الإنتاج الخليجي يغير خارطة دراما رمضان 2019

نقاد: الدراما المصرية تحولت من فن جاذب للممثلين الخليجيين والعرب إلى طارد للممثلين المصريين في خضم ارتباك إنتاجي قلص عدد المسلسلات المستوعبة للنجوم.
الخميس 2019/05/02
الأردني منذر رياحنة يشارك في الدراما التاريخية "الحلاج"

نجحت الدراما الخليجية في اجتذاب الممثلين العرب الكبار في موسم رمضان 2019 لتصبح منافسا قويا للدراما المصرية التي تواجه أزمة في انخفاض أعداد المسلسلات وتخفيض الأجور إلى النصف، ما حوّلها إلى مناخ طارد للممثلين المصريين أنفسهم.

ظلت الدراما المصرية المقصد الأول للممثلين العرب في رمضان بعدما حققوا على شاشاتها الرمضانية حضورا بارزا في الساحة الفنية العربية، قبل أن يغيروا دفتهم ومعهم مجموعة من الممثلين المصريين إلى الدراما الخليجية في الموسم الرمضاني الذي شارف على الانطلاق.

ويشهد الموسم الرمضاني المُرتقب اختفاء جماعيا للممثلين العرب عن دور البطولة في الدراما المصرية رغم حضورهم المكثف على مدار المواسم الماضية، لتغيب أسماء اعتاد الجمهور على وجودها في أعمال متميزة مثل التونسيين ظافر العابدين ودرة، والأردنيين إياد نصار ومنذر رياحنة والسوري باسل الخياط.

سوق واعدة

 إنتاج الدراما الخليجية في رمضان 2019 تزايد بصورة ملحوظة، ليقترب من 22 مسلسلا، ويغلب عليها الطابعان الاجتماعي والكوميدي
 إنتاج الدراما الخليجية في رمضان 2019 تزايد بصورة ملحوظة، ليقترب من 22 مسلسلا، ويغلب عليها الطابعان الاجتماعي والكوميدي

يسعي الفنانون العرب إلى حجز مكان في السوق الخليجية الواعدة في ظل الانفتاح الثقافي والفني الذي تشهده، مثل الفنان الأردني منذر رياحنة الذي يشارك في مسلسل درامي اجتماعي كويتي يحمل عنوان “ماذا لو؟” من تأليف فيصل البلوشي وإخراج حسين دشتي.

ويشارك رياحنة أيضا الممثل السوري غسان مسعود في بطولة مسلسل “الحلّاج” عن سيرة الصوفي الحسين بن منصور، الذي عاش في عصر الدولة العباسية، وهو من تأليف أحمد المغربي وإخراج شعلان الدبس، وهو من إنتاج إماراتي- أردني.

وتزايد إنتاج الدراما الخليجي في رمضان 2019 بصورة ملحوظة ليقترب من 22 مسلسلا، ويغلب عليها الطابعان الاجتماعي والكوميدي مع مشاركة ملحوظة لممثلين غير خليجيين في أدوار البطولة أو كضيوف شرف لا يتعدى ظهورهم حلقات معدودة.

ولم تجتذب الدراما الخليجية الممثلين العرب فقط، بل استقطبت عددا كبيرا من الممثلين المصريين الذين فضلوا المشاركة فيها، ورفضوا بعض العروض المصرية، مثل بيومي فؤاد الذي يلعب دورا هاما في المسلسل الاجتماعي الكويتي “سبع أبواب” تأليف عبدالمحسن الروضان وإخراج سلطان خسروه.

وتشارك الفنانات أحلام الجريتلي ورانيا منصور ونيرمين ماهر، في مسلسل “دفعة القاهرة” للكاتبة هبة مشاري حمادة والمخرج علي العليّ، والذي يدور حول حياة أول دفعة من الطالبات الكويتيات أثناء بعثتهن في القاهرة خلال خمسينات القرن الماضي.

وتظهر بدرية طلبة في المسلسل الخليجي الكوميدي “أنا عندي نص” للمخرج منير الزغبي، بينما يشارك حسن حسني وحسام داغر أيضا في الجزء الثامن من المسلسل السعودي “شباب البومب” تأليف عبدالعزيز الفريحي وإخراج ماجد الربيعان.

تتصدر الكويت قائمة الدول الخليجية الأكثر إنتاجا للمسلسلات الرمضانية بنحو 12 عملا في مقدمتها  “سبع أبواب” من بطولة سعد الفرج وجاسم النبهان، و“وما أدراك ما أمي” من إخراج حسين الحليبي وتأليف علي دوحان و“أمنيات بعيدة” من تأليف منى الشمري وإخراج محمد القفاص، و“عذراء” من تأليف محمد شمس وإخراج محمد القفاص و”حضن الشوك” من تأليف عبدالله السعد وإخراج حمد البدري.

ولا تجتذب الدراما الخليجية الممثلين فقط بل الموسيقيين والفنيين أيضا، فالموسيقار المصري مصطفى الحلواني تولى وضع الموسيقى التصويرية لمسلسل “دفعة القاهرة”، وصمم الديكور الخاص بالعمل المهندس رمسيس سليم، ومصممة الملابس منى عبدالسلام.

