العراق يدخل المدار الصيني بالانضمام لمبادرة طريق الحرير

عزز العراق رهانه على الشراكة الصينية بالانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق وتوقيع 8 اتفاقات في المجالات المالية والتجارية والإعمار والاتصالات والأمن والثقافة والتعليم، لكنها كانت اتفاقات عامة لم تعكس التوقعات التي روجت لها بغداد قبل زيارة أكبر وفد حكومي إلى الصين.
لندن - أعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي عن انضمام بلاده إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي تسعى لإحياء طريق الحريق التاريخي، وتركز على مشاريع استراتيجية لربط المسارات التجارية البحرية والبرية في نحو 65 بلدا.
وجاء الإعلان خلال لقاء عبدالمهدي بالرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي أكد أن بكين تسعى لإرساء نقطة انطلاق جديدة لدعم الشراكة الاستراتيجية بين الصين والعراق وأن البلدين سيتعاونان في مشاريع مرتبطة بالنفط والبنى التحتية.
وعبر رئيس الوزراء العراقي، الذي يرأس أكبر وفد عراقي رسمي في زيارة خارجية، عن امتنان بلاده لدعم بكين، مؤكدا أن بغداد مستعدة للتعاون معها في مبادرة الحزام والطريق لخدمة مصالح البلدين.
ووقع البلدان 8 اتفاقيات ومذكرات تفاهم شملت المجالات المالية والتجارية والأمنية والإعمار والاتصالات والثقافة والتعليم والتعاون بين وزارتي الخارجية في البلدين.
وتضمنت اتفاقيتين بين وزارة المالية العراقية وكل من وزارة التجارة الصينية والوكالة الصينية لضمان الائتمان بشأن التعاون في إعادة إعمار العراق بعد عقود من الحروب والصراعات.
كما وقعت وزارة الاتصالات العراقية مذكرة تفاهم مع المكتب الصيني للملاحة الجوية في الأقمار الصناعية، وعددا من الاتفاقات في المجالات الأمنية والدبلوماسية والثقافية والتعليمية.
لكن محللين يقولون إن الاتفاقات كانت عامة ولم تتضمن مشاريع أو استثمارات محددة، وأنها لم تصل إلى مستوى التوقعات والطموحات التي روجت لها بغداد قبل الزيارة.
وقال عبدالمهدي إن العلاقات العراقية الصينية تمر بأفضل حالاتها ونتطلع إلى تقدمها مستقبلا، وأن العراق يرحب بالاستثمارات الأجنبية بعد تحقيق الاستقرار الأمني.
وأكد أن العراق دخل “مرحلة جديدة هي تقديم الخدمات والإعمار ومحاربة الفساد والبيروقراطية بعد عقود من الحروب والصراعات وأنه يتطلع اليوم إلى تحويل التعاون إلى فرص استثمار يقطف شعبنا ثمارها”.
وتؤكد بيانات السنوات الأخيرة نموا متسارعا في العلاقات بين البلدين، حيث وصلت الاستثمارات الصينية في العراق إلى نحو 20 مليار دولار، في وقت استأثرت فيه شركاتها بمعظم عقود النفط الجديدة، إضافة إلى تزايد حصة العراق في واردات النفط الصينية وإبرام الجانبين اتفاقات لتخزين النفط العراقي في الصين.
ويأتي التحول العراقي نحو بكين في وقت تتسابق فيه دول كثيرة نحو النموذج الصيني، الذي يعد بمشاريع عملاقة للبنية التحتية دون أجندات سياسية مثلما هو الحال مع تجارب سابقة مع الدول الأوروبية، لم تحقق وعودها الكبيرة.
لكن فتح أبواب العراق أمام النفوذ الاقتصادي الصيني يمكن أن يثير حفيظة إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تخوض حربا تجارية لمواجهة الصعود السريع للنفوذ الاقتصادي الصيني.
وكانت واشنطن قد مارست ضغوطا على بغداد لمنح شركات أميركية مثل جنرال إليكتريك عقودا كبرى في مشاريع الكهرباء العراقية، لكنها تواجه انحيازا عراقيا لشركات مثل سيمنز الألمانية وشركات صينية.
وكشفت مؤسسة إنرجي إنتليجنس أمس نقلا عن مصادر مطلعة أن بغداد تتجه لاختيار شركات صينية لتحل محل إكسون موبيل في مشروع عملاق للبنية التحتية النفطية.
وشهد العراق نموا كبيرا لمشاركة الشركات الصينية في مشاريعه منذ عام 2003 حيث تستثمر في تطوير الحقول النفطية وأبرزها حقل حلفاية ومجموعة حقول ميسان وحقل الأحدب وشرقي بغداد.
كما تقوم بدور أساسي في مد خطوط الأنابيب النفطية، فضلا عن أن الشركات الصينية تستورد يوميا ما يصل إلى 800 ألف برميل من النفط الخام العراقي.
ويرى محللون أن الطموحات العراقية بمشاركة الصين بشكل واسع في نهضة اقتصادية شاملة قد تصطدم بضعف الاستقرار الأمني وانتشار الفساد، إضافة إلى التوتر المتصاعد بين واشنطن وطهران، والذي تنعكس تداعياته على الساحة العراقية.