في تونس ليس مسموحا الجلوس في المقهى لأكثر من ساعة

رواد المقاهي يرون أن القانون الذي ستعتمده ذات المساحات الصغيرة لن ينجح لافتقاده لأبسط الشروط الإجرائية والعلاقة النفعية المتبادلة بين الرواد وأصحاب المقاهي.
الأربعاء 2020/01/22
مشروب يترشفه لساعات

 تونس  – يتصاعد الجدل منذ أسبوع على قانون غير ملزم يحدد مدة الجلوس في المقهى بساعة واحدة، تلزم الزبائن بتجديد مشروب آخر إذا تجاوز الوقت.

ومع أن صيغة القانون لا تبدو ملزمة إلا أنه أثار استياء كبيرا بين رواد المقاهي في تونس وفتح مساحة جدل بين أصحاب المقاهي والزبائن.

وتتميز المدن والضواحي التونسية بكثرة المقاهي، وهي متنفس مفتوح يتجاوز اللقاءات التقليدية، لأن نسبة كبيرة من العاطلين يقضون في المقاهي ساعات طويلة ويكتفون بطلب مشروب واحد في أغلب الأحيان.

وتكاد تشكل المقاهي في تونس ظاهرة اجتماعية تتجاوز الحدود التقليدية للمقهى، لأن غالبية المقاهي تكون مزدحمة منذ الصباح الأمر الذي يثير تساؤلا عن طبيعة عمل هؤلاء الرواد.

وكانت وزارة التجارة قد رفضت طلب تحديد مدة الجلوس فيما تجاهلت منظمة الدفاع عن المستهلك لقاء ممثلين عن الغرفة النقابية لأصحاب المقاهي للتفاوض بشأن تطبيق قانون مدة الجلوس في المقاهي.

"المغروم يجدّد" عبارة كان يرددها أصحاب الملاهي على مسامع الطامعين بمزيد من المتعة بسعر البطاقة الواحدة

وقال محمد فوزي الحنافي، رئيس نقابة أصحاب المقاهي، إنّ قرار تطبيق قانون مدة الجلوس في المقاهي دخل حيز التنفيذ وستعتمده بعض المقاهي ذات المساحات الصغيرة والتي يكون عدد مقاعدها محدودا، حيث سيُفرض تجديد المشروب بعد كل ساعة.

وأضاف الحنافي في تصريح إذاعي أن هذا الإجراء عادي ويقع تطبيقه في العديد من دول العالم.

ولا يرى غالبية الرواد المدمنين على ارتياد المقاهي أن القانون يمكن أن ينجح، لافتقاده لأبسط الشروط الإجرائية والعلاقة النفعية المتبادلة بين الرواد وأصحاب المقاهي.

وأكد صحافي عربي مقيم في تونس منذ تسعينات القرن الماضي أن “المقاهي وجه آخر لتونس، وفيها تشكلت النخب وتبادل الأدباء والكتاب والسياسيون الآراء”.

وتابع الصحافي الذي يعمل مراسلا من تونس في تعليق على القرار أنه “غالبا ما أجرى حواراته في المقاهي سواء عندما كانت مزدهرة في تسعينات القرن الماضي أو حاليا بعد أن تدنت خدمتها”.

وذكر بقوله إن مقهى باريس في وسط تونس مثلا كان شاهدا على لقاءات كبار الأدباء والكتاب، ومن غير المعقول أن يتم إجبارهم على مغادرة المقهى في أوج حوارهم.

تجديد المشروب كل ساعة مكلف للغاية
تجديد المشروب كل ساعة مكلف للغاية

وأعربت أماني الشيحاوي عن استيائها قائلة إن “الخدمة في جل المقاهي سيئة.. أحيانا لا يظهر النادل إلا بعد حوالي ربع ساعة من جلوسك إلى الطاولة ثم إن المشروب قد يستغرق الوقت ذاته ليصلك.. فعن أي ساعة يتحدثون، متى سأتلذذ بمشروبي؟”.

وقالت الشيحاوي لـ”العرب”، “ساعة لا تكفي لاسيما إذا اخترت الجلوس بمقهى راق وأسعاره باهظة، سيصبح الأمر مكلفا للغاية”.

بينما استهل الكاتب التونسي، حكيم مرزوقي، كلامه مذكرا بأن هذا القانون ليس جديدا على المناخ التونسي، قائلا “المغروم يجدّد” عبارة يعرفها التونسيون جيدا، وكان في الأصل يرددها أصحاب الملاهي والكباريهات الشعبية المنتشرة على شكل خيام، على مسامع الزبائن الطامعين في المزيد من المتعة بسعر البطاقة الواحدة والمشروب الواحد.

ولفت مرزوقي إلى أن “هذه العبارة (الرسالة) الآن صارت كثيرة الاستعمال على ألسنة عمال المقاهي والحانات، وحتى جباة النقل العمومي وعازفي الشارع، أمام كل من ضاقت أحوالهم واتسعت أوقاتهم”.

ويرى أن “الحل حقيقة يكمن في ألا يشتكي الراعي ولا يجوع الذئب، خصوصا في بلاد تزخر بالمعطلين عن العمل وبكثرة المقاهي، فلا الزبون قادر على دفع أكثر من مشروب، ولا صاحب المقهى بإمكانه أن يدفع فواتيره ومصاريفه من خلال زبون يتثاءب طيلة النهار على طاولته أمام مشروب واحد يرتشفه لساعات”.

24