الصحافيات يواجهن تهديدات مضاعفة مقارنة بزملائهن في كردستان العراق

تتعرض العديد من الصحافيات في كردستان العراق إلى التضييق والتهديد والإساءة، بسبب عملهن الصحافي، ورغم ذلك نادرا ما يتم التحدث عن هذه الانتهاكات، لكن مؤخرا بدأت تقارير صحافية تسلط الضوء عليها، وتجري نقاشات مستمرة للكشف عن هذه الانتهاكات التي تمارس لأسباب جنسية على الإعلاميات وتقييم هذه المخاطر وتقديم الدعم للضحايا.
أربيل - تعد حماية الصحافيات في المؤسسات الإعلامية في كردستان العراق تحدّيا كبيرا تواجهه وسائل الإعلام والمنظمات المدافعة عن حقوق الإعلاميين، وفق ما أكد تقرير حديث لمركز ميترو.
ورصد المركز التهديدات التي واجهها الصحافيون في الإقليم العراقي خلال عام 2019، مشيرا إلى أنه على الرغم من زيادة وانتشار مدى التوعية حول المضايقات والعنف ضد المرأة عن طريق وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وحملات الصحة العامة والتحقيقات الاجتماعية إلا أن صحافيات وإعلاميات يتعرضن باستمرار للعديد من المضايقات الجنسية، والأخطر من ذلك هو السكوت عن هذه الانتهاكات.
وقال التقرير إنه بسبب حساسية الموضوع فإن ملفات التضييق على الإعلاميات يتم التكتم عليها، ولكن بدأت مساع كبيرة للكشف وإزاحة الستار عنها، وتجري نقاشات مستمرة للكشف عن هذه الانتهاكات التي تمارس لأسباب جنسية على الإعلاميات وتقييم هذه المخاطر وتقديم الدعم للضحايا.
وأجرت الإعلامية كورال نوري تحقيقا استقصائيا نشرته شبكة الصحافيين العراقيين، تناولت هذا الموضوع، وأشارت فيه إلى أنه من مجموع 600 إعلامية شملهن الاستطلاع فإن 127 منهن لم يكنّ مستعدات للرد على الأسئلة الواردة في الاستطلاع. وأكد التقرير أنه على الرغم من وجود عدد من الإعلاميات من ذوات الكفاءة في معظم المؤسسات الإعلامية وفي مراكز صنع القرار والقيادة في هذه المؤسسات، إلا أنه لا تتم الاستفادة من قدراتهن ويتم تهميش دورهن، إضافة إلى ضعف التوازن بين الجنسين في هذه المؤسسات، فضلا عن تعرضهن للمضايقات في وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن أبرز النقاط التي تدل على ضعف التوازن بين الجنسين في المؤسسات الإعلامية أنه في الكثير من الحالات يتم تكليف الإعلاميات بتقديم البرامج المنوعة بالمقابل يتم تكليف الإعلاميين الرجال بالبرامج السياسية، ورغم وجود بعض القنوات الإعلامية التي تقوم بتكليف النساء بالوظائف البارزة وتقديم البرامج السياسية، لكن مع ذلك لم تتم مراعاة التوازن بين الجنسين فيها أيضا.
وتعد آفان جاف مديرة تحرير مجلة “زن” من أبرز الإعلاميات اللاتي تعرضن للتضييق والتهديد والإساءة خلال عام 2019. وتشير جاف إلى أنه بسبب بروز ظاهرة التعصب الحزبي فإنها تشاهد المئات من المنشورات المليئة بخطاب الكراهية والإهانة ضد الآراء المختلفة، موجهة بشكل خاص ضد الإعلاميات.
الدوائر الرسمية في إقليم كردستان العراق ترفض تطبيق قانون الحق في الحصول على المعلومة وتعتبرها أسرارا حكومية
وذكرت أنها في إحدى المرات قامت بنشر تدوينة حول هذا الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي، فتعرضت لرسائل تهديد وهي محفوظة لدى مركز ميترو. وتعزو جاف هذه الظاهرة إلى سيادة الثقافة الذكورية في المجتمع الكردي وأن ظهور الإعلاميات والناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة يعد تهديدا لهذه الثقافة.
وقامت جاف مؤخرا، بتنظيم حملة على الشبكات الاجتماعية بعنوان “شكرا”، لدعم النساء العاملات في المجالات المختلفة واللواتي حققن نجاحا في عملهن. من جهة أخرى تلقت الصحافيتان برجم قرداغي وسولين علي، اللتان كانتا تعملان في موقع إلكتروني وراديو نوا، رسائل تهديد بعد قيامهما بالتحقيق في حادثة مقتل سيدة مع أطفالها الثلاثة بعد تعرضهم لحريق في قضاء جمجمال في منتصف شهر نوفمبر 2018، وتبين أن زوجها هو من قام بتنفيذ هذه الجريمة.
وأشارت برجم بأنها تعرضت للتهديد على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمت مراقبتها من قبل مجهولين كما تم إلقاء رسالة تهديد في باحة منزلها تطالبها بالكف عن التحقيق في هذا الموضوع.
وأكد مركز ميترو أن صحافيي كردستان في الوقت الحاضر بحاجة إلى توفير الحماية، والأجواء الملائمة والمشجعة للعمل أكثر من أي وقت مضى، فهم بحاجة إلى توفير ظروف تؤمن لهم حرية التعبير والوصول إلى مصادر المعلومات كي يتمكنوا من إيصالها للمواطنين، وأن يساهموا في عملية محاربة الفساد.
وأشار أيضا إلى أنه يجب توفير ظروف وفقا للمعايير الدولية والتي تسمح بظهور إعلام مستقل ومتنوع وتوفير حرية التعبير في وسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمرئية والمقروءة، والعمل على إيقاف ظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم التي ترتكب ضد الإعلاميين.
وتطرق تقرير المركز إلى حالة التكتم على المعلومات التي تمارسها الجهات الحكومية في إقليم كردستان بشكل يتنافى مع نصوص القوانين. وذكر أن قانون حق الحصول على المعلومات في إقليم كردستان عام 2013، وعلى الرغم من مرور سبع سنوات على صدوره إلا أنه لا يتم العمل به في معظم الدوائر في حكومة إقليم كردستان، وهذا القانون المهم لم يدخل حيز التنفيذ ومعظم الدوائر الرسمية في الإقليم تعتبر بأن جميع المعلومات من أسرار الحكومة.
وينص هذا القانون على أنه يجب استحداث شعبة في جميع الدوائر الحكومية تكون مختصة بالمعلومات كي يتمكّن المواطنون ووسائل الإعلام من الحصول على المعلومات عن طريقها.
ولفت التقرير إلى أن العديد من القوانين التي تخص حرية الصحافة لا يتم تطبيقها في الإقليم، حيث قام مركز ميترو خلال الفترة الماضية بمتابعة عدد من الملفات التي تخص الصحافة، وخلص إلى أنه في الملفات الخاصة بالنشر والإعلام يتم تهميش قانون العمل الصحافي في مراكز التحقيق، ويتم التعامل مع الصحافيين وفقا لقانون آخر ويتم استخدام الاعتقال كوسيلة للانتقام من الصحافيين خارج إطار قانون الصحافة الساري في إقليم كردستان.