وزير جديد لتسريع تحولات رؤية السعودية لمستقبل الطاقة

اتخذت السعودية خطوة كبيرة نحو تسريع التحوّلات الهيكلية في قطاع الطاقة ومجمل الاقتصاد بتعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزيرا للطاقة، كخاتمة لسلسة قرارات أعادت ترتيب إدارة أرامكو وفصلت الصناعة والموارد المعدنية عنها لتشكيل وزارة جديدة.
الرياض- أصبح الأمير عبدالعزيز بن سلمان أول عضو في الأسرة الحاكمة يتولّى حقيبة وزارة الطاقة بموجب أمر ملكي أصدره أمس العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد سلسلة خطوات مهّدت لهذا التحوّل.
وقال محللون إن الوزير الجديد الذي كان يشغل منصب نائب وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية قبل انفصالها إلى وزارتين، له خبرة طويلة في قطاع النفط تمتد لعشرات السنين وإنه كان في قلب سياسات البلاد النفطية وعلاقاتها مع المنتجين من داخل منظمة أوبك وخارجها.
وساعد الأمير في التفاوض على الاتفاق الحالي بين أوبك والمنتجين غير الأعضاء، في إطار ما بات يُعرف بمجموعة “أوبك+” لخفض المعروض العالمي من النفط لدعم الأسعار وتحقيق التوازن في السوق.
ونسبت وكالة رويترز إلى مسؤول سعودي قوله أمس إن “تعيين الأمير عبدالعزيز وزيرا للطاقة سيعزّز سياسة النفط السعودية من خلال تقوية التعاون بين أوبك وحلفائها من المنتجين المستقلّين”.
وخفّضت السعودية إنتاجها النفطي أكثر من المستهدف بموجب اتفاق خفض الإمدادات الرامي إلى دعم الأسعار الضرورية، لتحقيق تقييم مرتفع لعملاق النفط السعودي شركة أرامكو قبل طرح نسبة من أسهمها، وإدراجها في الأسواق المالية خلال العامين المقبلين.
وقالت حليمة كروفت العضو المنتدب في مؤسسة آر.بي.سي كابيتال ماركتس إن “الأمير عبدالعزيز تكنوقراطي ذو قدرات استثنائية وصاحب باع كبير في صناعة الطاقة… لا أعتقد أنه ستكون هناك أيّ تحولات كبيرة على صعيد سياسة أوبك أو المبادرات الأوسع نطاقا”.
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى بوب مكنالي رئيس مؤسسة رابيدان انرجي قوله إن “الأمير عبدالعزيز سياسي مخضرم في دائرة صنع قرار السعودية وداخل أوبك”، لكنّه استبعد أيّ تغيير كبير في سياسة الإنتاج السعودية الحالية.
وأكد بعض الخبراء المطلعين في الصناعة النفطية أنّ خبرة الأمير الطويلة تغلّبت على ما كان يُنظر إليه دائما على أنه استحالة تعيين أحد أفراد الأسرة الحاكمة في منصب وزير الطاقة في السعودية.
وتشير مصادر سعودية ودبلوماسيون إلى أن التفكير الذي كان سائدا هو أن الأسرة الحاكمة في السعودية تعتبر منصب وزير النفط مهمّا جدا إلى حد أن إسناده إلى أحد الأمراء قد يخلّ بتوازن السلطة الدقيق في الأسرة، ويخاطر بجعل السياسة النفطية رهينة للمناورات السياسية.
وتولّى حقيبة النفط خمسة وزراء منذ عام 1960 ولم يكن أحد منهم من أفراد الأسرة الحاكمة. وفي عام 2016 أنشأت السعودية وزارة عملاقة تضم الطاقة والصناعة والثروة المعدنية يقودها الوزير خالد الفالح، الذي تم إعفاؤه أمس من آخر مناصبه. وبدأت الرياض في الشهر الماضي سلسلة خطوات بدأت بإنشاء وزارة للصناعة والموارد المعدنية منفصلة عن وزارة الطاقة.
