ضغوط اقتصادية واجتماعية لرفع الحجر الصحي في تونس

أمام الوضع الجديد الذي فرضه انتشار الوباء تجد السلطات التونسية نفسها مضطرة لتوفير كميات كبيرة من الكمامات ومستلزمات الوقاية لعموم المواطنين.
الجمعة 2020/04/17
كمامات من القماش لمواجهة تفاقم الطلب

تواجه الحكومة التونسية ضغوطا في التصدي لتداعيات وباء كورونا ما يربك أجنداتها لمكافحة الجائحة، ففي وقت تؤكد فيه وزارة الصحة أن رفع الحجر الصحي رهين انحسار انتشار الفايروس، تدفع أطراف اقتصادية واجتماعية نحو رفعه تدريجيا لتدارك الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها البلاد، ما أثر سلبا على التوازنات الاجتماعية في ظل مساعدات مالية حكومية ضعيفة.

تونس- يضغط رجال الأعمال وأيضا الفئات الهشة المتضررة من الحجر الصحي على الحكومة التونسية من أجل رفع الحجر الصحي العام وسط غموض يحيط بموقف السلطات، لكن اللجوء لتوفير الكمامات البديلة يشير إلى إمكانية رفعه أو تخفيفه على الأقل.

وطالبت منظمة أرباب العمل التونسية  بضرورة العودة التدريجية إلى العمل، تفاديا للمزيد من الخسائر التي تكبدتها المؤسسات الاقتصادية، ما يفاقم الضغوط على الأجندات الحكومية.

وتستعد تونس بداية من الأسبوع القادم إلى بيع الكمامات الواقية متعددة الاستعمالات في الصيدليات وذلك بعد أيام من إعلان وزير الصحة عبداللطيف المكي أن ارتداء الأقنعة الواقية سيكون ضروريا بالنسبة لجميع التونسيين بغض النظر إن كانوا مصابين بفايروس كورونا أو لا.

خليل عموس: يجب أن تكون الكمامات قادرة على حماية من يرتديها
خليل عموس: يجب أن تكون الكمامات قادرة على حماية من يرتديها

وأصدرت وزارة الصحة التونسية بيانا حددت فيه السلوكيات والإجراءات الوقائية للحدّ من انتشار فايروس كورونا ومن بينها التذكير بضرورة ارتداء الكمامات في الأماكن العامة.

وأمام الوضع الجديد الذي فرضه انتشار الوباء وجدت السلطات نفسها مضطرة لتوفير كميات كبيرة من الكمامات ومستلزمات وقاية أخرى لعموم المواطنين ما يجعل الطلب يتضاعف بأرقام كبيرة، في مقابل إنتاج محلي عاجز عن تغطية هذا الطلب.

ووجد المسؤولون من وزارتي الصحة والصناعة الحل لتغطية الطلب المحلي المتضاعف باستمرار والذي من المرجح أن يرتفع أكثر فأكثر خلال الفترة القادمة إلى أن يتم تخفيف قيود الحجر الشامل.

وتم تشكيل لجنة مشتركة بين وزارتي الصحة والصناعة تضم اختصاصيين لتحديد نوعية القماش المناسبة لصنع الكمامات الواقية ذات الاستعمال المتعدد والموجهة بالأساس لعموم المواطنين.

وقال خليل عموس مدير عام الصيدلية المركزية، في تصريح لـ”العرب”، إنه “يجب أن تكون هذه الكمامات قادرة على حماية من يرتديها بنسبة 90 في المئة”.

وبين أن طريقة احتساب حجم الكميات الأولى التي تحتاجها تونس بالاستناد إلى الفئة العاملة التي ستكون لها أولوية الخروج من الحجر الذاتي والتي تقدر بحوالي 7 ملايين ونصف المليون مواطن.

وسيكون هؤلاء في حاجة إلى كمامتين لكل شخص يعمل بدوام ثماني ساعات يوميا، باعتبار أن الكمامة الواحدة تدوم فترة صلاحيتها أربع ساعات لتكون ناجعة في تحقيق هدف الحماية. وهذه الكمامات مخصصة للاستعمال المتعدد وهي قابلة للغسل بمسحوق عادي وفي آلة غسل الملابس في درجة حرارة تكون في 60 درجة مئوية أو يدويا باستعمال 10 في المئة من سائل الكلور على كل لتر من الماء. وتترك لتجفف بطريقة عادية. وسيحتاج كل مواطن إلى 4 كمامات إذ يستعمل يوميا كمامتين يغسلهما في نهاية اليوم.

شهاب بن ريانة: نحتاج إلى أكثر من 30 مليون كمامة عند تخفيف قيود الحجر
شهاب بن ريانة: نحتاج إلى أكثر من 30 مليون كمامة عند تخفيف قيود الحجر

ورجح شهاب بن ريانة مدير عام المخبر الوطني لمراقبة الأدوية في تونس، في تصريح لـ”العرب”، أنه “ربما نحتاج أكثر من 30 مليون كمامة في المستقبل” عند تخفيف قيود الحجر الشامل وتوجه الجميع لوضع الكمامات بشكل قد يصبح روتينا للمواطن التونسي عند خروجه إلى الشارع.

وكان المكي قد أكد في وقت سابق أن “ارتداء الكمامة الطبية سيصبح إجباريا بعد انقضاء فترة الحجر الصحي”، فيما عدلت منظمة الصحة العالمية موقفها من ارتداء القناع الواقي لتنصح بوضعه في الأماكن العامة بالنسبة للجميع بعد أن كانت في السابق تؤكد على أن ارتداءه يقتصر فقط على الفرق الطبية والصحية وعلى المصابين بالفايروس تفاديا لنقص هذه المادة من الأسواق.

وأوضح بن ريانة أن هناك نوعين من الكمامات: الأولى جراحية والثانية عادية وهي التي ظهرت مع انتشار كوفيد – 19 وهي مخصصة للحماية الفردية.

وأفاد بأنه حاليا تم تصنيع نوع ثالث من الكمامات الواقية بعد عديد الأبحاث في العالم وهي تسمى كمامات بديلة أو “كمامات حاجز” ليست موجهة للفرق الطبية بل موجهة للذين يواجهون الفايروس في الصف الثاني وأيضا للمواطنين العاديين.

وشدد على أن النوع الثالث من الكمامات الواقية يجب أن يكون قابلا للغسل ولإعادة الاستعمال مرة أخرى. كما يجب أن تشكل الكمامات حاجزا بين المريض والأصحاء أو العكس، حيث تمنع وصول قطرات رذاذ المصاب بالفايروس إلى جهاز تنفس غير المصاب.

الكمامات مخصصة للاستعمال المتعدد وهي قابلة للغسل بمسحوق عادي وفي آلة غسل الملابس في درجة حرارة تكون في 60 درجة مئوية

واتبعت تونس في اعتماد هذه الكمامات على دليل وضعته الوكالة الفرنسية للمواصفات في هذا الشأن. وينص هذا الدليل على وجوب أن يتكون القناع من 3 طبقات من القماش فوق بعضها لصنع حاجز أمام انتقال فايروس كورونا.

وفي ما يتعلق بنوعية القماش الذي يجب أن تصنع منه هذه الأقنعة الواقية فتتم المصادقة عليها من قبل المركز الفني للنسيج التابع لوزارة الصناعة.

وأعربت ما يفوق 100 مؤسسة تونسية عن رغبتها في تصنيع وإنتاج الكمامات الواقية ذات الاستعمال المتعدد من خلال التسجيل عبر موقع وزارة الصناعة.

4