شكوى جزائرية للأمم المتحدة تسمم العلاقات مع فرنسا

جمعيات جزائرية تعمل على تفعيل ملف الألغام والتفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر، من أجل الاقتصاص للضحايا لاسيما وأن الحوادث لا تزال مستمرة.
الجمعة 2020/04/10
لودريان: باريس تتعاطى مع الأمر الواقع في الجزائر

الجزائر- دخلت العلاقات الجزائرية الفرنسية أزمة جديدة بسبب التركة التاريخية الموروثة عن الحقبة الاستعمارية ما ينذر بتصاعدها، في وقت تعالت فيه دعوات رسمية جزائرية لفرنسا كي تعترف بجرائمها الاستعمارية لتطبيع العلاقات بين البلدين.

وسلمت الجزائر لهيئة الأمم المتحدة تقريرا مفصلا ضمنته مخلفات الألغام التي زرعها الجيش الفرنسي على أراضيها أثناء الحقبة الاستعمارية، والتي لا تزال آثارها بادية على الأرض وعلى الأفراد، رغم مرور قرابة ستة عقود على استقلال الجزائر.

وتمثل التركة التاريخية أحد أبرز الملفات الثقيلة التي رهنت العلاقات الثنائية بين البلدين، رغم التقارب المسجل خلال عشريتي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، ودور الرؤساء المتعاقبين على قصر الإليزي في دعم نظامه السياسي، خاصة منذ الأزمة الصحية التي ألمت به العام 2014. وكشف التقرير الجزائري أن “الألغام التي زرعها الفرنسيون لا تزال تحصد أرواح الجزائريين حتى الآن، حيث خلفت في مجموعها 7300 ضحية، بينهم 480 ضحية مدنية خلال ثورة التحرير و2470 ضحية بعد الاستقلال، إضافة إلى المئات من المعطوبين الذين بترت أجزاء مهمة من أجسامهم أو تسببت لهم في إعاقات لا تقل عن نسبة 20 في المئة”.

وأحصى التقرير سبع محافظات حدودية، تضم أكبر عدد من الضحايا، وهي محافظات ضمت خلال الحقبة الاستعمارية (1945 – 1962)، خطي شال وموريس اللذين نصبا على الحدود الشرقية مع تونس في كل من محافظات الطارف، سوق أهراس، قالمة وتبسة، وعلى الحدود الغربية مع المغرب وتضم محافظات تلمسان، النعامة وبشار، وذلك بغية محاصرة ثورة التحرير والحيلولة دون وصول الدعم الخارجي إليها آنذاك.

ويبقى ملف الألغام الفرنسية في الجزائر أحد أوجه الأزمة التاريخية بين البلدين، ينضاف إلى العديد من القضايا العالقة، على غرار الأرشيف المحتجز وجماجم زعماء المقاومة الشعبية المتواجدة في متحف الإنسان، إلى جانب قانون تمجيد دور الجيش الفرنسي خارج حدوده الصادر العام 2005، وهو أبرز عائق أمام علاقات ثنائية طبيعية وتعاون مشترك بين الطرفين.

وعادت إلى الواجهة دعوات إصدار قانون يجرم الاستعمار، بعد إلحاح منظمة المجاهدين (قدماء المحاربين)، على ضرورة إحياء مشروع القانون الذي عرقل العام 2006 بإيعاز من نظام بوتفليقة، فضلا عن إطلاق عريضة وقّع عليها 125 نائبا لعرض القانون للمناقشة والتصديق، لكن تعليق أشغال البرلمان بسبب وباء كورونا أجله إلى وقت لاحق.

وخيمت حالة من الارتياب على العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ تنحي الرئيس السابق، في ظل مخاوف فرنسية من صعود جيل جديد إلى السلطة يناهض المصالح الفرنسية، ويدفع بالبلاد إلى الانفتاح على قوى إقليمية ودولية أخرى كالصين وروسيا بغية إنهاء النفوذ الفرنسي في بلاده.

وكان وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان، قد صرح لوسائل إعلام محلية بأن “بلاده تتعاطي مع الأمر الواقع في الجزائر”، وهو تلميح إلى عدم ارتياح باريس للتطورات الأخيرة في هرم السلطة، واضطرارها إلى التعامل مع المعطى الجديد تحت ضغط المصالح الاستراتيجية المشتركة.

وتعكف جمعيات جزائرية على تفعيل ملف الألغام والتفجيرات النووية الفرنسية بالجزائر، من أجل الاقتصاص للضحايا لاسيما وأن الحوادث لا تزال مستمرة، وأثار السلاح النووي لا تزال ماثلة في مناطق جنوبية ولدى بعض السكان، حيث يعتبر سرطان الجلد أحد أكبر الأمراض المنتشرة هناك، إلا أنه يصطدم باللوبيات السياسية والرسمية الموالية لباريس، خاصة وأن الملف يجر باريس إلى تعويضات مالية ضخمة للضحايا.

4