وأعقبتها بإعادة هيكلة إدارة شركة أرامكو بتعيين ياسر الرميان رئيسا لمجلس الإدارة، والذي كان يشغل منصب رئيس صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي الرئيسي للبلاد. وتضمّنت القرارات خروج الفالح من مجلس الإدارة ودخول وزير النقل السعودي نبيل العامودي.
وأنتجت السعودية أقل من عشرة ملايين برميل يوميا خلال معظم العام الحالي، وهو ما يقلّ عن مستوى إنتاجها المستهدف في الاتفاق المُبرم بين منتجي أوبك وعشرة منتجين آخرين من خارج المنظمة بقيادة روسيا.
وساعد الفالح في التوسّط في الاتفاق المُبرم مع منتجي النفط من خارج أوبك بزعامة روسيا، ليظهر بوصفه الوجه الرئيسي لأوبك والدبلوماسية النفطية للمملكة على مدار السنوات الثلاث الأخيرة.
وجاءت تلك التغييرات في وقت تصاعدت تأكيدات المسؤولين السعوديين على خطط طرح ما يصل إلى 5 بالمئة من أسهم الشركة في العام المقبل أو اللاحق.
ويرى محللون أن بيع حصة في أرامكو يعدّ حجر الزاوية في خطط التحوّل الاقتصادي في إطار “رؤية المملكة 2030” التي يقودها وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان بهدف تنويع موارد الاقتصاد، وتقليص الاعتماد على عوائد صادرات النفط.
ويرى محللون أن التغييرات تهدف إلى إعطاء زخم جديد لقطاعات الطاقة والصناعة والثروات المعدنية التي لم تشهد أيّ تطورات تذكر في السنوات الماضية رغم الخطط الطموحة التي تم الإعلان عنها.
ولم يتضح بعد إن كان تولّي الأمير عبدالعزيز حقيبة الطاقة سيحدث تغييراً في سياسة السعودية في هذا الصدد. ويذكر أن وزير الطاقة الجديد انضم إلى وزارة النفط في ثمانينات القرن الماضي وتولّى عدة مناصب رفيعة فيها.
ومن المتوقع أن يشارك الوزير الجديد في اجتماع الدول المنتجة في أبوظبي هذا الاسبوع لمناقشة خفض جديد في انتاجها، بهدف رفع الأسعار المتراجعة بسبب الحرب التجارية الأميركية الصينية، لكن محللين يشككون في إمكانية نجاح الخطوة في وقف الانحدار.
من هو وزير الطاقة الجديد الأمير عبدالعزيز بن سلمان

* يبلغ الأمير عبدالعزيز بن سلمان من العمر 59 عاما، وهو أخ غير شقيق لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
* حصل درجة البكالوريوس في الإدارة الصناعية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في عام 1982 وعلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال من ذات الجامعة في عام 1985.
* كان يشغل حتى يوم أمس منصب وزير للدولة لشؤون الطاقة في وزارة الطاقة السعودية منذ عام 2017.
* تولى منصب نائب وزير البترول والثروة المعدنية منذ عام 2015 * عمل قبلها مساعدا ومستشارا لوزير البترول والثروة المعدنية علي النعيمي لشؤون البترول بين 2004 -2015.
* شغل منصب مدير إدارة الدراسات الاقتصادية والصناعية في معهد البحوث في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
* كان عضوا في اللجنة العليا لشؤون المواد الهيدروكربونية وعضوا في مجلس إدارة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومجلس إدارة مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة.
* شغل خلال فترة عمله في وزارة الطاقة، عضوية فريق التفاوض المعني بانضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية.
* ترأس الفريق المشكل من وزارة البترول والثروة المعدنية وأرامكو لإعداد الاستراتيجية البترولية للسعودية، إضافة إلى الفريق المكلف بتحديث الاستراتيجية.
* شارك في غالبية اجتماعات منظمة أوبك، ومنها المباحثات التي أدت إلى التوصل لاتفاقات خفض إنتاج النفط، التي بدأ تنفيذها منذ مطلع عام 2017 حتى آخر اجتماع عقد في يونيو الماضي.