الفشل في تأجيل الانتخابات يضيّق الخناق على إخوان الجزائر

رئيس حركة حمس يوجه أصابع الاتهام للجيش وجهاز الاستخبارات والإسلاميين، بالوقوف وراء إفشال مشروع مبادرة التوافق الوطني.
الجمعة 2019/01/18
بوصلة الإخوان تخطىء قراءة الواقع

الجزائر - كشفت تفاصيل الاتصالات السرية التي أجرتها قيادة حركة مجتمع السلم الإخوانية، مع مسؤولين سامين في رئاسة الجمهورية، عن وفاء الحركة للخط، القائم على ارتباط العضوي بالسلطة، رغم الزعم بتبنّي خطاب معارض خاصة منذ العام 2012.

وجّه رئيس حركة حمس عبدالرزاق مقري، أصابع الاتهام للجيش وجهاز الاستخبارات والإسلاميين، بالوقوف وراء إفشال مشروع مبادرة التوافق الوطني، التي أطلقتها حركة حمس خلال الأشهر الأخيرة، من أجل جمع المعارضة والسلطة على خارطة طريق تكفل انتقالا سياسيا واقتصاديا سلسا في البلاد.

ودعت المبادرة إلى تأجيل موعد الانتخابات الرئاسية إلى عام 2020، على أن يتم خلال هذه الفترة فتح حوار بين السلطة والمعارضة، على خارطة طريق محددة، لإعادة الشرعية للمؤسسات المنتخبة، والذهاب إلى انتخابات رئاسية مفتوحة تجري دون ترشح الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، أو أي مقرّب منه.

ولم يفَصّل زعيم الإخوان في الكيفية التي ساهم بها الجيش وجهاز الاستخبارات السابق والإسلاميين، في إفشال المبادرة، ويستشف من حديثه اللغط الذي أثير حول ضرورة احترام الدستور، وتفادي سيناريو العام 2008، خاصة وأن الوثيقة لم يمر على تعديلها إلا عامين فقط.

عبدالرزاق مقري، لا زال متمسكا بالتوافق الوطني كخيار لإنقاذ البلاد من الأزمة التي تتخبط فيها، ولم يمانع في العودة إليها حتى بعد الانتخابات الرئاسية القادمة

وذكرت تقارير محلية، بأن “الوثيقة الداخلية للحركة، كشفت عن اتصالات متكررة بين قيادة الحركة الإخوانية ومسؤولين سامين في رئاسة الجمهورية”، بما يوحي أن خيار تأجيل الانتخابات الرئاسية كان واحدا من السيناريوهات المطروحة خلال الأسابيع الماضية، ويحظى بدعم جهات نافذة في السلطة.

وكان مقري، قد برر في تصريحاته الأخيرة، لقاءاته المتكررة مع شقيق الرئيس والمستشار الشخصي سعيد بوتفليقة، بما أنه لا يشغل أي منصب رسمي في الدولة، بكون الأمر يتعلق بشخصية عينها رئيس البلاد لاستقبالنا والحديث معنا في مؤسسة الرئاسة، ونحن لا نملك الحق في اختيار شريك الحوار. وتصف دوائر سياسية في الجزائر، المستشار سعيد بوتفليقة، بـ”رجل الظل” الذي يدير شؤون البلاد بالنيابة عن شقيقه عبدالعزيز بوتفليقة، رغم أنه لا يملك أي صفة رسمية في الدولة.

وألمحت وثيقة مقري، إلى أن المبادرة الموازية التي أطلقها رئيس حزب (تاج) عمار غول، الموالي للسلطة، والمنحدر من خلفية إخوانية قبل أن ينشق عنهم في 2012، والتي دعت إلى ندوة وطنية تستهدف تحقيق إجماع وطني بين جميع القوى والتيارات الوطنية، هي أحد أسباب فشل مشروع الحركة، وقد وصفتها بـ”السطو السياسي والتمييع”، واعتبرتها منافسا غير شريف لجهودها في حلحلة الأزمة التي تتخبط فيها البلاد.

ويكون اللغط الذي أثير حول دعوات تأجيل موعد الاستحقاق الرئاسي، من طرف قوى سياسية معارضة حذرت من مغبة انتهاك الدستور، بما أن التأجيل كان يتطلّب إجراء تعديل طفيف على بعض بنوده، فضلا عن تمسك المؤسسة العسكرية برفض أي توريط أو ضلوع في الشأن السياسي والتجاذبات الحزبية، هو مقصد عبدالرزاق مقري، من توجيه أصابع الاتهام للجيش والاستخبارات القديمة بإجهاض مبادرة التوافق الوطني.

فقدان الإخوان لقراءة بوصلة الوضع الحالي، خاصة بعد فشل مبادرة التوافق

وأعادت خطة الإخوان لإنقاذ السلطة من مأزق الانتخابات الرئاسية، إلى الأذهان دور حركة حمس، أيام مؤسسها الراحل محفوظ نحناح، الذي حاول أن يكون بديلا لإسلاميي جبهة الإنقاذ المنحلة، وساهم في تمرير أجندة السلطة في تسعينات القرن الماضي، لما كانت تتخبّط في أزمة أمنية وسياسية خطيرة، هددت أركان الجمهورية.

ولا زال عبدالرزاق مقري، متمسكا بالتوافق الوطني كخيار لإنقاذ البلاد من الأزمة التي تتخبط فيها، ولم يمانع في العودة إليها حتى بعد الانتخابات الرئاسية القادمة.

وأبقت حمس، دورة مجلسها الشوري مفتوحة إلى غاية نهاية الشهر الجاري، من أجل بلورة موقف نهائي من تطوّرات المشهد السياسي المتصل بالانتخابات الرئاسية، وتتداول كواليسها العديد من المقاربات بما فيها مقاطعة الاستحقاق المذكور، في حال ترشح الرئيس الحالي لولاية رئاسية خامسة.

وعزا متابعون المسألة، إلى فقدان الإخوان لقراءة بوصلة الوضع الحالي، خاصة بعد فشل مبادرة التوافق، وإبلاغ رئيسهم من سعيد بوتفليقة، بأن خيار التأجيل لم يعد ممكنا، بسبب عدم اتفاق الأجنحة النافذة، وهو ما يلمح إلى التخلي عن حمس.

4