الذكاء الاصطناعي يغزو الأجهزة المنزلية

بعدما كان الذكاء الاصطناعي في الأجهزة المنزلية يثير دهشة عشاق أفلام الخيال العلمي ويعتبرونه ضربا من ضروب الخيال الذي لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع بات اليوم حقيقة ثابتة يمكن لمسها من خلال أجهزة المنزل مثل الثلاجة والفرن والموقد والمكنسة والتلفزيون حيث أصبحت جل هذه الأجهزة تتمتع بذكاء اصطناعي يسهل حياة الأسر وخاصة ربات البيوت.
برلين- يغزو الذكاء الاصطناعي الأجهزة المنزلية كالمواقد والأفران والغسالات من أجل الراحة والتوفير، وهو ما ظهر جليا خلال فعاليات معرض الإلكترونيات “IFA”، الذي تحتضنه العاصمة الألمانية برلين حتى 11 سبتمبر الجاري.
وقال مايك هنكلمان، مدير قسم أجهزة التلفاز بشركة سامسونغ، إن ما سيحدد مدى نجاح جهاز منزلي عن آخر لن يكون المزايا المتعلقة بتجهيزاته، وإنما مدى الذكاء الاصطناعي، الذي سيتمتع به.
وأضاف الخبير التقني أن أجهزة مثل الموقد والغسالة والتلفاز ستصبح قادرة على فهم المستخدم والتفاعل معه بشكل أفضل، مشيرا إلى أن الأساس لهذا كله تمثله مجموعة كبيرة من البيانات، التي تجمعها هذه الأجهزة باستمرار عن المستخدم وعاداته وتفضيلاته.
ويعني هذا من جهة أخرى أن هذه الأجهزة ستكون دائما وأبدا في وضع التطوير والعمل على تحسين نفسها بنفسها من خلال المزيد من الوقت اللازم لتحليل سلوك الاستخدام الخاص لتصبح أكثر ذكاء وتلبية لطلبات المستخدم بشكل أكثر توقعا.
وأكد خبراء التكنولوجيا أن التمتع بمنازل عصرية بات حقيقة ثابتة عن طريق تحويل الأجهزة المنزلية التقليدية إلى أجهزة ذكية متصلة بالإنترنت، ويمكن لأفراد الأسرة اليوم تشغيل وإيقاف تشغيل الأجهزة أثناء التواجد في المنزل أو أثناء التواجد خارجه، وعلى سبيل المثال يمكنه تكييف المنزل قبل الوصول إليه، كما يمكنه تشغيل برمجة وضعية الإضاءة الخافتة، أو إغلاق النوافذ في حال تشغيل المكيف، ومراقبة دورة الغسيل، وتفقد وجبة العشاء في الفرن، والحصول على وصفات طعام بالاعتماد على ما يتوفر في الثلاجة.
ومن جانبه صرح مدير عام شركة “أل. جي إلكترونيكس” المشرق العربي، دانييل كيم في وقت سابق قائلا “أل. جي إلكترونيكس تتجاوز بتصميمها فكرة تسهيل الحياة بتفاصيلها وجعلها أكثر راحة، لتمتد إلى توفير نمط حياة مميز وأفضل يمكن المستخدمين من تحقيق إنجازات أكثر في حياتهم على اختلاف مدى معرفتهم وقدراتهم التقنية لبساطة وسهولة استخدامها”.
وأضاف كيم “أل. جي إلكترونيكس استطاعت بناء جسور بين الأجهزة التي يعرفها الجميع وبين التقنية الحديثة والصاعدة بفضل الابتكار المتواصل المعزز باستراتيجية العمل والتصنيع الكفؤة، وبالانفتاح والشراكات القوية”.
