لبنان يختنق في أزمة إعادة جدولة الديون المستحقة

اقتربت الحكومة اللبنانية من ساعة الحقيقة لاتخاذ قرار حاسم بشأن تسديد سندات مستحقة يوم الاثنين المقبل أو التخلف عن السداد، الذي يعني إعلان الإفلاس. وأكدت أمس أنها ستتخذ قرارا نهائيا بحلول يوم الجمعة المقبل.
بيروت - لن تنتهي أزمة الطريق المسدود التي تواجه الحكومة اللبنانية باتخاذ قرار بشأن استحقاق سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار في 9 مارس الجاري، فهي تنتظر أزمات أعمق في الأشهر المقبلة عند استحقاق سندات أخرى بقيمة 2.7 مليار دولار.
وقال مصدر مقرب من الحكومة أمس، إن المستشارين الماليين والقانونيين للبنان يجرون محادثات مع حملة الديون المقومة بالدولار بشأن إعادة الهيكلة لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق.
ومن المتوقع على نطاق واسع إعادة هيكلة السندات السيادية في اللحظات الأخيرة لأن الدائنين ليس من مصلحتهم تخلف بيروت عن السداد، الذي يقذف مستحقاتهم إلى مصير مجهول.
كما أن المجتمع الدولي يحرص على عدم انهيار الاقتصاد اللبناني، لكنه يريد شروطا قاسية لا تقتصر على الإصلاحات الاقتصادية بل تمتد إلى الجانب السياسي وهيمنة جماعة حزب الله على القرار السياسي، رغم تصنيفها كمنظمة إرهابية.
ونقل عبدالهادي محفوظ رئيس المجلس الوطني للإعلام في لبنان عن رئيس الوزراء حسان دياب قوله أمس إن قرارا نهائيا بشأن جميع السندات الدولية المستحقة السداد هذا العام سوف يتخذ يوم الجمعة أو السبت.
وقال إن بيروت ستعلن القرار هذا الأسبوع في ما يتعلق بسنداتها الدولية التي تتضمن إصدارا بقيمة 1.2 مليار دولار يحين موعد استحقاقه يوم الاثنين المقبل وإصدارات أخرى مستحقة في أبريل ويونيو.
وأكد أن رئيس الوزراء شدد على أن القرار النهائي “يحفظ حقوق المودعين الصغار ومتوسطي الحال ويحفظ مصلحة لبنان”.
ويعاني لبنان من أزمة مالية غير مسبوقة بسبب مستويات الدين العام المرتفعة، التي فاقمتها أزمة السيولة وانقطاع تدفقات الودائع من المغتربين اللبنانيين بعد تفجر الاحتجاجات في 17 أكتوبر الماضي بسبب الفساد وسوء الإدارة.
وكانت الحكومة قد عينت الأسبوع الماضي بنك الاستثمار لازارد ومكتب المحاماة كليري جوتليب ستين آند هاملتون، لتقديم المشورة المالية والقانونية لها.
وأكد المصدر المطلع أن الحكومة تعمل “ليلا ونهارا” للتوصل إلى اتفاق بشأن إعادة هيكلة منظمة، لكن محللين يقولون إن الأطراف السياسية منقسمة بشأن سداد الديون.
وقال وزير المالية السابق علي حسن خليل، وهو مسؤول بارز في حركة أمل التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، إنه يعارض سداد الديون والفائدة المستحقة على حساب المودعين.
ونفى في تغريدة على تويتر ما ذكره تقرير في صحيفة الأخبار أشار إلى أنه اقترح فكرة توفير ثمانية مليارات دولار لسداد الدين. وكتب “كنا وما زلنا ملتزمين بخيار عدم الدفع في سندات الدين وفوائدها على حساب حقوق المودعين”.
في هذه الأثناء نقل تلفزيون أم.تي.في اللبناني عن رياض سلامة حاكم البنك المركزي قوله إن لبنان لن يستخدم احتياطياته من الذهب لسداد قيمة السندات الدولية المستحقة قريبا.
وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني قد ذكرت الشهر الماضي أن الوضع المالي في لبنان يشير إلى احتمالية إعادة هيكلة الديون المستحقة على البلاد من خلال مفاوضات معقدة مع حملة السندات.
وقال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، إن إعادة هيكلة الدين العام هو الحل الأمثل لإدارة الأزمة المالية والنقدية في بلاده، داعيا إلى تعزيز المناخات الإيجابية للإنقاذ.
وتتواصل مشاورات الحكومة اللبنانية مع وفد صندوق النقد الدولي، الذي زار بيروت مؤخرا، لإعداد خطة إنقاذ اقتصادية، وسط تكتم حول كيفية إدارة الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية.
وقال الصندوق إنه على “استعداد لتقديم المزيد من المشورة الفنية للحكومة أثناء صياغتها خطة الإصلاح”.
ويعاني لبنان من أحد أعلى مستويات الدين العام في العالم، والذي يبلغ أكثر من 86 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ويرى الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي أن هناك خطرا من وضع اليد من جانب المؤسسات حملة السندات، على موجودات الدولة اللبنانية في حال عدم دفع المستحقات.
لكنه قال إن سداد السندات ستكون له تداعيات على حياة اللبنانيين. ورجح أن يؤدي إلى “زيادة الضرائب وتحرير سعر صرف الليرة، إضافة إلى مقايضة الدين بموجودات الدولة”.
ويعد تثبيت سعر العملة اللبنانية منذ عقود عند 1507 ليرات للدولار، أحد الركائز الأساسية للاقتصاد، لكن السعر في السوق السوداء تراجع بنحو 60 في المئة منذ أكتوبر الماضي.
ويمكن أن يمثل فك ارتباط الليرة بالدولار، زلزالا هائلا للنظام المصرفي اللبناني.