كورونا يطلق موسما لصيد "تجار الإقامات" في الكويت

الحكومة الكويتية تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة مافيا تجارة الإقامات بعد تحوّل الآلاف من العمال الذين تمّ جلبهم وتشغيلهم بطريقة غير نظامية إلى عبء كبير على الدولة.
الثلاثاء 2020/04/28
كورونا كشف المستور

الكويت- حوّلت جائحة كورونا المتاجرين في جلب العمّال الوافدين إلى الكويت بطريقة غير مشروعة، أو من يطلق عليهم محلّيا اسم “تجّار الإقامات” إلى العدو رقم واحد للدولة والمجتمع الكويتيين، على الرغم من أنّ الظاهرة قديمة وشائعة، والكثير من هؤلاء “التجّار” معروفون في الغالب ويستفيدون من تواطؤ بعض الأجهزة الرسمية وتستّرها على أنشطتهم.

وانطلق “موسم صيد” تجار الإقامات من قبل الأجهزة الأمنية الكويتية عندما توقّفت أغلب الأنشطة الاقتصادية في الكويت وتحوّل الآلاف من العمال الذين تمّ جلبهم وتشغيلهم بطريقة غير نظامية إلى عبء كبير على الدولة لصعوبة ضبطهم وترحيلهم إلى بلدانهم حتى لا يتحوّلوا إلى بيئة مناسبة لانتشار الفايروس القاتل ونشره في محيطهم.

واتّخذت الحكومة الكويتية إجراءات عاجلة لمواجهة ما أصبح يعرف بمافيا تجارة الإقامات. وأصدر وزير الداخلية أنس الصالح قرارا بتشكيل فريق عمل برئاسته يتولّى محاربة الظاهرة.

مرزوق الغانم: هناك من يرفع الهاتف ويتوسط في الخفاء لتجار الإقامات
مرزوق الغانم: هناك من يرفع الهاتف ويتوسط في الخفاء لتجار الإقامات

وبفعل التركيز السياسي والأمني على الملف، بدأت سلسلة شبكة تجار الإقامات تتداعى كاشفة عن تورّط العديد من صغار الموظّفين، في حين وجّه البعض أصابع الاتهام إلى موظفين ومسؤولين كبار من بينهم نواب في البرلمان.

وقال مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمّة (البرلمان) إنه لن يقبل من أي طرف عرقلة الكشف عن تجار الإقامات، مطالبا حكومة الشيخ صباح الخالد بإبلاغه رسميا إذا ثبت أن هناك أي نائب يتوسط لهؤلاء التجار.

ووصف الغانم تجار الإقامات بالوحوش البشرية، قائلا في تصريح للصحافيين إنّ “هناك معلومات تردنا عن توسط نواب لتجار إقامات وغيرهم من المخالفين، ومن غير المقبول من أي شخص يمثل الأمّة ويشرّع ويراقب أن يتوسط لتجار إقامات ويتدخل في تحديد من المدان أو البريء، ويحاول عرقلة إحالة الملفات للنيابة”.

كما اعتبر رئيس البرلمان الكويتي أن كشف هذه الجرائم المتعلّقة بتجارة الإقامات كان يفترض أن يتم منذ فترة طويلة، مستدركا “أن تبدأ متأخرا خير من ألاّ تبدأ”.

ولمّح الغانم إلى وجود تواطؤ في موضوع تجارة الإقامات قائلا “أستغرب ممن يصرح في العلن ضد تجار الإقامات ثم في الخفاء يرفع الهاتف ويتوسط لهم”.

ونجحت السلطات الأمنية الكويتية مؤّخرا في تفكيك عدّة شبكات ناشطة في جلب العمال الوافدين بطرق غير مشروعة، وقامت مؤخّرا بتوقيف العشرات من الكويتيين والأجانب للتحقيق معهم بشبهة الاتجار بالبشر وجلب عمالة وافدة مقابل مبالغ مالية، لكنّ قضية ضابط برتبة عقيد متورّط في تجارة الإقامات استأثرت بقدر أكبر من الاهتمام، حيث لفتت الانتباه مجدّدا إلى تسرّب الفساد إلى أجهزة الدولة بما في ذلك أجهزتها الأمنية. وأظهرت التحقيقات في قضية الضابط أنّ عدد العمال الذين استقدمتهم الشبكة التي يديرها بمساعدة عدد من المصريين وصل إلى 1300 عامل.

ويقول منتقدو سياسة الحكومات الكويتية إزاء ملف العمال الوافدين عموما، والمقيمين منهم بطرق غير مشروعة على وجه الخصوص، إنّ ملاحقة تجّار الإقامات مسألة ظرفية ستختفي بعد تجاوز جائحة كورونا، مؤكّدين أنّ من يستفيدون من وجود عمالة غير قانونية كثيرون ومن بينهم أصحاب أموال ومشاريع ويستطيعون ممارسة ضغوطهم لاستئناف عملية غض الطرف على ملف تجارة الإقامات القائمة منذ سنوات طويلة.

3