خلافات عبدالله وغني تهدد جهود إحلال السلام في أفغانستان

أشرف غني وعبدالله عبدالله يفتتحان أزمة شرعية بتنظيم حفلة تنصيب.
الاثنين 2020/03/09
رئيسان لدولة واحدة؟

يفتتح أشرف غني وعبدالله عبدالله اللذان ادعى كلاهما الفوز في الانتخابات الرئاسية أزمة شرعية في أفغانستان، حيث من المنتظر أن ينظم الطرفان الاثنين حفل تنصيب، ويخشى مراقبون أن تعصف هذه الأزمة بجهود إحلال السلام في البلد الآسيوي الذي تستعد الولايات المتحدة لسحب قواتها منه بعد أكثر من 18 عاما من الحرب.

 كابول – قال المتحدث باسم عبدالله عبدالله، الخصم اللدود للرئيس الأفغاني المنتخب أشرف غني، مساء السبت إنه وجه دعوات لحضور مراسم أداء عبدالله اليمين الدستورية رئيسا للجمهورية الاثنين.

وقال فريدون خوازون المتحدث باسم عبدالله “أرسلنا الدعوة إلى جميع المنظمات الوطنية والدولية وجرى إتمام جميع الاستعدادات اللازمة”، في إشارة إلى الدعوات لحضور حفل التنصيب المقرر إجراؤه في كابول صباح الاثنين في ذات الوقت المحدد لحفل تنصيب غني وهو ما سيفتح الباب أمام أزمة شرعية.

ويعرّض المأزق السياسي والتهديد بتشكيل حكومة موازية عملية السلام الوليدة في البلاد للخطر في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة دفع الحكومة الأفغانية نحو إجراء محادثات مع حركة طالبان المتطرفة.

وأعلنت لجنة الانتخابات في فبراير الماضي فوز غني بالانتخابات الرئاسية التي جرت في سبتمبر الفارط، ولكن عبدالله أعلن أنه وحلفاءه فازوا في الانتخابات وأصر على أنه سيشكل حكومة.

وقال دبلوماسي بعد أن أُبلغت سفارة بلاده في كابول بأنها ستتلقى دعوة لحضور حفل تنصيب عبدالله “هذا نذير شؤم لعملية السلام”.

وأضاف أن الدبلوماسيين من مختلف البلدان يتواصلون مع بعضهم البعض، عبر الهاتف والرسائل، لمعرفة خطط بلدانهم للتعامل مع هذا الموقف.

وقال الدبلوماسي إن المبعوث الأميركي الخاص زلماي خليل زاد يجري محادثات مع الجانبين لمحاولة التوسط إلى حل. ولم تردّ السفارة الأميركية في كابول حتى الآن على طلب للتعليق بشأن جهود خليل زاد.

تشكيل حكومة موازية يعرّض السلام في البلاد للخطر في وقت تسعى واشنطن لدفع كابول نحو إجراء محادثات مع طالبان

وتأتي هذه المستجدات في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة الدفع نحو سحب قواتها من البلد الآسيوي خاصة بعد توقيع اتفاق تاريخي مع حركة طالبان في 29 فبراير الماضي والذي نص على سحب القوات الأجنبية من أفغانستان في فترة لا تتجاوز 14 شهرا.

وتعمق الخلافات بين الفرقاء السياسيين في كابول تنفيذ بنود هذا الاتفاق الذي كانت الولايات المتحدة تنتظر منه أن يمهد لإجراء مباحثات بين المتمردين وحكومة الرئيس غني، لكن خلافات الأخير مع عبدالله عبدالله واستمرار الأعمال العدائية لطالبان تهدد هذا المسار الذي رسمته واشنطن.

والجمعة بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستعجلا لسحب قوات بلاده من أفغانستان حيث أكد أنه “ينبغي على حكومة كابول أن تتكفل بحماية نفسها”.

وأضاف ترامب أنه “لا يمكننا أن نبقى هناك (في أفغانستان) خلال الأعوام العشرين القادمة… لا يمكن أن نمسك بيد أحدهم إلى الأبد”.

وبتنظيمهما حفل تنصيب الاثنين يكون غني وعبدالله قد تجاهلا فعلا نداءات الولايات المتحدة التي كانت قد طالبتهما بإرجاء ذلك حتى إيجاد أرضية ملائمة.

وبذلك تكون الولايات المتحدة قد أخفقت في إيجاد تسوية لغني وعبدالله بعد أن نجحت في ذلك سنة 2014 عندما أنهت واشنطن خلافات الرجلين باقتراح تكليف عبدالله المنهزم في الانتخابات الرئاسية بتشكيل حكومة وحدة وطنية والاعتراف بغني رئيسا للجمهورية بعد أزمة استمرت لأشهر. واليوم يضع الطرفان مرة أخرى جهود الأميركيين على المحك بتجاهل وساطة واشنطن.

