اليمين المتطرف خارج حسابات المحافظين في انتخابات النمسا

فيينا- أدلى الأحد أكثر من 6 ملايين ناخب نمساوي بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي يتنافس فيها 476 مرشحا يمثلون 8 أحزاب سياسية.
وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم الأحزاب المحافظة التي يمثلها حزب الشعب والذي يتزعمه المستشار السابق سيباستيان كورتس لكن مخاوف الجالية المسلمة التي تمثل 800 ألف من سكان النمسا تتزايد مع عدم كشف الأخير عن التحالف الذي سيعقده بعد هذا الاستحقاق.
وتؤكد هذه الاستطلاعات تقدم حزب الشعب، في وقت أربكت فيه الفضائح التي هزت حزب الحرية اليميني المتطرف الحسابات وأصبحت تهدد إمكانية تواجده في الائتلاف الحاكم المقبل.
ويرى مراقبون أن إبقاء المستشار السابق الباب مفتوحا على جميع الاحتمالات بشأن التحالف الذي سيعقده بعد الانتخابات خاصة مع تقدم حزبه في نوايا التصويت بـ33 بالمئة يليه الحزب الديمقراطي الاشتراكي بـ23 بالمئة، ثم حزب الحرية بـ20 بالمئة وأخيرا حزب اليمين الليبرالي بـ8 بالمئة، يثير مخاوف المسلمين وطالبي اللجوء.
ويرى محللون أنه من الصعب التكهن بالتحالف المقبل مع تقارب نسب التصويت، لكن من الواضح حسب هؤلاء أن كورتس لن يغامر بتجديد عهد التحالف مع حزب الحرية اليميني المتطرف الذي هزته أكثر من فضيحة فساد.
وقد أفضت فضيحة ”إيبيزا” إلى انهيار التحالف اليميني المتطرف الذي يجمع حزبي الحرية والشعب، والتي تفجرت على إثر نشر تسجيل فيديو التقط بكاميرا خفية في الجزيرة الإسبانية.
ويظهر مقطع الفيديو محادثات بين زعيم حزب الحرية السابق هاينز كريستيان شتراخه، وامرأة قدمت نفسها على أنها ابنة شقيق رجل أعمال روسي قريب من السلطة يشرح لها خلالها عن طريقة سرية في تمويل حزبه.
المسلمون سيتوجهون لمنح أصواتهم للحزب الديمقراطي ليكون شريكا مع حزب الخضر اليساري الصاعد والذي تظهر نوايا التصويت حصوله على 13 بالمئة في الحكم
ولا تنتهي محن حزب الحرية عند هذا الحد فقد هزت ادعاءات باختلاس شتراخه أموالا من حزبه لحسابه الشخصي الشارع النمساوي في الأسبوع الأخير من حملة اليمين المتطرف الانتخابية وفتح تحقيق قضائي في المسألة.
وأثارت فضيحة ”إيبيزا” موجة انتقادات للتحالف اليميني آنذاك قبل أن يعلن المستشار كورتس عن انهياره، ورغم سحب البرلمان الثقة منه تمكن سيبستيان من المحافظة على شعبيته وكانت تلك المرة الأولى التي يسحب فيها برلمان الثقة من مستشار في تاريخ النمسا.
ويرى معسكر المحافظين أن ”كورتس حساس جدا إزاء صورة بلاده خلف الحدود، لكن في الخارج لا يدور الحديث إلا عن حزب الحرية المتطرف وفضائحه”.
وتزيد التكهنات بتغيير كورتس وجهة تحالفاته من فرص حدوث تحولات في سياسة النمسا حيال قضايا اللجوء والهجرة وكذلك قضايا البيئة والمناخ ما يريح الجالية المسلمة واللاجئين ولو قليلا.
ويرى مراقبون أن المسلمين سيتوجهون لمنح أصواتهم للحزب الديمقراطي ليكون شريكا مع حزب الخضر اليساري الصاعد والذي تظهر نوايا التصويت حصوله على 13 بالمئة في الحكم ليجبر المحافظين على بعض التنازلات.
وأبدى حزب الخضر الذي يعد من دعاة حماية البيئة في البلاد استعدادا للحوار مع المحافظين وكذلك الليبراليين.
ورغم تحقيق الأحزاب الشعبوية في السنوات الأخيرة نجاحات متتالية فإن حوادث مثل الفضائح التي هزت حزب الحرية ورغم محاولته لملمة المسألة واستقالة زعيمه إلا أنها قد تضع حدا لصعود نجم اليمين المتطرف وتفرض عليه تنازلات كبيرة تعود بالفائدة على الجالية المسلمة خصوصا في النمسا التي اختارت مؤخرا سياسة محافظة حيال الهجرة.