"حق النسيان" لا يلزم غوغل خارج أوروبا

فازت شركة غوغل الأميركية في معركة قضائية يطلق عليها اسم “الحق في النسيان”، بحيث لا يتعين عليها إزالة روابط البيانات الشخصية الحساسة في جميع أنحاء العالم.
لوكسمبورغ - قضت محكمة العدل الأوروبية الثلاثاء بأن غوغل غير مطالبة بتطبيق “الحق في النسيان” عبر الإنترنت على محرّكات البحث التابعة لها خارج أوروبا، في قرار تاريخي يشكل نصرا للمجموعة الأميركية.
واعتبرت القضية غاية في الأهمية في تحديد إن كان من الواجب تطبيق قواعد الإنترنت الأوروبية خارج حدود التكتل.
وكانت المجموعة الأميركية العملاقة شددت على أن حذف النتائج التي يوفّرها محرك البحث التابع لها وفق القانون الأوروبي يجب ألّا يشمل نطاق “غوغل.كوم” أو غيره من المواقع خارج الاتحاد الأوروبي.
وقضت المحكمة أنه بينما يتوجّب على غوغل سحب روابط بطلب من هيئة تنظيمية أو محكمة في دولة بالاتحاد الأوروبي من جميع نسخ مواقعها الأوروبية، إلا أن “الحق في النسيان” عبر الإنترنت يتوقف عند هذا الحد.
وقالت المحكمة “لا يشترط قانون الاتحاد الأوروبي” على مشغّلي محرّكات البحث على غرار غوغل “القيام بعملية سحب روابط كهذه في جميع نسخ محرّك البحث التابع لها”.
لكنها شددت على أن سحب الروابط من المواقع الأوروبية يجب أن يتضمن إجراءات “تثني جدّيا” مستخدم الإنترنت الأوروبي عن التمكّن من الالتفاف على “حق النسيان” من خلال الوصول إلى نتائج لا قيود عليها عبر محرّك بحث في نطاق خارج الاتحاد الأوروبي.
ويتطلب ذلك فرض “حجب جغرافي”، وهو أمر تشير غوغل إلى أنها تطبقه بفعالية في أوروبا. لكن بإمكان مستخدمي الإنترنت الالتفاف على ذلك باستخدام “شبكة خاصة افتراضية” تخفي موقع المستخدم، أو عبر اللجوء إلى محرّكات بحث أخرى غير غوغل.
وانبثقت القضية التي تضع حق الأفراد بالخصوصية على الإنترنت مقابل حريّة الحصول على المعلومات عن معركة قضائية أطلقتها فرنسا منذ 2014 لدفع غوغل لتطبيق “حق النسيان” على جميع نطاقات البحث التابعة لها.
ولو ربحت فرنسا القضية لعمّق ذلك حدة الانقسامات بين أوروبا والولايات المتحدة، حيث مقار معظم شركات الإنترنت العملاقة والتي انتقد رئيسها دونالد ترامب ما وصفه بتدخل الاتحاد الأوروبي في الأعمال التجارية الأميركية.
وفي نهاية المطاف، توصلت المحكمة إلى أن قانون الاتحاد الأوروبي في هذه المسألة لا يسعى إلى أن يتجاوز نطاق “الحق في النسيان” حدود الدول الأوروبية.
وأشادت غوغل بقرار المحكمة الثلاثاء.
وقال محامي الشركة بيتر فليشر في بيان “من الجيّد أن المحكمة اتّفقت مع حججنا”، مضيفا أن غوغل عملت من أجل “تحقيق توازن منطقي بين حق الناس في الوصول إلى المعلومات والخصوصية”.
وحذّرت الشركة الأميركية وحملة الأسهم من أن دولا استبدادية خارج أوروبا قد تستغل طلبات سحب الروابط عالميا للتغطية على الانتهاكات الحقوقية المرتكبة فيها.
وعلّق المحامي المتخصص في مجال الخصوصية لدى شركة “باكر ماكينزي” في باريس يان بادوفا على الحكم بالقول “إنه قرار متوازن. لا يمكن فرض إجراءات تتجاوز حدود الدول عندما يتعلّق الأمر بسحب روابط على صلة بشخص ما”.
وتساءل المحامي الذي لم يشارك في المعركة القضائية المرتبطة بالقضية “ماذا كنّا لنقول لو أن الصين طلبت سحب روابط مواد متاحة للمستخدمين الفرنسيين؟”.
وعزز موقف غوغل في يناير رأي غير ملزم صدر عن كبير مستشاري المحكمة الأوروبية المدعي العام ماتشي شبونار الذي أوصى بأن “يقتصر نطاق عملية سحب الروابط التي يتعيّن على مشغلي محرّك البحث على الإنترنت تنفيذها على الاتحاد الأوروبي”.
وتمت متابعة القضية عن كثب خاصة مع بروز أوروبا كجهة تحدد القواعد على الصعيد العالمي في ما يتعلق بحماية البيانات على الإنترنت.
وفي 2016، أجبر النظام الأوروبي العام لحماية البيانات الذي سنّته ويشمل جميع مواطني الاتحاد الأوروبي وسكانه العديد من مواقع الإنترنت والشركات حول العالم على الامتثال لهذه الإجراءات.
وفي ما يتعلق بمعركة “الحق في النسيان” القضائية، اعتبرت هيئة تنظيم البيانات الفرنسية “اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات” أنه ليكون فعّالا، يجب أن يطبّق سحب الروابط على جميع النطاقات أينما كانت.
وفرضت الهيئة الفرنسية في 2016 غرامة قدرها 100 ألف يورو (110 آلاف دولار) على غوغل لعدم امتثالها. وتقدمت غوغل بطعن لأعلى محكمة في فرنسا والتي أحالت القضية بدورها إلى محكمة العدل الأوروبية التي أصدرت حكمها الثلاثاء.
وكان غوغل أطلق عام 2014 خدمة جديدة على الإنترنت مخصصة للأوروبيين فقط تمكنهم من حذف معلومات وروابط لا يرغبون أن ترتبط بأسمائهم على الإنترنت انطلاقا من “حق النسيان” الرقمي الذي فرضته عليه محكمة العدل الأوروبية.
وتقترح هذه الخدمة الجديدة المخصصة للأوروبيين فقط، مسح نتائج البحث على الإنترنت المرتبطة باسم المستخدم كروابط ومعلومات ومشاركات في مواقع تواصل اجتماعي، يعتبر صاحبها بأنها “في غير محلها، غير ملائمة، أو لم تعد ذات صلة”.
وتتم العملية عبر استمارة على الإنترنت يملأ عبرها المستخدم خانة متعلقة بالبيانات الشخصية (الاسم واللقب والبريد الإلكتروني…) وبعدها يضع الروابط التي يريد حذفها.
ويبقى عملاق المعلوماتية غوغل الذي احتفل بعيد ميلاده العشرين هذا العام، محرك البحث الأكثر استخداما على الإنترنت حيث تمر عبره 90 بالمئة من عمليات البحث في العالم.