الكونغرس سيناقش الحدّ من صلاحيات ترامب العسكرية

خصوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الديمقراطيين يسعون من خلال مشروع قرار يحد من سياسته إلى تسجيل نقاط انتخابية داخلية وقطع الطريق عليه.
الثلاثاء 2020/01/07
تابعوا تغريداتي فهي إخطار

غالبا ما يؤيّد الحزبان الديمقراطي والجمهوري العمليات العسكرية الكبرى التي تشنّها القوات الأميركية خارج البلاد، على غرار ما حصل في عام 2011 حين قتلت قوات أميركية خاصة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان. لكن هذا النوع من التوافق تلاشى في السنوات الأخيرة، وقد أظهر الهجوم الذي وقع في بغداد وأدى إلى مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني مدى الاستقطاب الحادّ في الكونغرس الأميركي.

واشنطن- أعلنت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي أن الكونغرس سيصوت هذا الأسبوع على مشروع قرار يهدف إلى الحدّ من صلاحيات الرئيس دونالد ترامب العسكرية تجاه إيران، فيما ردّ الرئيس الأميركي على انتقادات خصومه الديمقراطيين الغاضبين لأنه لم يتم إبلاغهم مسبقا بالضربة التي أدت إلى مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائلا إنه ليس بحاجة إلى ضوء أخضر من الكونغرس الأميركي.

ويؤكد مشروع القرار على “مسؤوليات الكونغرس الراسخة منذ فترة طويلة من خلال التشديد بأنه إن لم تتخذ إجراءات أخرى داخله، فإن الأعمال العسكرية التي تقوم بها الإدارة في ما يتعلق بإيران سوف تتوقف في غضون 30 يوما”.

ويرى مراقبون أن خصوم ترامب الديمقراطيين يسعون من خلال مشروع القرار إلى تسجيل نقاط انتخابية داخلية ولا علاقة للأمر بسياسات الولايات المتحدة المتشددة تجاه إيران.

ويقول هؤلاء إن الديمقراطيين يحاولون التقليل من شأن “الانتصار الاستراتيجي للولايات المتحدة” بعد أن نسبه الرئيس ترامب إلى نفسه لقطع الطريق عن حملة انتخابية سيكون فيها مقتل الجنرال سليماني إحدى الأوراق المهمّة.

واستبعد دبلوماسيون أميركيون أن يتم إقرار مشروع القانون باعتباره يتعارض مع الخطوط الحمراء للسياسات الخارجية الأميركية. والجمعة، انتقدت بيلوسي عملية اغتيال واشنطن قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، وآخرين بالعاصمة العراقية بغداد، قائلة إنها “تعرض أرواح الأميركيين للخطر”.

نانسي بيلوسي: تم اتخاذ قرار اغتيال قاسم سليماني دون استشارة الكونغرس
نانسي بيلوسي: تم اتخاذ قرار اغتيال قاسم سليماني دون استشارة الكونغرس

وقالت بيلوسي، في بيان نشرته عبر تويتر، إن “الأولوية القصوى للقادة هي حماية الأرواح والمصالح الأميركية، لكن لا يمكننا تعريض أرواح الجنود الأميركيين والدبلوماسيين وغيرهم للخطر بشكل أكبر من خلال الانخراط في أعمال استفزازية”. وأضافت أن الغارة، التي أسفرت عن مقتل سليماني، “تهدد بإثارة المزيد من التصعيد الخطير للعنف”، مشيرة “لا يمكن للولايات المتحدة والعالم تحمّل تصاعد التوترات إلى نقطة اللاعودة”.

وتابعت “لقد قامت الإدارة الأميركية بضربات في العراق استهدفت مسؤولين عسكريين إيرانيين رفيعي المستوى، وقتلت سليماني دون تصريح باستخدام القوة العسكرية ضد إيران. علاوة على ذلك، تم اتخاذ هذا الإجراء دون استشارة الكونغرس”.

ونفذ ترامب، الجمعة، عملية اختار الرؤساء الأميركيون السابقون تجنبها وهي القضاء على الشخصية الرئيسية للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط الذي كان يعرقل السياسة الأميركية في المنطقة.

