الأنشطة التجارية السعودية تستعد للعمل على مدار الساعة

قرار سعودي يسمح بمزاولة الأعمال التجارية على مدار الساعة يأتي في إطار حزمة من مبادرات القطاع البلدي للإسهام في تحقيق أهداف "رؤية المملكة 2030".
الاثنين 2019/12/30
خدمات السياحة تتطلب العمل 24 ساعة 

تستعد السعودية للسماح للأنشطة التجارية بالعمل على مدار الساعة في محاولة لتحفيز الاقتصاد، وتهيئة الاقتصاد للتأقلم مع القطاعات الجديدة مثل السياحة والترفيه، بعد أن فتحت الرياض الأبواب أمام الزوار الأجانب في وقت سابق من العام الحالي.

الرياض- تبدأ السعودية يوم الأربعاء المقبل تطبيق قرار يسمح للأنشطة التجارية بالعمل لمدة 24 ساعة وفق شروط وضوابط معيّنة في محالة لتحفيز النشاط الاقتصادي، الذي تباطأ في الأعوام الماضي بسبب الإصلاحات الاقتصادية، وخاصة المتعلقة بالقيود على تشغيل العمال الأجانب.

ويشير القرار إلى أن أصحاب الأنشطة التجارية ممن تنطبق عليهم الضوابط يمكنهم تقديم طلب إصدار الترخيص اللازم إلى الأمانات والبلديات التي يقع النشاط التجاري في نطاق اختصاصها المكاني، للبدء في ممارسة الأنشطة التجارية لمدة 24 ساعة.

ويأتي تنظيم السماح بمزاولة الأعمال التجارية على مدار الساعة في إطار حزمة من مبادرات القطاع البلدي للإسهام في تحقيق أهداف “رؤية المملكة 2030” التي تسعى لبناء الاقتصاد على أسس مستدامة وتقليص الاعتماد على عوائد صادرات النفط.

وينص القرار، الذي اتخذه مجلس الوزراء السعودي في 16 يونيو الماضي على أن يكون السماح “بمقابل مالي يحدده وزير الشؤون البلدية والقروية، وفقا للاعتبارات التي يقدرها”.

كما يحدد الوزير “الأنشطة التجارية التي لا يسري عليها هذا المقابل، بحسب ما تقتضيه المصلحة العامة أو طبيعة تلك الأنشطة”. ويرى محللون أن تلك الضوابط تترك المجال واسعا للاجتهادات، التي قد تتباين بشكل كبير بين منطقة وأخرى.

خالد أبا الخيل: ما يتم تداوله بشأن إلغاء توطين بعض المهن غير صحيح
خالد أبا الخيل: ما يتم تداوله بشأن إلغاء توطين بعض المهن غير صحيح

ويرى البعض أن التحول إلى ثقافة جديدة قد يستغرق بعض الوقت، خاصة في ظل برامج الحد من تشغيل الأجانب وتوطين العمل في قطاعات كثيرة، الأمر الذي يستبعد تحوّل الكثير من الأنشطة التجارية للعمل على مدار الساعة.

لكن القرار يمكن أن يفتح مجالات لقطاعات جديدة مثل السياحة والترفيه، التي تتطلب تقديم الخدمات على مدار الساعة، بعد أن فتحت الرياض أبواب السياحة للزوار الأجانب من 49 بلدا.

واتخذت الرياض على مدى السنوات الثلاث الماضية إصلاحات واسعة في سوق العمل، أبرزها فرض رسوم على تشغيل العمال الأجانب وحصر التوظيف في مهن كثيرة بالمواطنين السعوديين.

وتشكو الكثير من الشركات ومتاجر التجزئة من قلة العمال السعوديين المستعدين لشغل الوظائف التي تتطلب العمل لساعات طويلة، الأمر الذي أدى إلى تباطؤ أنشطتها بشكل كبير.

وسجّل الاقتصاد السعودي انكماشا في العام الماضي بسبب حزمة الإصلاحات الكبيرة في سوق العمل وإجراءات تقشف تضمنت خفض الدعم الحكومي للوقود والخدمات الأساسية.

وقد تداول نشطاء وصحف إلكترونية في الأيام الماضية أنباء عن أن الحكومة السعودية قررت التوقف عن سعودة عدد من المهن وإعادة السماح للوافدين بالعمل فيها، بعد أن أدت فرض قرارات حصر العمل بالسعوديين إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي.

لكن وزارة العمل السعودية نفت يوم السبت تلك الأنباء. وقال المتحدث باسم الوزارة خالد أبا الخيل، في بيان صحافي إن “الوزارة توضِّح أن ما يتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي بشأن إلغاء توطين عدد من المهن غير صحيح”.

وأكَّد أن “برامج التوطين (أي إحلال العمالة السعودية محلّ العمالة الأجنبية) مستمرة على مستوى المهن والأنشطة والقطاعات والمناطق لتمكين المواطنين والمواطنات من فرص العمل”. وطالب “بأخذ المعلومات من مصادرها الرسمية”.

وأظهرت أحدث بيانات البطالة أن الشركات السعودية بدأت تتأقلم مع صدمات الإصلاحات الكبيرة لسوق العمل، بعد تزايد أعداد المواطنين، الذين يقبلون على الوظائف التي خلّفها رحيل أعداد كبيرة من العمال الأجانب.

وأكدت الهيئة العامة للإحصاء السعودية تراجع معدل البطالة بين المواطنين في نهاية الربع الثالث من العام الحالي إلى 12 بالمئة مقارنة مع 12.3 بالمئة في الربع السابق، ليبتعد بدرجة أكبر عن مستواه القياسي المرتفع المسجل في العام الماضي حين بلغ نحو 12.9 بالمئة.

القرار يمكن أن يفتح مجالات لقطاعات جديدة مثل السياحة والترفيه، التي تتطلب تقديم الخدمات على مدار الساعة، بعد أن فتحت الرياض أبواب السياحة للزوار الأجانب

وتؤكد الأرقام أن نشاط القطاعات الاقتصادية بدأ تتأقلم مع صدمات الإصلاحات الكبيرة في سوق العمل، التي أجبرت الشركات على تشغيل المواطنين، بعد فرض ضرائب كبيرة على تشغيل الأجانب.

ويمثّل إدخال مئات الآلاف من السعوديين العاطلين في قوة العمل التحدي الرئيسي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يشرف على السياسة الاقتصادية لأكبر بلد مصدّر للنفط في العالم.

ويفضّل الكثير من المواطنين السعوديين وظائف القطاع العام الأعلى أجرا وساعات العمل الأقلّ مقارنة بشروط العمل في شركات القطاع الخاص.

وتواجه البلاد صعوبات كبيرة منذ سنوات في خلق الوظائف للمواطنين، بعد أن اعتادت شركات القطاع الخاص على الاعتماد على العمالة الأجنبية الرخيصة في وقت لم يكن فيه النظام التعليمي يؤهل الطلبة جيدا لمتطلبات سوق العمل.

11