للنقاش والمزايدة وللرضوخ أمام جماعات الضغط”، في إشارة إلى دسترة اللغة الأمازيغية كلغة وطنية ثانية رسمية في البلاد.
وكعادتها ركبت الأحزاب الإسلامية موجة الثوابت والهوية، عبر ما أسمته حركة البناء بـ”الخصوصيات العقيدية والتاريخية والحضارية، ومن غير المناسب المبالغة في التنصيص بالاتفاقيات الدولية بالشكل الذي تصير هي فيه المحدد والمقيد لموروث الشعب الجزائري”، وذلك في ردها على تنصيص المسودة القاضي بإخضاع جميع التشريعات المحلية، للمواثيق والاتفاقيات التشريعية الدولية.
وفيما ينتظر أن تلتحق أحزاب إسلامية مبكرا بركب المرحبين بمسعى السلطة، قياسا بالتماهي الذي باتت تتميز به في الآونة الأخيرة على غرار حركتي الإصلاح والنهضة، فإن حركتي حمس والبناء تقاطعت ردود فعلهما الأولية في العديد من المسائل التي دأب الإخوان على توظيفها في مختلف الاستحقاقات السياسية، على غرار مسألة الحريات التي يتلونون بشأنها حسب الموقف والوضع.