كما يتولى الموسيقار المصري الشاب إبراهيم شامل تسجيل الموسيقى التصويرية للمسلسل الكويتي “لا موسيقى في الأحمدي” من تأليف منى الشمري وإخراج محمد دحام، مع الاستعانة بأوركسترا تضمّ مجموعة من أشهر العازفين المصريين.

وتولى المخرج السوري منير الزعبي مسؤولية إخراج اثنين من الأعمال الكويتية في رمضان 2019 تولى تأليفهما الكاتب الكويتي حمد الرومي، أولهما “أنا عندي نص” ويحكي عن امرأة تبحث عن حقوقها في المجتمع، و“موضي قطعة من الذهب” لداود حسين عن الصراعات والصعاب التي تواجهها إحدى الأسر.

ويؤكد النقاد أن حضور الفنانين العرب بالدراما المصرية كان مرتبطا في المقام الأول بقلة العمل في بلدانهم لتكون مصر بمثابة الملاذ لديهم، ومع رغبة المنتجين في تخفيض النفقات هجروا الإنتاج المصري نحو الخليج أو المشاركة في الإنتاج المحلي مع عودته، إلى جانب تفضيل بعض المؤلفين لأن أعمالهم المتميزة تعرض خارج السباق الرمضاني قصد إعطائها فرصة أكبر للمشاهدة.

الهجرة بعيدا عن مصر

غياب الفنانين العرب عن الدراما المصرية مرتبط بانخفاض أعداد المسلسلات وتقليص ميزانيات الإنتاج
غياب الفنانين العرب عن الدراما المصرية مرتبط بانخفاض أعداد المسلسلات وتقليص ميزانيات الإنتاج

يقول الناقد الفني طارق الشناوي إن غياب الفنانين العرب عن الدراما المصرية مرتبط بانخفاض أعداد المسلسلات وتقليص ميزانيات الإنتاج، فنجوم الصف الأول منهم مكلفون ماليا باعتبارهم قامات فنية لها جمهورها العريض ما يجعل الإنتاج الخليجي أفضل لهم.

وتبنت شركة “سنرجي” المصرية، التي تحتكر غالبية إنتاج وتوزيع أعمال الدراما المحلية ولديها شبكة عريضة من القنوات الفضائية، سياسة خفض أجور الممثلين والأعمال الرمضانية بوجه عام، ودفعت ممثلين مصريين كبارا إلى الانضمام إلى كراسي المشاهدين.

وتبدو سوق الإنتاج الفني السعودي رهانا من قبل الكثير من الفنانين الذين يحرصون على المشاركة في إنتاجها، حتى ولو في أدوار صغيرة، لحجز مكان مستقبلي في الإنتاج المحلي الذي يتوقع انتعاشه في ضوء تنامي الاهتمام بالفنون وتوقعات بافتتاح 350 دار عرض سينمائي بالمملكة حتى العام 2030.

ويشارك فنانون من المغرب ومصر واليمن في مسلسل “على جنب” التي تنتجه شركة “الصدف” السعودية من تأليف ورشتي كتابة مصرية وسعودية بإشراف السيناريست المصري أمين جمال والسعودي علاء حمزة، ويدور في إطار كوميدي عن واقع المنطقة العربية. وحتى المسلسلات الرقمية المزمع بثها على الإنترنت في رمضان تحظى بقبول كبير من الممثلين المصريين مثل المسلسل السعودي “أيام العسل” تأليف السيناريست السعودي فاروق الشعيبي وإخراج المصري أحمد نور، والذي يشارك في بطولته عدد كبير من المصريين مثل صلاح عبدالله، وهاني رمزي، وداليا البحيري، ورجاء الجداوي، ورانيا فريد شوقي، وعلاء مرسي وإدوارد.

ويضيف الشناوي، أن الفنانين السوريين واللبنانيين باتوا يلعبون أدوار البطولة في الأعمال الخليجية، على عكس المصريين الذين يظهرون أكثر كضيوف شرف. ويرى أن حضور النجوم العرب في الدراما المصرية كان عنصر قوة على مدار الأعوام الماضية باعتباره يعطي رسائل عن قدرتها على جذب الكفاءات والقامات واستيعاب المواهب في الفن بأنواعه سواء السينما أو الدراما أو الغناء، وليس كما هو دارج بأنه يجور على الممثلين المحليين.

وكان فنانون مصريون قد أعلنوا امتعاضهم من تزايد مشاركة العرب على حساب الفنانين المحليين في الدراما الرمضانية، واعتبروه سببا مباشرا في غياب بعض الممثلين المهمين ككمال أبورية وماجدة زكي عن الساحة الفنية.

وتحوّلت الدراما المصرية من فن جاذب للممثلين الخليجيين والعرب إلى طارد للممثلين المصريين في خضم ارتباك إنتاجي قلص عدد المسلسلات التي تستوعب الأعداد الكبيرة من العاملين في صناعة الدراما بمصر، والذي يعيش بعضهم طوال العام على دخله من الأعمال الرمضانية فقط.

16