تراجع الليرة يفاقم أزمات الاستثمارات الكويتية في تركيا

بنك التمويل الكويتي يبدأ تنفيذ خطط تصفية أصوله الاستثمارية بالتزامن مع عودة الليرة إلى الهبوط.
الجمعة 2020/01/31
تبخر قيمة الاستثمارات

اتسعت انعكاسات الأزمات الاقتصادية التركية على الاستثمارات الأجنبية، بإعلان بنك التمويل الكويتي عن بدء تصفية استثماراته العقارية، بالتزامن مع عودة الليرة إلى الهبوط في ظل تفاقم توتر العلاقات بين أنقرة وأكبر شركائها التجاريين بسبب المغامرات السياسية للرئيس رجب طيب أردوغان.

الكويت - كشف بيت التمويل الكويتي، أكبر بنك إسلامي في البلاد، أنه يخطط للتخارج من أصول تزيد قيمتها على 329 مليون دولار في تركيا خلال العام الحالي وقال إن تلك الأصول عقارية ومحافظ أسهم واستثمارات مباشرة أخرى.

وتزامن ذلك مع عودة الليرة التركية إلى الهبوط السريع، حيث بلغ سعر صرف الدولار الخميس نحو 5.9848 في نهاية التعاملات مقتربا من الحاجز النفسي المقلق البالغ 6 ليرات للدولار.

وتعاني استثمارات العديد من الدول في تركيا من مشكلات كبيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة خلال العامين الماضيين، والتي انعكست في ركود الاقتصاد وانحدار قيمة الليرة وارتفاع مستويات التضخم والديون المتعثرة والعجز في الميزان التجاري.

مازن الناهض: نخطط لتصفية أصول تركية بقيمة 329 مليون دولار هذا العام
مازن الناهض: نخطط لتصفية أصول تركية بقيمة 329 مليون دولار هذا العام

وتصاعدت مخاوف المستثمرين في الأسابيع الأخيرة بسبب إصرار الرئيس رجب طيب أردوغان على مغامراته السياسية الخارجية وخاصة تدخله في ليبيا.

وأدى ذلك إلى المزيد من توتر علاقات أنقرة مع أكبر شركائها التجاريين الغربيين وكذلك مع معظم دول الشرق الأوسط. وقد انعكس ذلك على الاستثمارات الأجنبية في تركيا ومن ضمنها الاستثمارات الكويتية.

ويقول بيت التمويل الكويتي (بيتك) إنه يجري عملية إعادة هيكلة طويلة الأجل لاستثماراته الداخلية والخارجية وكذلك هياكله الإدارية وأصوله منذ سنوات. وقد أعطى أولوية لاستثماراته في البلدان المتعثرة وخاصة تركيا.

وقد تسارعت وتيرة عملية إعادة هيكلة الاستثمارات منذ عام 2014 حيث يرغب البنك في التركيز على النشاط المصرفي والاستثماري المستدام.

ونسبت وكالة رويترز إلى الرئيس التنفيذي لبيت التمويل الكويتي مازن الناهض قوله إن هذه خطوة تصفية الاستثمارات في تركيا، تأتي كجزء من استراتيجية “بيتك” للتركيز على النشاط الأساسي للبنك والمتمثل في العمل المصرفي. وتوقع عدم تحقيق أرباح من عمليات التخارج المرتقبة من الأصول الاستثمارية في تركيا.

وذكر الناهض أن حجم المخصصات الإجمالية التي راكمتها المجموعة عبر السنوات الماضية بلغ 2.13 مليار دولار، منها 648 مليون دولار في العام الماضي.

1.7 مليار دولار حجم الاستثمارات الكويتية المباشرة في تركيا من خلال 280 شركة

وأوضح أن بيت التمويل الكويتي جنب مخصصات احترازية لأعماله في تركيا بقيمة تزيد على 197 مليون دولار في عام 2019 وأن بقية مخصصات ذلك العام البالغة 451 مليون دولار سوف تعتبر مخصصات اعتيادية تدخل في إطارها مخصصات الاستثمار والتمويل وغيرها.

وقال الناهض إن البنك قام بتغطية كل الانكشافات الموجودة في تركيا حسب طريقة الاحتساب لدى بنك الكويت المركزي. وحول نشاط بيت التمويل الكويتي في تركيا، قال الناهض “شهدنا عاما صعبا خلال 2019 من ناحية ارتفاع الديون المتعثرة ووضع المخصصات اللازمة، لكن هناك بوادر انتعاش تقابلها كذلك ضغوط من الناحية الجيوسياسية”.

ويقول محللون إن سياسات أردوغان الارتجالية في الداخل والخارج تقوض ثقة المستثمرين لأنها تقلص وضوح الرؤية وسيادة القانون والشفافية في التعاملات والتشريعات الاقتصادية بسبب تدخله في كافة السياسات.

وأضاف الناهض “نتمنى أن يكون هناك تحسن نحو الأفضل في تركيا… نتوقع أن نشهد إقلاعا سهلا وبعدها سوف تستقر الأمور…

نظرتنا إلى المستقبل خلال السنوات الثلاث أو الأربع القادمة إيجابية لتركيا”، وهو ما يخالف توقعات أغلب المحللين والمراقبين للأوضاع الاقتصادية في تركيا.

الليرة التركية تواصل هبوطها السريع
الليرة التركية تواصل هبوطها السريع 

وكشف أن حصة النشاطات المصرفية الخارجية من صافي أرباح بيت التمويل الكويتي كانت منخفضة جدا وأنها تحدرت في العام الماضي إلى نحو 5.6 في المئة مقارنة بنسبة بلغت 27 في المئة في عام 2018.

وأقر بأن سبب ذلك الانخفاض الحاد يعود إلى المخصصات الاستثنائية المتعلقة بالنشاط في تركيا. وتشير البيانات إلى أن عدد الشركات الاستثمارية ذات رأس المال الكويتي في تركيا يصل إلى 280 شركة.

ويستأثر القطاع المصرفي بحصة كبيرة من تلك الاستثمارات؛ حيث لدى بنك كويت ترك، الذي يمتلك بيت التمويل الكويتي نسبة 62 في المئة من أسهمه، 388 فرعا، في حين يمتلك بنك برقان حصة تبلغ نسبتها 99 في المئة في البنك التابع له في تركيا.

وتثير العلاقات التركية الكويتية الكثير من الجدل داخل الكويت، وهي تتعرض للشد والجذب بين حين وآخر. وكانت الكويت قد نأت بنفسها عن مساعدة أنقرة في ذروة أزمتها المالية في عام 2018.

وتساهم الشركات التركية في تنفيذ 30 مشروعا في الكويت، أبرزها مشروع تطوير مطار الكويت الدولي الذي نفذته شركة ليماك التركية للإنشاءات بقيمة تبلغ نحو 6.3 مليارات دولار.

وفي المقابل تشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات الكويتية المباشرة في تركيا يصل إلى نحو 1.7 مليار دولار.

11