الأردن يراهن على "حلفاء اليوم" لإنقاذ اقتصاده، فهل من مجيب

قلق يسود في الأوساط الشعبية والنيابية الأردنية حيال الوضع الاقتصادي في البلاد، بعد خطوات مثيرة اتخذتها حكومة عمر الرزاز توحي بأن الوضع أكثر سوءا مما يبدو عليه.
الأربعاء 2019/09/18
نزيف الخزينة يقود الملك إلى برلين

عمان- تقول دوائر سياسية إن الغرض الرئيسي من زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى ألمانيا، هو الحصول على دعم على وقع الأزمة المالية التي تتخبط فيها المملكة، حتى أن البعض بات يتحدث عن أن البلاد على شفا الإفلاس، رغم التطمينات التي قدمها الملك من برلين.

والتقى الملك عبدالله الثاني الثلاثاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل أن يتوجه إلى نيويورك لحضور اجتماعات الدورة الـ74 للجمعية العمومية للأمم المتحدة. وتطرق الطرفان خلال اللقاء إلى التحديات الإقليمية وعلى رأسها الإعلانات الإسرائيلية المتواترة، بشأن ضم غور الأردن وجميع المستوطنات في الضفة الغربية، بيد أن اللقاء ركز على الوضع الاقتصادي للأردن.

وقال الملك عبدالله خلال اللقاء مع ميركل إنه يأمل في أن يتحسن الوضع الاقتصادي خلال العامين المقبلين، مستدركا أن ذلك لا يمكن أن يحصل دون دعم ألماني وأوروبي.

وتشكل اجتماعات الجمعية العمومية فرصة مهمة للملك عبدالله الثاني للتواصل مع القوى الحليفة والصديقة لحثها على دعم اقتصاد المملكة، خاصة وأنه يرى أن الوضع غير المسبوق الذي تمر به البلاد يعود بشكل رئيسي إلى الأزمات المشتعلة في الجوار وخاصة في سوريا واعتماد عمان في إحدى الفترات سياسة الأبواب المفتوحة في التعامل مع اللاجئين نيابة عن العالم.

عمان تعول أيضا على الحصول على دعم من قطر، وفي هذا الإطار تندرج خطوة المملكة نحو إعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة

وكان رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز طالب من التشيك الأسبوع الماضي الاتحاد الأوروبي بضرورة زيادة مساعداته للأردن وإقامة المزيد من الاستثمارات فيه، لتمكينه من مواصلة دوره في خدمة اللاجئين، في دعوة حمالة أوجه.

وأقرت المفوضية الأوروبية الشهر الجاري مقترحا لبرنامج جديد لدعم الأردن بقيمة 500 مليون يورو (552 مليون دولار). ومنذ عام 2011 خصص الاتحاد للأردن مبلغا يتجاوز سقف 2.2 مليار يورو، وذلك في سياق مساعدته على التعامل مع أزمة النازحين السوريين.

ويقوم اقتصاد الأردن أساسا على المساعدات الخارجية التي تراجعت بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة لعوامل عدة، من بينها تراجع عمان في سلم أولويات الدول الداعمة. ويقول البعض إنه لا يمكن تجاهل واقع الضغوط الأميركية في علاقة بعدم حماسة المملكة لخطة السلام المعروفة بصفقة القرن، والتي تخشى الأخيرة أن تكون أحد المتضررين المباشرين منها، خاصة إذا ما نصت تلك الصفقة على إسقاط حق العودة وحل الدولتين.

ويسود قلق في الأوساط الشعبية والنيابية الأردنية حيال الوضع الاقتصادي في البلاد، بعد خطوات مثيرة اتخذتها حكومة عمر الرزاز هذه الأيام توحي بأن الوضع أكثر سوءا مما يبدو عليه.

وعلى خلاف الأشهر السابقة التي شهدت ظهورا متكررا لرئيس الوزراء، بدا الرزاز في الفترة الأخيرة منطويا ويتحاشى الشارع حتى أنه تحفظ على لقاء طلبته نقابة المعلمين، التي أعلنت منذ أكثر من أسبوع عن إضراب مفتوح للمطالبة بعلاوة تصل إلى 50 بالمئة على الراتب الأساسي للمعلم.

وفي مقابل ذلك ما فتئ الرجل يصدر القرار تلو الآخر بشأن تقليل النفقات قدر الإمكان آخرها الاثنين حينما أوعز بوقف جميع المشاريع الرأسمالية معللا ذلك بـ”الوضع الصعب للخزينة العامة”، وهو ما جعل كثيرين يتساءلون عما إذا كان الأردن على شفا الإفلاس.

وانتقد عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، موسى الوحش، قرار الحكومة بوقف تنفيذ المشاريع الرأسمالية، معتبرا أن “القرار خطير وله انعكاس على نسبة النمو إذا كان هناك نمو”.

وأوضح الوحش في تصريحات صحافية أن “قيمة المشاريع الرأسمالية من الموازنة ضئيلة جدا ولا تتعدى 250 مليونا من المليار وربع المليار المرصودة، وتم تخفيضها في بداية العام 11 بالمئة، ما يعني توقف المشاريع بشكل كامل وزيادة نسبة البطالة”.

وتساءل عن سبب عدم قيام الحكومة بضبط النفقات الجارية، مشيرا إلى أن هذا القرار يؤشر على عدم قدرة الحكومة على تحصيل الإيرادات من الضرائب والرسوم التي فرضتها “وهو ما كان متوقعا من البداية”، إضافة إلى عجزها عن وقف العجز بشكل عام. وسبقت خطوة وقف المشاريع إصدار الرزاز قرارا بإعادة تسجيل جميع العقارات الحكومية باسم الخزينة، ما فُهم منه أن هناك توجّها نحو خصخصتها.

 اجتماعات الجمعية العمومية تشكل فرصة مهمة للملك عبدالله الثاني للتواصل مع القوى الحليفة والصديقة لحثها على دعم اقتصاد المملكة

وكانت حكومة الرزاز اضطرت في مايو الماضي إلى اتخاذ قرار بخفض النفقات إلى نحو 162 مليون دولار، لاحتواء عجز الموازنة العامة لسنة 2019 وهناك توجّه لإجراء مماثل.

ويقول خبراء إن الإجراءات المتتالية بشأن تقليص النفقات إلى الحد الأدنى، تعكس عمق الأزمة الاقتصادية، لافتين إلى أن الدعم الدولي والإقليمي الذي تراهن عليه المملكة لإنعاش اقتصادها قد يمنح الدولة فرصة لالتقاط أنفاسها لكنه لا يعالج المشكلة باعتبار أن هذه المساعدات هي في شكل قروض، وأكيد أن الدول المقرضة ستسعى للاستفادة قدر الإمكان من هكذا وضع.

وإلى جانب التوجه لدول الاتحاد الأوروبي بدا واضحا أن عمان تعول أيضا على الحصول على دعم من قطر، وفي هذا الإطار تندرج خطوة المملكة نحو إعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة.

وقال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة خلال استقباله السفير القطري الشيخ سعود بن ناصر آل ثاني، الثلاثاء، إن الأردن حريص على الوصول إلى أفضل المستويات في شكل العلاقة بين عمّان والدوحة. وسبق وأن تعهدت الدوحة العام الماضي بتقديم دعم مالي وتشغيل عشرة آلاف أردني، بيد أن هذه الوعود لم ينفذ منها إلا النزر القليل.

2