الرباط تطلق المرحلة الثانية لتحرير الدرهم

إصلاح نظام سعر الصرف، يمتد على عدة مراحل بهدف تعزيز قدرة الاقتصاد المحلي وتدريبه على امتصاص الصدمات الخارجية ودعم تنافسيته.
الثلاثاء 2020/03/10
عملة أكثر مرونة لصد الأخطار

دخل المغرب المرحلة الثانية من إصلاحات تحرير سعر صرف الدرهم بهدف تعزيز قدرة الاقتصاد التنافسية وإنعاش النمو بعد تزايد ضغوط المؤسسات المالية الدولية لإصلاح نظام الصرف لتجنب التداعيات السلبية غيرالمتوقعة على الاقتصاد.

الرباط – تصاعد الجدل داخل الأوساط الاقتصادية المغربية حول جدوى إجراءات الحكومة لتحرير سعر الصرف، خصوصا في ظل تعاظم التحديات الاقتصادية العالمية جراء تداعيات فايروس كورونا الذي سبب ركودا كبيرا في مختلف الأنشطة الاقتصادية.

وقررت وزارة المالية بعد التشاور مع بنك المغرب توسيع نطاق تقلب سعر صرف الدرهم من 2.5 في المئة إلى 5 في المئة حول السعر المركزي الذي يحدده بنك المغرب على أساس قيمة سلة مرجعية من العملات تتكون من نسبة 60 في المئة من اليورو ونحو 40 في المئة من الدولار.

وباشر المصرف المركزي توسيع نطاق تقلب الدرهم مقابل اليورو وباقي العملات الأخرى إلى 7.5 في المئة مقابل 2.5 في المئة سابقا، فيما حصر هامش تقلب سعر الدرهم مقابل الدولار في 5 في المئة، وهي نفس النسبة التي تضمنها قرار وزارة الاقتصاد.

محمد بنشعبون: مرونة سعر الصرف تساعد على امتصاص أكبر للصدمات الخارجية
محمد بنشعبون: مرونة سعر الصرف تساعد على امتصاص أكبر للصدمات الخارجية

وأنهى العمل بمبدأ ربط سعر صرف الدرهم بقيمة سلة مرجعية تتكون من اليورو والدولار، المعتمدة منذ سنة 1970، وأقر بفصل تطور سعر صرف الدرهم مقابل الدولار وسعر صرفه مقابل اليورو وباقي العملات.

وتتزامن هذه الإصلاحات مع ظروف اقتصادية مواتية داخليا حيث تشير بيانات وزارة الاقتصاد والمالية إلى وجود مستوى ملائم للاحتياطيات من العملة الصعبة، ومستوى تضخم متحكم فيه، واستدامة الدين العمومي وصلابة القطاع المالي.

وقال إدريس الفينة، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء، إن “بنك المغرب يقود سياسة نقدية بطيئة في إصلاح نظام الصرف وذلك يضيع على المغرب فرصا كبيرة للنمو الاقتصادي”.

ويشكك خبراء في مدى قدرة المغرب على استيعاب التحديات الاقتصادية الراهنة رغم نجاحه في المرحلة الأولى من مرحلة تحرير سعر صرف العملة، حيث تشكل الظروف الجديدة المتعلقة بانتشار كورونا تهديدا متصاعدا للاقتصاد العالمي ولأكبر الأقطاب التجارية في العالم نظرا لضربه كل محركات النمو.

وتشير وزارة الاقتصاد والمالية إلى أن إصلاح نظام سعر الصرف، يمتد على عدة مراحل بهدف تعزيز قدرة الاقتصاد المحلي وتدريبه على امتصاص الصدمات الخارجية ودعم تنافسيته وبالتالي المساهمة في دعم مستوى نموه.

ودخل المغرب في إصلاح نظام الصرف منذ بداية سنة 2018 لجعله أكثر مرونة، حيث يندرج هذا الإجراء في إطار السهر على حسن سير سوق الصرف والتدخل عند الضرورة، من أجل ضمان سيولته.

ويحتاج إصلاح نظام الصرف إلى التدرج في تنفيذ عملية التعويم تجنبا لكل الانزلاقات المحتملة، حيث يرى خبراء أن ذلك ما نجح فيه المغرب، حيث لا وجود لأي اضطراب على مستوى التضخم ولا على رصيد الميزان التجاري ولا على رصيد الحساب الجاري ولا على حجم الاستثمارات الخارجية ولا على مخزون العملة الصعبة.

وكان صندوق النقد الدولي قد دعا المغرب إلى المرور إلى مرحلة جديدة لتحرير أوسع لنظام سعر صرف العملة، تزامنا مع مرور سنتين من اعتماد نطاق في حدود 2.5 في المئة زيادة ونقصا عوض 0.3 في المئة في السابق، معتبرا أن جميع الشروط متوفرة لتوسيع نظام تحرك الدرهم بشكل سيساعد البلاد على تسريع نموها وتقوية تنافسيتها.

وأجمع كل من وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، ومحافظ بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، على أن التوجه نحو مرونة أكبر لسعر صرف الدرهم سيساعد الاقتصاد المغربي على امتصاص أكثر فعالية للصدمات الخارجية المحتملة، والحفاظ على تنافسية ودعم اندماجه في الاقتصاد الدولي.

وحسب تقييم صندوق النقد فإنه بإمكان المغرب أن يحقق تحرير الدرهم، دون مخاطر كبرى، مثل المرحلة الأولى من الإصلاحات التي أجراها في يناير 2018، حيث تطور الدرهم داخل نطاقه دون أي تدخل من طرف البنك المركزي لعامين متتاليين.

اصلاحات لدعم الاقتصاد المغربي
اصلاحات لدعم الاقتصاد المغربي

وأشارت وزارة المالية إلى أن الانتقال إلى المرحلة الثانية من الإصلاح يتم في الوقت المناسب، بعد التأكد من أن جميع الفاعلين الاقتصاديين، وخصوصا الشركات الصغيرة والمتوسطة، على وعي بالمخاطر المرتبطة بالتقلبات الكبرى للدرهم.

واعتبر الخبير الاقتصادي إدريس الفينا أن المرحلة الأولى سمحت ببناء القاعدة القانونية ووضع الآليات التي على أساسها سيتم تنفيذ هذا الورش، وخصوصا السماح للمنظومة المصرفية بوضع كل الآليات التي تسمح لها بأن تتعامل مع هذا الوضع الجديد في ما يخص تدبير العرض والطلب من العملة الصعبة دون انزلاقات كما حصل عند انطلاق هذا الورش.

ويشترط صندوق النقد الدولي لمساعدة المغرب، استقرار معدل التضخم وحسب أحدث البيانات فهو لم يتجاوز نحو 2 في المئة خلال السنوات الماضية، فيما توقف استقرار تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال السنوات المقبلة.

واعتبر الصندوق أن رصيد العملة الصعبة للرباط يبقى مقبولا، حيث وصل نهاية سنة 2019 إلى نحو 25.5 مليار درهم (حوالي 2.7 مليار دولار)، وهو يغطي بذلك نحو 5.2 أشهر من الواردات الأساسية، إضافة إلى توقع انخفاض عجز الحساب الجاري خلال السنة الجارية بفضل ارتفاع صادرات السيارات.