تقارير متواترة ترسم للكويت صورة البلد المضطهد للعمال الوافدين

الكويت - لاحت في الكويت بوادر أزمة جديدة مدارها ملف العمالة الوافدة، التي ما تفتأ الأحداث تُظهر وجود ثغرات فيه تعكس ارتباكا في معالجة القضايا المرتبطة به وإدارتها بشكل سلس، على غرار ما هو جار في بلدان كثيرة تعتمد على جلب العمال من الخارج لتلبية متطلبات سوقها الداخلية.
وأثيرت في الهند قضية اضطهاد لمواطنين هنود عاملين في الكويت، وفق ما ورد بمقال نشرته صحيفة هندية، تحدّث عن تجاوزات كبيرة على حقوق هؤلاء العمال.
وستنضم نيودلهي، في حال أثارت القضية مع السلطات الكويتية، إلى العديد من العواصم المعترضة على أوضاع عمّالها بالكويت، وعلى رأسها مانيلا التي وصل غضبها، مطلع العام الماضي من المعاملة السيئة التي يلقاها العمال الفلبينيون المشتغلون على الأراضي الكويتية، حدّ التهديد بمنع مواطنيها من العمل في الكويت.
وقالت صحيفة ذا تايمز أوف أنديا، الأوسع انتشارا في الهند، إن العمال الهنود المشتغلين في الكويت يعانون من سوء المعاملة، وإن نسبة الانتحار في صفوفهم مرتفعة بسبب ذلك.
وكثيرا ما تنفي السلطات الكويتية وجود اضطهاد ممنهج للعمال الوافدين، لكن منظمات حقوقية ووسائل إعلام عالمية تورد قصصا توضّح تواتر التعديات على حقوق العمال، وتبيّن أن من القضايا ما يرتقي إلى مرتبة العبودية المعاصرة والاتجار بالبشر.
وبثّت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”، مؤخرا على قناتها الفضائية، شريطا استقصائيا عن تعرّض فتاة غينية صغيرة إلى البيع عدّة مرات في الكويت، بحيث تناقلها عدة مشغّلين لتوظيفها كخادمة بعد قبض “ثمنها” في عملية بيع صريحة تمت عبر إعلانات موثقة على شبكة الإنترنت.
ولا يتعدى عمر الفتاة 16 سنة، رغم امتلاكها أوراقا ثبوتية تبيّن أن عمرها 21 سنة، وهي أوراق تمّ تزويرها في بلدها الأصلي حتى تتمكّن من السفر إلى الكويت.
وتكمن المشكلة في أن من بين مشغّليها و“بائعيها” من كانوا على وعي تام بعملية التزوير، وفق ما صرّحت به إحدى ربات البيوت التي استخدمت الفتاة لفترة معينة، ثم عرضتها للبيع عبر إعلان على الإنترنت.
ويدعم الشريط ما كان قد ورد في وقت سابق بتقرير تناقلته وسائل إعلام في الغابون (وسط غرب أفريقيا)، ورد فيه أن “النساء من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، اللاتي هجرن أوطانهن بسبب الحاجة، يتم بيعهن ومعاملتهن كالعبيد بعد أن تم خداعهن وإيهامهن بأنهن قادرات على كسب العيش الكريم في الكويت”.
وذهب التقرير حدّ وصف وضع العاملات الوافدات إلى الكويت بـ“الكابوس”، لافتا إلى أن “الخادمات الأفريقيات العاملات اللاتي يتقاضين رواتب زهيدة في الكويت يتعرضن للعبودية”.
ونقل التقرير عمن سمّاهم وكلاء العمالة الذين يقومون بانتدابهن للعمل كخادمات أو ممرضات، ومن ثم بيعهن إلى أرباب عمل محتملين القول إنّه “يتعين عليهن العمل لساعات طويلة وفي أي عمل يسند إليهنّ، وفي كثير من الأحيان، تحت تهديد الجلد بالسياط”.
ويعزو كويتيون تشوّهات سوق الشغل في بلادهم إلى فشل مزمن في إدارة ملف العمال الوافدين، ما أدى إلى تضخّم أعدادهم وارتفاع التكلفة المالية المترتبة على ذلك.
وتقول منظمات حقوقية إن عملية جلب تلك العمالة تمثّل ميدانا للتلاعب من قبل المضاربين والمتربّحين، الذين يحتالون على القوانين ويضرّون بمصالح العمّال وأرباب العمل في نفس الوقت.
وبدأت المشاكل المتزايدة في ملف العمالة الوافدة تفرز تيارا كويتيا واضحا في معاداته للعمال الوافدين وتحميلهم العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، إلى درجة بروز مقترحات توصف بـ“المتطرّفة” للتضييق على هؤلاء، من قبيل فرض ضريبة على سيرهم بالطرقات، أو منعهم من الحصول على رخص قيادة السيارات، كحلّ للاكتضاض المروري في شوارع البلاد.