مسقط تدشن أكبر مزرعة أسماك في الشرق الأوسط

عززت الحكومة العمانية جهودها لبلورة خارطة طريق لتطوير قطاع الصناعة السمكية عبر تدشين أكبر مزرعة أسماك في منطقة الشرق الأوسط، في إطار محاولات تنويع مصادر الدخل وتعزيز استدامة النشاطات الاقتصادية بعيدا عن عوائد صادرات الطاقة.
المصنعة (سلطنة عمان) - فتحت مجموعة هايغو الكورية الجنوبية الخميس آفاقا جديدة لمشاريع تنمية الثروة البحرية في سلطنة عمان بتدشين أكبر مفقس للأسماك في الشرق الأوسط.
وتحتوي المزرعة البحرية، التي بدأت العمل بولاية السويق، على شعاب صناعية، وتعد أول حوض لاستزراع الأسماك في المنطقة من هذه النوعية.
ونسبت وكالة الأنباء الرسمية لمدير عام تنمية الموارد السمكية بمحافظة شمال الباطنة عبدالعزيز المرزوقي قوله إن “الشعاب الاصطناعية مبتكرة من مواد صديقة للبيئة وبنماذج تتوافق مع الأعماق والكائنات البحرية المستهدفة”.
وتعرف الشعاب الاصطناعية بأنها موائل بحرية ويتم إنزالها في قاع البحر لاسيما في المناطق التي تفتقر إلى وجود شعاب مرجانية طبيعية.
وتبرز أهمية الشعاب الاصطناعية في تعزيز التنوع الأحيائي للمنطقة، والتي تقام من خلال توفير بيئة مناسبة لتكاثر وتغذية الكائنات البحرية، وبالتالي المساهمة في تعزيز المخزون السمكي واستدامته، كما أنها توفر بيئة صيد مثالية للصيادين.
وتقول إدارة تنمية الموارد البحرية في الباطنة إن تكلفة المشروع بلغت حوالي 2.65 مليون ريال (نحو 6.9 مليون دولار).
ووفق الموصافات الفنية للمشروع تأتي المزرعة بطول عشرين كيلومترا وعرض سبعة كيلومترات على خط الساحل وعلى أعماق تتراوح بين 15 و30 مترا.
6.9 مليون دولار تكلفة المشروع، الذي يعتمد على شعاب اصطناعية صديقة للبيئة
ويبلغ عدد وحدات الشعاب الصناعية التي سوف يتم إنزالها في الحوض على مراحل حوالي 4280 وحدة موزعة على ثلاثة نماذج.
وأشار مدير عام تنمية الموارد السمكية إلى أن المشروع يهدف إلى زيادة إنتاجية الأسماك وإثراء البيئة البحرية وجعلها بيئات مناسبة لتكاثر الأسماك والأحياء البحرية الأخرى.
وسيوفر المشروع بيئة صيد مثالية للصيادين من حيث خفض تكلفة الجهد ومدته واستخدام معدات الصيد الانتقائية وبالتالي الحصول على منتجات ذات جودة عالية من شأنها زيادة دخل الصيادين.
كما سيساعد على تنمية القطاعات الاقتصادية الأخرى من خلال إيجاد بيئة جيدة لعمليات الغوص والترفيه السياحي وإيجاد بيئة مناسبة لتنفيذ الدراسات العلمية للشعاب الصناعية والكائنات البحرية.
ويؤكد المرزوقي أن مشاريع المزرعة البحرية من الشعاب الصناعية في السلطنة أثبتت نجاحها بشكل كبير بعد أن تم تنفيذ العديد من المشروعات الصغيرة.
وقامت وزارة الزراعة والثروة السمكية بالعديد من مشاريع الشعاب الصناعية خلال الأعوام الماضية موزعة على 14 ولاية، وقد بلغ عدد وحدات الشعاب الصناعية التي تم إنزالها في هذه الولايات 13890 وحدة.
وكانت اللجنة الرئيسية لاستزراع الأحياء المائية قد تلقت العام الماضي، 21 مشروعا استثماريا لإقامة مشاريع الاستزراع السمكي بمختلف الأنواع في محافظات السلطنة.
ويرى مختصون في القطاع أن المشاريع الجديدة سوف تساهم بشكل كبير في توفير فرص عمل للشباب العماني، بالإضافة إلى توفيرها لمختلف أنواع الأسماك في الأسواق المحلية.
ووفق البيانات الرسمية، توجد في السلطنة في الوقت الحالي 21 مزرعة تكاملية لتربية أسماك البلطي، وبلغ إنتاجها منذ بداية العام الحالي حوالي 814 طنا.
وكانت الحكومة قد أطلقت العام الماضي أكثر من 90 مشروعا جديدا من المتوقع أن تساعد على تطوير القطاع وتنمية مجالاته الثلاثة، التي تشمل الصيد الحرفي والتجاري والاستزراع السمكي والتصنيع والتصدير.
وتتمثل أهمية اختيار قطاع الثروة السمكية ضمن القطاعات الواعدة لتعزيز التنويع من خلال إدراجه ضمن الخطة الخمسية التاسعة التي تنتهي في 2020.
وتشير التقديرات إلى أن عُمان لا تزال بعيدة عن استثمار الموارد السمكية المتاحة لها بالشكل الأمثل.
ويؤكد خبراء أن بمقدور السلطنة إنتاج نحو نصف مليون طن سنويا لكنها تنتج أقل من ذلك، رغم سواحلها الطويلة على بحر العرب، والتي تتجاوز الثلاثة آلاف كيلومتر.
ويقول المسؤولون العمانيون إن وضع السياسات الكفيلة بتطوير الأداء والاستفادة من المقومات المتوفرة في التوسع في إنتاج الأسماك مستقبلا سينعكس على تعزيز منظومة الأمن الغذائي والمساهمة الفعّالة في التنويع الاقتصادي للسلطنة.
وهناك مساع حثيثة ظهرت بالفعل خلال السنوات الأخيرة لزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ أكثر من ملياري دولار بحلول عام 2023، ارتفاعا من 574 مليون دولار في الوقت الحالي.
وتهدف الخطة لجذب استثمارات خاصة لتمويل مشاريع القطاع بأكثر من 90 بالمئة وزيادة كمية الأسماك، التي يتم اصطيادها لتبلغ في السنوات الخمس المقبلة 1.3 مليون طن سنويا، بدل 280 ألف طن تم تسجيلها في عام 2016.
وأقامت وزارة الزراعة والثروة السمكية العديد من الدراسات والنقاشات في العامين الأخيرين لاستكشاف الفرص التي تدعم القطاع، وفق الخطط الإصلاحية الحكومية بعد تراجع عوائد الدولة من صادرات النفط والغاز.