صادرات قطر أكبر المتضررين من انهيار الطلب على الغاز

فايروس كورونا يضغط على الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال في سوق تشهد تخمة المعروض.
الخميس 2020/04/09
كساد سوق الغاز

يهدد انهيار الطلب العالمي على الغاز اقتصادات الدول الريعية التي تعتمد بشكل كبير على صادرات الغاز، ما يجعل الاقتصاد القطري في صدارة المتضررين نظرا لاعتماده شبه الكلي على منتج وحيد، ما يجعله مهددا بانهيار شامل يغذيه ظهور مؤشرات انكماش حادة.

لندن - كشفت بيانات حديثة عن انهيار غير مسبوق للطلب العالمي على الغاز مما يهدد الدول المصدرة للمنتج بالانهيار مثل قطر التي تراجع نشاطها الاقتصادي بصفة متسارعة أكثر من انتشار الفايروس نفسه، بسبب اعتمادها الشديد على سلعة وحيدة وهي صادرات الغاز، وبدرجة ضئيلة على صادرات النفط، التي تتعرض هي الأخرى إلى تراجع العوائد.

وقالت المجموعة الدولية لمستوردي الغاز الطبيعي المسال، الأربعاء، إن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال سيتقلص هذا العام عند مستويات قياسية في 2019، إذ تضغط أزمة فايروس كورونا على الاقتصادات في سوق تشهد بالفعل تخمة في المعروض من الوقود.

وقالت المجموعة إنه بعد ارتفاع الطلب في العام الماضي 13 في المئة إلى 354.7 مليون طن، يبدو أن الانكماش الاقتصادي في الكثير من الأسواق الرئيسية سيقلص واردات الدول المستهلكة من الغاز.

وقال رئيس الجمعية جان ماري دوجير في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني “عام 2019 كان عاما قياسيا لصناعة الغاز الطبيعي المسال من حيث الكميات المستوردة وقرارات الاستثمار الجديدة التي اتخذت”.

وتابع “على المدى القصير، التأثير السلبي لتفشي كوفيد – 19 على اقتصادات الدول المستوردة سيضع ضغطا نزوليا على الطلب في سوق تعاني تخمة بالفعل”.

وزاد إنتاج الغاز الطبيعي المسال العام الماضي بفضل خمسة مشروعات تسييل جديدة ضخمة في الولايات المتحدة وأستراليا، لتصبح الأولى أكبر مصدر بعقود قصيرة الأجل. وبدأ تشغيل مشروعين صغيرين في روسيا والأرجنتين.

انكماش اقتصاد قطر بنحو 0.6 في المئة بمقارنة سنوية، بفعل تراجع أنشطة التعدين والمحاجر بنحو 3.4 في المئة

ورغم الطفرة في العام الماضي فإن انهيار الطلب حاليا في أعقاب انتشار كورونا سارع بكشف أضرار كبيرة على الاقتصاد القطري، كشفتها أرقام ومؤشرات حديثة تبين حجم آثار قطع إمدادات الغاز على الاقتصاد الذي يعاني أصلا.

وأظهرت بيانات حكومية، الأربعاء، انكماش اقتصاد قطر بنحو 0.6 في المئة في الربع الأخير من 2019 مقارنة مع نفس الفترة قبل عام، حيث تراجعت أنشطة التعدين والمحاجر بنحو 3.4 في المئة في الربع الأخير من عام 2019 مقارنة مع مستواها قبل عام.

كما أظهرت البيانات أن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنحو 1.4 في المئة في الربع الرابع من العام الماضي مقارنة مع الربع الثالث بالأسعار الثابتة.

ونقلت رويترز أن قطر باعت سندات بقيمة عشرة مليارات دولار على ثلاث شرائح الثلاثاء. وقالت نشرة الاكتتاب في السندات إن جائحة فايروس كورونا المستجد قد تواصل إلحاق الضرر باقتصاد قطر وأسواقها المالية، وقد تؤدي إلى تسجيل ركود هذا العام.

ويعمق انخفاض أسعار الغاز بأكثر من 40 في المئة خلال الشهر الماضي، وهي المنهارة أصلا قبل انتشار الفايروس من حجم الأزمة، حيث كانت قد فقدت ما يصل إلى 90 في المئة من قيمتها مقارنة بمستوياتها قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008.

وتراجعت أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى أقل من دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بانخفاض يزيد على 60 في المئة بمقارنة سنوية، بعد انهيار الطلب وتخمة الأسواق بالمعروض، حتى أصبحت ناقلات الغاز تجوب البحار دون أن تجد مشترين.

ويرى متابعون أن انهيار أسعار الغاز العالمية أربك خطط قطر التوسعية الخاصة بإنشاء أكبر مشروع للغاز الطبيعي المسال في العالم، فضلا عن إلغاء عقود شراء، الأمر الذي دفع الدوحة إلى عرض شحنات محملة على ناقلات في السوق الفورية المتخمة أصلا.

وامتنعت قطر للبترول عن التعقيب على التأجيل الذي أوردته التقارير، والذي يأتي فيما يواجه قطاع الغاز تحديا كبيرا بسبب تخمة المعروض جراء تنامي الإنتاج الأميركي وانخفاض الطلب من الصين.

Thumbnail

وتعاني قطر من عزلة وأزمات اقتصادية عديدة منذ فرض المقاطعة الشاملة عليها من قبل السعودية والإمارات ومصر والبحرين بسبب دعمها للإرهاب.

وقد أدى ذلك إلى تداعيات قاسية ونزيف مستمر للاحتياطات المالية بسبب انحدار ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد القطري إذا استمرت المقاطعة.

ويعد الاقتصاد القطري من أقل الاقتصادات تنوعا في العالم. وقد باءت جميع المحاولات لتنشيط السياحة والتحول إلى مركز إقليمي من خلال مشاريع البناء باهظة التكلفة، والتي تحولت إلى عبء بسبب انعدام الطلب عليها، بالفشل.

ويقول محللون إن اعتماد قطر المفرط على سلعة واحدة يجعلها من البلدان الأكثر تأثرا بالأزمة، خاصة في ظل تضخم إنفاقها المحلي.

وتتضح أزمة الاعتماد الشديد على عوائد صادرات الغاز في رضوخ الدوحة في الشهر الماضي لضغوط انهيار الأسعار وتعليق خطط لزيادة إنتاج الغاز بنسبة 60 في المئة.

ويرى خبراء أنه ليس أمام الدوحة سوى مواصلة الإغراق في السحب من الاحتياطات المالية، في ظل التزاماتها الاستعراضية الواسعة بمشاريع البناء استعدادا لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 ومعاناتها من المقاطعة العربية، التي قوضت معظم النشاطات الاقتصادية.

ويبدو أن الدوحة تتجه لاحتقان اقتصادي مهدد بالانفجار، حين تتحول مشاريع البناء الكبيرة إلى عبء ثقيل، بعد استخدامها لمرة واحدة في استضافة البطولة.