الحجر الصحي ينقل مشردين عربا إلى فندق فخم بسويسرا

الإيواء في فندق "بل إسبيرانس" يتيح للمشردين "الاسترخاء وتلقي الاهتمام والنوم في الوقت الذي يختارونه واستعادة نمط حياة طبيعي أكثر".
الأربعاء 2020/04/22
مأوى مؤقت لكنه جميل

فتح فندق في مدينة جنيف أبوابه لإيواء المشردين من العرب، وأمام إلغاء كل الحجوزات بسبب تفشي فايروس كورونا يعمل موظفون في الفندق السويسري على راحة النزلاء الجدد.

 جنيف – يكاد سفيان رحماني لا يصدق ما يحدث له، فبعد أن أمضى هذا المراهق الجزائري سنوات عدة مشردا في الشارع، بات يقيم في فندق 3 نجوم بجنيف في غرفة خاصة به مع توفر وجبات طعام مجانية، وذلك بسبب إجراءات الحماية من انتشار وباء كوفيد – 19.

قال رحماني البالغ من العمر 16 عاماو المقيم حاليا في فندق “بل إسبيرانس” في وسط جنيف “أعيش حياة ترف” حاليا.

وخلال الشهر الفائت، وفي ظل إلغاءات الحجوزات المتأتية من تفشي فايروس كورونا المستجد، قرر مدير الفندق استقبال مشردين، فوضعت عشرون غرفة تحت تصرف نساء مشردات وإحدى عشرة غرفة أخرى لمراهقين على غرار رحماني ممن لا تتوفر لديهم إمكانية تقديم طلب لجوء في سويسرا بموجب التشريعات الأوروبية.

وأوضح مدير الفندق آلان مولي من قاعة الأكل التي أعيد ترتيب طاولاتها ليجلس أمام كلّ منها شخص واحد فقط، “الأمور حصلت بصورة طبيعية”.

وأضاف مولي عندما بدأت سويسرا إلغاء كل الأحداث العامة وإغلاق المطاعم والمتاجر للحدّ من انتشار الفايروس مطلع مارس الماضي، “جرى إلغاء أكثر من 90 في المئة من حجوزاتنا”.

وكان الفندق التابع لمنظمة “جيش الخلاص” الخيرية البروتستانتية، شاغرا عندما سمع مديره بأن هذه الجمعية تبحث عن أماكن آمنة للإيواء خلال انتشار الوباء لعدد من المشردين في جنيف. وفي سويسرا حيث توفي أكثر من 1100 شخص جراء كورونا، لدى كل من الكانتونات الـ26 تشريع خاص لإدارة ملف المشردين.

في جنيف، يوفر “جيش الخلاص” ومنظمات أخرى منذ زمن بعيد مراكز للإيواء الطارئ مزودة بعشرات الأسرّة، لكنها لم تقدم يوما من قبل مثل هذه الخدمة على مدار الساعة.

وأكد مولي أن استقبال المشردين حصل ببساطة كبيرة.

وقد وُضع موظفو الفندق في إجازة جبرية كما جرت الاستعانة بفريق من العاملين الاجتماعيين لاستقبال النزلاء الجدد الذين سُمح لهم بالبقاء في الموقع حتى الأول من يونيو المقبل.

وقال المدير “هذا جمهور ذو طابع خاص، وقد سحبنا من الغرف بعض الأثاث الزائد الموجود في فنادق الثلاثة نجوم بما فيها الأجهزة اللوحية وآلات صنع القهوة. لكن مستوى الرفاهية يبقى نفسه”.

وأضاف “هم ينامون على الأسرّة والوسائد نفسها ولديهم أجهزة التلفزيون عينها. كما أنهم يستمتعون كثيرا بخدمة الإنترنت اللاسلكي”.

عيش مترف
عيش مترف

ويستعيد فندق “بل إسبيرانس” دعوته الاجتماعية التاريخية لأنه شكّل على مدى أكثر من ستة عقود نزلا للنساء قبل أن يجري تحويله في 1996 إلى فندق بسيط مع غرف أنيقة. وقد يصل سعر الليلة الواحدة في هذا الفندق عادة إلى 618 دولارا في موسم الذروة.

ولا يخشى مولي من أي أثر سلبي لاستضافة المشردين حاليا على الفندق بعد انتهاء الأزمة.

وقال “للدلالة على ذلك، أتلقى حاليا رسائل إلكترونية كثيرة من زبائننا الدائمين الذين علموا بما نقوم به. لقد أشادوا بخطوتنا واقترحوا علينا المساعدة أيضا”، مؤكدا أن هذه المبادرة قد تشكل كذلك “نقطة قوة تجارية”.

وأعرب رحماني عن سعادته بمسكنه الموقت، إذ ينعم فيه بـ”راحة تامة” ويبدي رغبة في البقاء “كامل الحياة” داخله.

ووصل المراهق الجزائري إلى إسبانيا قبل ثلاث سنوات بعدما عبر البحر المتوسط بمركب، قبل التوجه إلى باريس ثم إلى جنيف في الشهر الماضي.

وتشاطره هذا الرأي نزيلة أخرى حاليا في الفندق وهي المغربية حفيظة مرسلي البالغة 42 عاما والتي وصلت إلى سويسرا قبل حوالي عقد من الزمن، قائلة “نشعر بالارتياح حقا هنا. كلّ في غرفته”.

وتوقفت مديرة الإيواء الليلي في “جيش الخلاص” فاليري سبانيا أيضا عند ظروف الاستقبال المغايرة للغاية عن تلك المعتمدة في المهاجع التي تستضيف المشردين عادة خلال الليل.

وأشارت إلى أن الإيواء على مدار الساعة كما في فندق “بل إسبيرانس” يتيح للمشردين “الاسترخاء وتلقي الاهتمام والنوم في الوقت الذي يختارونه واستعادة نمط حياة طبيعي أكثر”. غير أنها استدركت لافتة إلى أن “العودة إلى الواقع ستكون مؤلمة”.

24