وكشفت شركة بوش عن فرن من السلسلة 8 مزود بتقنيات الذكاء الصناعي. وأوضح توماس زالديت، رئيس قسم الأنظمة الرقمية بالشركة الألمانية، أن الفرن الجديد يمكنه ملاحظة إيقاف تشغيله عند وقت معين كل مرة بعد وضع الطعام صباحا على سبيل المثال ليقوم هو بنفسه مستقبلا وبعد مرور نفس الوقت بإيقاف تشغيل نفسه، فضلا عن تجهيز الفرن بمستشعرات للقلي والخبز تراقب الطعام لمعرفة الوقت المناسب بعد الانتهاء من الطهي.
وأضاف زالديت أن سرعة تعلم الفرن تتوقف على المستخدم أولا؛ فالأمر في المقام الأول يعتمد على أن الطهي بوتيرة ثابتة يسهل على الجهاز عمليات التحليل والتعلم الذاتي. وبمعنى آخر تحتاج مثل هذه الأجهزة لتغذيتها بالبيانات، وإرسال القيم إلى شبكة الإنترنت، نظرا لأن العقل الحقيقي للجهاز المزود بتقنيات الذكاء الاصطناعي ليس في الجهاز نفسه، بل في شبكة الإنترنت، ففي حال عدم توصيل الجهاز بشبكة الإنترنت، فسوف ينفصل عنه عقله ولن يتمكن من استقبال أي بيانات من الخدمة السحابية ولن يتعلم.
وتقوم أفران (Generation 7000) (جنيريشن 7000) من شركة “ميال” بإخطار الطاهي بانتهاء وقت الطهي عن طريق صوت تنبيه، ثم ينتظر الفرن ردة فعل الطاهي ليتوقف هو الآخر عن التنبيه الصوتي بمجرد تحرك الطاهي نحوه ليبدأ في تشغيل إضاءة غرفة الطهي. وهذا ممكن بفضل مستشعرات الأشعة تحت الحمراء الموجودة في الجهاز، والتي تستجيب للحركة أمام الجهاز بمسافة من 20 إلى 40 سم.
الأجهزة ستكون دائما في وضع التطوير والعمل على تحسين نفسها بنفسها من خلال المزيد من الوقت لتحليل سلوك الاستخدام
وتقوم الفكرة الرئيسية للأجهزة الذكية على مفهوم الراحة، التي تجلبها للمستخدم وأيضا التوفير. وأوضح زالديت أن المكنسة الكهربائية الروبوت على سبيل المثال تعرف الغرفة التي يجب أن تتجه إليها في وقت ما لتقوم بعملية التنظيف هناك. وتعمل المكنسة بشكل اقتصادي أكثر، لأنها تحسب مسارها بشكل أكثر ذكاء.
وإذا كان المستخدم معتادا على شرب الحليب في الليل، فإن الثلاجة ستتعرف على هذا الروتين مع مرور الوقت لتقوم بعملية التبريد للحليب قبل وقت الشرب ليصبح اللبن باردا. كما تتعلم الثلاجة الذكية من واقع الخبرة أن المستخدم سوف ينام بعد شرب كوب الحليب هذا ولن يفتح باب الثلاجة مرة أخرى حتى الصباح، وبالتالي تقوم بتقييد عملية التبريد، ومن ثم التوفير في استهلاك الطاقة.
وبفضل الذكاء الاصطناعي يصبح عمل الأجهزة مع بعضها أكثر تناغما، على سبيل المثال موقد سيمنز “activeLight” ضمن سلسلة “iQ700” والشفاط الذكي يعملان سويا بحيث يقوم الشفاط بعملية الشفط بالقوة المناسبة، ويقوم مستشعر نقاء الهواء برصد كمية الدخان المتصاعد من الموقد لضبط الشفاط على درجة شفط مناسبة.
وينظر الكثيرون إلى البيت الذكي كقمة في راحة ورفاهية إنسان المستقبل القريب. غير أن هذه الرفاهية محفوفة بمخاطر نشر البيانات الشخصية وعادات الاستهلاك والدفع والقدرة الشرائية وغيرها.