والخلافات التي تشق طريق إحلال السلام في البلد الآسيوي الذي غزته القوات الأميركية منذ 18 سنة كثيرة بطبعها حيث ترفض حكومة كابول تنفيذ إحدى بنود اتفاق واشنطن وطالبان -الذي لم توقع عليه حكومة غني أصلا- والذي ينص على تبادل الأسرى بين الطرفين قبل بدء مباحثات السلام الأفغانية.

وأعرب الرئيس الأفغاني عن رفضه التام للبند الذي وقعت عليه كل من طالبان والولايات المتحدة في العاصمة القطرية الدوحة والذي ينص على عملية تبادل للأسرى قبل بدء المحادثات.

وقال غني الأحد الماضي إن الأمر لا يمكن أن يكون شرطا مسبقا لمحادثات السلام وإنه يتعين ترتيب ذلك عبر المفاوضات. وأضاف “ليس من سلطة الولايات المتحدة أن تقرر، ما هي إلا وسيط”.

وضع أمني خطير
وضع أمني خطير

ويبدو أن واشنطن ستكون مرغمة على الاعتراف بسلطة عبدالله عبدالله الذي لا يُمانع في تنفيذ هذا البند ما يسهل على الولايات المتحدة تتويج مجهوداتها والانسحاب من أفغانستان وفتح قنوات التواصل بين طالبان وقيادة جديدة خاصة وأن غني تلاحقه تهم بتزوير الانتخابات. وكان المتحدث باسم عبدالله قد قال في وقت سابق إن طالبان تطالب بالإفراج عن سجنائها قبل بدء أي محادثات سلام وإن عبدالله يوافق على ذلك.

وأضاف خوازون “نعتقد أن جميع القضايا المدرجة في مسودة الاتفاق مؤكدة ومتفق عليها من قبل الجانبين بعد مناقشات مطولة وحذرة، لذلك يجب تنفيذ ما هو وارد باتفاق السلام دون إبطاء”.

ومضى قائلا “بناء الثقة مهم للغاية لدفع محادثات السلام إلى الأمام وينبغي الإفراج عن 5000 من عناصر طالبان و1000 من أفراد قوات الدفاع والأمن الأفغانية”.

ويؤكد انقسام غني وعبدالله أن الطرفين يحاولان كسب ودّ الولايات المتحدة لكن بطرق مختلفة حيث يرى غني أن حكومته أفرجت عن العديد من الأسرى المتمردين في السنين الماضية كبادرة لحسن النوايا لكن طالبان قابلت هذه الخطوات بتكثيف هجماتها على القوات الحكومية والأجنبية.

ولكن يبدو أن التحدي الأكبر الذي ستواجهه الولايات المتحدة في هذه الفترة هو تبرير “الاعتراف” بهذا الطرف دون الآخر، خاصة وأن طالبان عادت لهجماتها مستغلة في ذلك حالة الارتباك السياسي.

وبالتوازي مع الأزمة السياسية الحادة تتواصل الهجمات المسلحة مخلفة خسائر فادحة سواء في صفوف المدنيين أو القوات الأفغانية.

وأودى هجوم مسلح بالعاصمة الأفغانية، الأحد، بحياة نائب في مجلس شورى ولاية لوغار شرقي أفغانستان.

وقال متحدث شرطة كابول، فردوس فاراماز، في تصريح للصحافيين، إن ناصر غيرت النائب في مجلس شورى لوغار (برلمان محلي) تعرض لهجوم مسلح من قبل مجهولين في كابول.

وأكد فاراماز أن الهجوم المسلح أسفر عن مقتل غيرت واثنين من عناصر حمايته الشخصية، وإصابة سائق سيارته. وأوضح أن المسلحين هربوا من المنطقة مع إطلاق الشرطة تحقيقا بالأمر، فيما لم تتبن أيّ جهة حتى الآن الهجوم المسلح.

وبالرغم من أن حركة طالبان تعهدت بتوفير ضمانات أمنية مقابل انسحاب القوات الأميركية وبدء المباحثات الأفغانية فإن التوجس يزداد في أفغانستان ولاسيما لدى النساء اللاتي يتخوفن من عودة مرتقبة للمتمردين إلى الحكم.

والأسبوع الماضي استهدف هجوم آخر مسلح فعالية سياسية في العاصمة ما تسبب في مقتل 27 شخصا على الأقل، وكان عبدالله عبدالله من بين الحاضرين.

وأدانت العديد من العواصم على غرار برلين وواشنطن الهجوم.

ويثير هذا الوضع الأمني مخاوف كبيرة من عودة قوية إلى العنف بأفغانستان في حال سرعت الولايات المتحدة وتيرة سحب قواتها من البلد الآسيوي.

5