وكان أسلاف ترامب يخشون من أن يتسبب اغتيال قاسم سليماني، بحرب جديدة في المنطقة في وقت القوات الأميركية موجودة على الأرض في كل من أفغانستان والعراق. ولكن بعد مناوشات دامت ثلاث سنوات مع الفصائل الموالية لإيران في المنطقة والتي بلغت ذروتها هذا الأسبوع مع هجوم على السفارة الأميركية في بغداد، اختار ترامب المجازفة.

واعتبر الباحث ماكس بوت من مجلس العلاقات الخارجية في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، أن قتل سليماني كان قرارا خطيرا. وأوضح أن “العملية جعلت منه أكبر قائد عسكري أجنبي تقتله الولايات المتحدة منذ إسقاط الطائرة التي كانت تقل الأميرال إيسوروكو ياماموتو في 1943”، في إشارة إلى الياباني الذي خطّط لهجوم بيرل هاربور في ديسمبر 1941.

ورد ترامب على الدعوات التي وُجّهت إليه للحصول على موافقة الكونغرس في أي عمل عسكري في المستقبل، قائلا إنّ تغريداته ستكون بمثابة إخطار مسبق في حال قرّر ضرب إيران.

وفي إشارة منه إلى تغريداته، كتب ترامب “هذه المنشورات الإعلامية تكون بمثابة إخطار للكونغرس الأميركيّ بأنّه إذا ما أقدمت إيران على ضرب أيّ شخص أو هدف أميركيّ، فإنّ الولايات المتحدة في المقابل ستضرب بسرعة وبقوّة كاملة، وربما بطريقة غير متناسبة”.

وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر “أنا قلق للغاية لا أعتقد أن الرئيس لديه السلطة لإعلان الحرب دون موافقة الكونغرس”.وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن أي عمل عسكري أميركي مقبل ضد إيران سيكون ضمن إطار القانون الدولي، وذلك بعد تهديد ترامب بضرب مواقع ثقافية إيرانية.

الديمقراطيين يحاولون التقليل من شأن "الانتصار الاستراتيجي للولايات المتحدة" بعد أن نسبه الرئيس ترامب إلى نفسه لقطع الطريق عن حملة انتخابية سيكون فيها مقتل الجنرال سليماني إحدى الأوراق المهمّة

وأشار بومبيو إلى أن الإدارة بدأت إطلاع قادة الكونغرس على مبررات الضربة الأميركية ووعدت بـ”إبقائهم مطلعين بشكل كامل”. وردا على سؤال حول ما إذا كانت الإدارة ستسعى للحصول على إذن لأي عمل عسكري جديد، قال بومبيو “لدينا كل السلطة التي نحتاجها لكي نفعل ما قمنا به حتى الآن. سنواصل القيام بالأشياء بشكل مناسب وقانوني ودستوري”.

وتوعّد الرئيس الأميركي بضرب مواقع ثقافية في إيران، رغم التنديد الذي أثارته تهديداته السابقة سواء في إيران أو في الولايات المتحدة نفسها حيث ارتفعت أصوات تتهمه بالتحضير لارتكاب “جريمة حرب”. لكن الرئيس الأميركي لم يتراجع عن تهديداته بل جددها.

وقال لصحافيين يرافقونه في الطائرة الرئاسية “نسمح لهم بقتل مواطنينا. نسمح لهم بتعذيب وتشويه مواطنينا. نسمح لهم باستخدام قنابل لتفجير مواطنينا. ولا يحق لنا المس بمواقعهم الثقافية؟ الأمور لا تسير بهذا الشكل”.

ونشأ الجدل من تغريدة توعد فيها ترامب باستهداف 52 موقعا في إيران إذا ردت الجمهورية الإسلامية عسكريا على قتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، الجمعة، في ضربة أميركية في بغداد. وأوضح أن المواقع الـ52 تمثل عدد الأميركيين الذين احتجزوا رهائن في السفارة الأميركية في طهران لأكثر من سنة أواخر العام 1979، محذرا بأن بعض هذه المواقع “على مستوى عال جدّا وبالغة الأهمية بالنّسبة إلى إيران والثقافة الإيرانيّة”.

5