أزمة الوباء تطلق التفكير في كبح نفقات التسليح

التمويل العسكري يبلغ أعلى مستوياته منذ الحرب الباردة، وأزمة الوباء ستدفع السياسيين إلى التفكير مستقبلا في تغيير وجهة نفقات دولهم.
الثلاثاء 2020/04/28
مسارات جديدة تحددها الطوارئ

رجح خبراء عسكريون أن تواجه حكومات الدول ضغوطا شديدة خلال السنوات المقبلة لكبح الإنفاق العسكري بسبب أولويات تفرضها مواجهة الأزمات الطارئة مثلما هو الحال مع وباء كورونا، فضلا عن تحول جبهات الصراع الراهنة إلى جبهات أخرى وهو ما قد يقوض أي خطة لزيادة تمويل الحروب على المدى البعيد.

ستوكهولم – تفرض التحولات المتسارعة في العالم على حكومات الدول إعادة النظر في حجم نفقات التسليح، والتي تقضم كل سنة أموالا ضخمة من مخصصات موازناتها السنوية.

وتعتبر أزمة وباء كورونا، الذي ظهر نهاية العام الماضي، نقطة فاصلة ستعمل على تدفع السياسيين إلى التفكير مستقبلا في تغيير وجهة نفقات دولهم.

ويؤكد محللون عسكريون أن الميل الجامح للإنفاق العسكري سينعكس سلبا بسبب كورونا، الذي سيخلط أوراق الحكومات بعد نمو مخصصات هذا المجال خلال السنوات الماضية.

وتأتي هذه الترجيحات بعد أن أظهر تقرير حديث أن مستوى الإنفاق العسكري بلغ خلال 2019 أعلى مستوى له منذ نهاية الحرب الباردة في 1989.

وحذر الباحث في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) نان تيان، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية الاثنين، أن نموّ الإنفاق العسكري سيتراجع بسبب كورونا الذي يهز الاقتصاد العالمي بعد أن تسارع في السنوات الأخيرة.

وبينما يتّجه العالم نحو حالة من الركود، اعتبر تيان أنّه سيتعيّن على الحكومات إعادة النظر في الإنفاق بالمجال العسكري وتوجيهه نحو قطاعات مثل الصحة والتعليم.

وقال تيان أن ما يجري “يُرجَّح أن يكون له تأثير حقيقي على الإنفاق العسكري”، لكنّ الباحث أوضح في الوقت نفسه أن الانخفاض في الإنفاق العسكري في سياق أزمة معيّنة لا يدوم طويلاً على الإطلاق.

وتابع “يمكن أن نرى انخفاضًا في الإنفاق لمدة تتراوح من سنة إلى ثلاث سنوات، ثمّ زيادةً جديدة في السنوات المقبلة”.

ويرى خبراء عسكريون أن لوبيات الصناعة العسكرية قد تمارس ضغوطا أكبر على الحكومات لحثها على عدم التفكير في خفض نفقات التسليح مهما كانت الظروف.

الإنفاق العسكري سيتراجع بسبب كورونا
الإنفاق العسكري سيتراجع بسبب كورونا

وكانت المخاوف من الإرهاب قد دفعت الدول الكبرى إلى خوض حروب خارجية وحتى تعزيز مستويات الأمن داخليا، حيث قامت بصرف مليارات الدولارات عليها بتخصيص جزء من الميزانية على حساب قطاعات أخرى.

وعلى مدار العام ككل ارتفع الإنفاق العسكري إلى 1.92 مليار دولار في العالم، أي بزيادةٍ سنويّة قدرها 3.6 في المئة هي الأكبر منذ 2010 ووفق معهد سيبري.

وتبقى الميزانيّة التي خصّصتها الولايات المتحدة، الأولى في هذا المجال، وقد زادت بنسبة 5.3 في المئة العام الماضي إلى 732 مليار دولار، أي ما نسبته 38 في المئة من الإنفاق العالمي. وبعد سبع سنوات من التراجع، عاود الإنفاق العسكري الارتفاع عام 2018.

وتأتي الصين وراء الولايات المتحدة، مع قرابة 261 مليار دولار، بزيادة 5.1 في المئة على مدى عام واحد، والهند مع نحو 71.1 مليار دولار أي بزيادة 6.8 في المئة على مدى عام.

وكان الإنفاق العسكريّ للصين خلال ربع القرن الماضي قد جاء متوازيًا مع منحنى النموّ الاقتصادي للبلاد. وتعكس الاستثمارات رغبة الصين في “جيش من الطراز العالمي”.

قال تيان إن “الصين أعلنت صراحة أنّها تريد بشكل أساسي التنافس مع الولايات المتحدة كقوة عسكرية عظمى”.

وفي ما يتعلّق بالهند، قال سيمون وايزمان وهو باحث آخر في المعهد إنّ “التوتّرات وتنافس الهند مع باكستان والصين هما من بين عوامل زيادة الإنفاق العسكري” للبلاد.

والدول الخمس الكبار من حيث الإنفاق، بينها روسيا والسعوديّة، أنفقت جميعها أكثر من 60 في المئة من حجم الإنفاق العسكري العالمي.

أمّا ألمانيا التي حلّت سابعة وراء فرنسا، فسجّلت من جهتها أقوى زيادة في لائحة الدول الـ15 الأكثر إنفاقا.

وقد زاد إنفاق الحكومة الألمانية بنسبة عشرة في المئة خلال العام الماضي إلى 49.3 مليار دولار، ويعود ذلك بشكل جزئي إلى المخاوف من تهديد روسي، حسب معدّي التقرير.

5