تركيا تواجه انتقادات لاذعة باستثنائها إطلاق سراح سجناء سياسيين

توجس من إصابة سجناء لم يحاكموا بعد بفايروس كورونا، بعد إقرار البرلمان الافراج عن عشرات الآلاف من السجناء ومنع إطلاق سراح المحبوسين بقضايا سياسية.
الأربعاء 2020/04/15
هل السجناء السياسيون محصنون ضد كورونا؟

وافق البرلمان التركي على تمرير مشروع قانون يقضي بإطلاق سراح سجناء بهدف تفادي الاكتظاظ داخل السجون لكنه يستثني السجناء السياسيين ما أثار حفيظة منظمات حقوقية ودولية التي نددت بانتقائية هذا القانون الذي دفع به حزب العدالة والتنمية الحاكم وطالبت بالإفراج عن السجناء السياسيين.

أنقرة – أقر البرلمان التركي مشروع قانون متعلق بإطلاق سراح سجناء مساء الاثنين في خطوة تهدف لاحتواء مخاطر تفشي وباء كورونا لكنها قوبلت بانتقادات لاذعة لاسيما أن هذا القانون الذي دفع به حزب العدالة والتنمية، وهو حزب الرئيس رجب طيب أردوغان، يستثني المساجين السياسيين.

ويتيح هذا القانون الإفراج عن عشرات الآلاف من السجناء وذلك بهدف التخفيف من الاكتظاظ في السجون المهدّدة بوباء كوفيد - 19 الذي حصد أرواح المئات من الأتراك لكنّه يمنع إطلاق سراح سجناء سياسيين. وأعلن البرلمان على تويتر أنّ “المشروع بات قانوناً بعد إقراره”.

وانتقدت أطراف مدافعة عن حقوق الإنسان على غرار منظمات هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية النص لاستبعاده السجناء المدانين بموجب قانون مثير للجدل لمكافحة الإرهاب.

ودانت تلك المنظمات أيضاً عدم شمول التدبير الجديد العديد من الصحافيين والمعارضين السياسيين والمحامين الموجودين في الحجر الاحترازي ولم يخضعوا بعد للمحاكمة والذين غالبيتهم تعلقت بهم تهم إثر محاولة الانقلاب الفاشلة في العام 2016 أو لوحقوا من قبل السلطات في إطار قمعها للأكراد.

ومن بين هؤلاء متّهمون قيد المحاكمة أو ينتظرون بدء محاكماتهم، وموقوفون ينتظرون توجيه اتّهامات رسمية إليهم تمهيداً لمحاكمتهم.

أندرو غاردنر: أتراك يقبعون في السجن لأنّهم مارسوا حقوقهم
أندرو غاردنر: أتراك يقبعون في السجن لأنّهم مارسوا حقوقهم 

وقال أندرو غاردنر المسؤول في منظمة العفو الدولية في تصريحات صحفية الثلاثاء إنّ “العديد من الأشخاص القابعين في السجن لأنّهم مارسوا حقوقهم،  وهم لم يرتكبوا أيّ جريمة، مستثنون من إجراء الإفراج عنه لأنّ الحكومة تختار استخدام قوانين مكافحة الإرهاب المرنة جداً والمفرطة في الاتّساع والغموض”.

وهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها أنقرة انتقادات لاذعة بسبب نشطاء سياسيين وضعتهم السلطات قيد الإيقاف ويكتنف مصير محاكمتهم الغموض.

فبحسب مجلس أوروبا، وهو منظمة حقوقية تضم 47 دولة، فإنه يوجد في تركيا أكثر من 296 ألف سجين، ولديها ثاني أكبر عدد من السجناء الجنائيين بعد روسيا .

وقالت ميلينا بويوم، المعنية بالشأن التركي في منظمة العفو الدولية، إن “المدانين في محاكمات غير عادلة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب الواسعة للغاية في تركيا أصبح محكوم عليهم أيضا بمواجهة احتمال الإصابة بهذا المرض الفتاك“.

ومن بين هؤلاء المسجونين رجل الأعمال والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان كافالا والسياسي الكردي المعارض صلاح الدين ديميرطاش.

وطالب أحد محامي دميرطاش، محسوني كارامان، مؤخراً بإطلاق سراح موكله لأسباب صحية لكن لم يتخذ أي قرار بهذا الصدد حتى الآن.

ودميرطاش وهو الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المعارض عانى في ديسمبر من آلام في الصدر وصعوبات في التنفس وتلقى علاجاً سريعا في السجن رغم المطالبات بإطلاق سراحه. واعتبر محاميه أن القانون الجديد “غير عادل وغير قانوني”.

وفي رده على الانتقادات التي طالت حزبه بسبب هذا القانون قال أردوغان الثلاثاء إن “القانون الجديد يراعي حساسيات الشعب التركي وضميره”.

وبعد أن شككت المعارضة في مقاربة السلطات التركية حيال كورونا أكد أردوغان “لقد تم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية نزلاء السجون من خطر كوفيد- 19”.

وأطلقت الحكومة التركية حملة قمع واسعة في أعقاب محاولة انقلاب فاشلة في عام 2016 طالت عسكريين وشخصيات سياسية بارزة وإعلاميين وناشطين حقوقيين.

ودميرطاش واحد من عشرات آلاف الأشخاص المحتجزين بسبب اتهامهم بالارتباط بمنظمات كردية مسلحة غير شرعية أو بالحركة التي يتزعمها الداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة.

رجل الأعمال والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان كافالا احد الباقين في السجن
رجل الأعمال والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان كافالا احد الباقين في السجن

وتتهم أنقرة غولن بتدبير محاولة الانقلاب، لكنه ينفي ذلك نفياً قاطعا. ويتعلق القانون الجديد بعدة فئات من السجناء، بينهم المتقدمين في السن ويعانون من مشاكل صحية والنساء الحوامل. لكنه لا يشمل مرتكبي جرائم القتل أو جرائم جنسية وتجار المخدرات.

وقالت ميلينا بويوم في تغريدة لها على تويتر إنّ  “القانون أُقرّ بأغلبية 279 صوتاً مقابل 51 صوتاً”.

وأضافت أنه خلال النقاشات البرلمانية على مدى عدة أيام سبقت التصويت في البرلمان، “رفض تماماً أي عفو يشمل المعارضة”.

وأكد حزب العدالة والتنمية الحاكم حين طرح مشروع القانون أن 45 ألف شخص سيجري الإفراج عنهم بموجبه في إطار عملية إفراح مبكر مشروط، وسيرفع العدد إلى 90 ألف مع احتساب السجناء الذين سيوضعون قيد الإقامة الجبرية.

وأعلن وزير العدل التركي عبد الحميد غول الاثنين أن ثلاثة سجناء توفوا جراء إصابتهم بكوفيد - 19، من أصل 17 سجينا مصابا.

ويعالج 13 سجينا في المستشفى وهم في حالة جيدة، لكن آخرا يعاني من أمراض سابقة نقل إلى العناية المركزة، كما أفاد الوزير.

ووفق أرقام وزارة الصحة فإن تركيا سجلت حتى الآن 61 ألف إصابة و1300 وفاة بفايروس كورونا المستجد.

5