ألمانيا تعود بقوة إلى السودان في غمرة انشغال القوى الدولية

الخرطوم بوابة برلين لفرض حضورها في المنطقة وضمان تموقع متقدم على الخارطة الدولية.
الاثنين 2020/02/24
ولى زمن الانكفاء

اهتمام ألماني بتعزيز التعاون مع السودان في سياق اعتماد برلين مقاربة جديدة تقوم على المبادرة والتحرك للدفاع عن مصالحها الاستراتيجية في ظل متغيرات متسارعة تتهددها بالتخلف عن ركب القوى الكبرى التي تتسابق في ما بينها لضمان تموقع متقدم على الخارطة الدولية.

الخرطوم – تشهد العلاقات الألمانية السودانية نسقا تصاعديا لافتا في الأسابيع الأخيرة، عزته أوساط سياسية إلى رغبة برلين في الاستثمار سياسيا واقتصاديا في السودان الذي يعيش مسارا انتقاليا بعد انهيار نظام الرئيس عمر البشير “المنبوذ” أوروبيا ودوليا.

وتقول الأوساط إن ألمانيا التي أظهرت ميلا للعب دور متقدم في المنطقة العربية وأفريقيا، تجد في السودان أرضية ملائمة لتحقيق هذا الهدف في ظل انغماس باقي اللاعبين الدوليين في صراعات على النفوذ في مناطق مجاورة، وتعاطيهم المتردد حيال الانفتاح على الخرطوم وسلطاتها الجديدة.

ويستعد الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير هذا الأسبوع للقيام بجولة أفريقية ستكون الخرطوم أبرز محطاتها يومي 27-28 فبراير الجاري.

وسيكون شتاينماير على رأس وفد رفيع يضم كبار المسؤولين وعددا من البرلمانيين والصحافيين، وسيلتقي خلال هذه الزيارة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك.

غيرد مولر: السودان في حاجة  لمساعدات فورية، وسنبادر لتقديمها
غيرد مولر: السودان في حاجة  لمساعدات فورية، وسنبادر لتقديمها

وتسعى ألمانيا اليوم للقطع مع سياسة طويلة ركزت فيها على بناء قاعدة اقتصادية صلبة، دون التحرك وتركيز مواطن نفوذ لتثبيت دعائم تلك القاعدة في ظل تحولات كبرى تشهدها العلاقات الدولية ومتغيرات طارئة على السياسة الأميركية التي باتت تتعاطى اليوم وفق شعار “أميركا أولا”. ويقول محللون إن تحرك ألمانيا لربط شبكة علاقات وثيقة ومتنوعة نابع أيضا من كونها في حاجة لأسواق  جديدة، خاصة بعد السياسات الحمائية التي اتخذتها الإدارة الأميركية، ويعد السودان أحد هذه الأسواق الواعدة، خاصة مع عودة البلد إلى الحظيرة الدولية بعد عزلة دامت لعقود.

وكانت ألمانيا في مقدمة الدول التي طرقت أبواب السودان عقب انهيار حكم البشير في أبريل الماضي، ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك في سبيل دعمه لإنجاز التحول الديمقراطي، كما طالبت الولايات المتحدة بضرورة حذفه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، التي تعرقل الاستثمارات الأجنبية، وحصول هذا البلد على مساعدات دولية.

وقبيل الزيارة المرتقبة لشتاينماير، أعرب وزير التنمية الألماني غيرد مولر الأحد عن اعتقاده بأن السودان بحاجة إلى مساعدات دولية على الفور، في طريق سيره نحو الديمقراطية، مشددا “يجب ألا يتم تضييع أي وقت”.

وأكد الوزير الاتحادي “نحن مستعدون، وسنبدأ على الفور”، وأشار إلى برنامج “80 مليون يورو” من ألمانيا، وأوضح أن النقاط المحورية للبرنامج هي ضخ استثمارات في التدريب والزراعة والطاقة وكذلك دعم الشباب والنساء.

وتأتي زيارة الرئيس الألماني المرتقبة إلى الخرطوم بعد أيام من زيارة لرئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية السودانية عبدالله حمدوك إلى برلين أبرم خلالها جملة من الاتفاقيات الاستراتيجية لعل أهمها اتفاقية متعلقة بتولي برلين مهمة تدريب القوات السودانية والمساعدة في إعادة هيكلة أجهزة الأمن.

وتعكس هذه الاتفاقية رغبة برلين في أن يكون لها موطئ نفوذ قوي في السودان، لا ينحصر فقط في البعد الاقتصادي، مرتكزة في ذلك أيضا لواقع علاقاتها التاريخية مع هذا البلد.

وأكدت مصادر دبلوماسية لـ“العرب” أن الاتفاقية التي وقعها حمدوك خلال زيارته لبرلين تشمل أيضا صفقات شراء أسلحة ألمانية بتسهيلات مالية كبيرة.

وكشفت المصادر أن الجانب الألماني سيكون حاضرا أيضا ضمن جهود أوروبية للإشراف على دمج عناصر الحركات المسلحة داخل قوات الجيش، والأمر بات مرتبطا بما تتوصل إليه الأطراف السودانية خلال مفاوضات جوبا للسلام.

ومن الواضح أن ألمانيا تسعى جاهدة لاستثمار علاقتها مع فاعلين سودانيين سبق وأن احتضنتهم ودعمتهم سياسيا في مواجهة نظام البشير، وخاصة من الحركات المسلحة.

ويكتسي السودان أهمية جيوسياسية استراتيجية فهو في قلب المنطقة العربية، كما يشكل بوابة للقارة الأفريقية، ويطل السودان على البحر الأحمر الذي يعد أحد أبرز طرق الملاحة في العالم.

2