الإضراب العام في تونس يقسّم السياسيين والأحزاب

المعارضة تتبنى اتهامات اتحاد الشغل للحكومة وتصطف ضد يوسف الشاهد.
الخميس 2019/01/17
الشارع ورقة ضغط اتحاد الشغل

أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر منظمة نقابية في تونس الأربعاء عن مضيه قدما في تنفيذ إضراب عام بالقطاع العام اليوم الخميس بسبب ما اعتبرته فشل المفاوضات مع الطرف الحكومي بشأن الزيادة في أجور موظفي القطاع العام ومواصلتها في نهج سياسة إثقال كاهل الطبقات المتوسطة بدل البحث عن بدائل، إضراب عام سيشل وفق المراقبين أهم القطاعات الحيوية في البلاد تباينت حوله ردود أفعال مختلف مكونات الطبقة السياسية في البلاد.

تونس - ينفذ الاتحاد العام التونسي للشغل، الخميس، إضرابا عاما في القطاع العام بعد فشل مفاوضاته مع الحكومة وفشل “اجتماع الفرصة الأخيرة” على حد وصف الناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري، أمام مخاوف من تداعيات الإضراب الجديد على اقتصاد البلاد المتردي، واستمرار الاحتقان الاجتماعي.

وقال بوعلي المباركي الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل إن “الإضراب تحول إلى واقع بعد فشل كل المحاولات والجلسات مع الحكومة”. وشرح المباركي النقاط التي أدت إلى فشل المفاوضات بقوله “جزء منها يتعلق بوضعية المتقاعدين، أما الجزء الثاني فيتعلق بتاريخ تطبيق الزيادات في الرواتب”.

بوعلي المباركي: الإضراب تحول إلى واقع بعد فشل الجلسات مع الطرف الحكومي
بوعلي المباركي: الإضراب تحول إلى واقع بعد فشل الجلسات مع الطرف الحكومي

وتابع في تصريح لـ”العرب”، “الحكومة اقترحت صرف الشريحة الأولى من الزيادات في ديسمبر2018 والثانية في يناير 2020، والاتحاد اعتبر ذلك مخالفا لمطالبه ولن يكون في صالح الموظفين”.

وسيشمل الإضراب كل الوزارات والإدارات الحكومية ووسائل الإعلام الرسمية وحركة النقل البري والبحري والجوي وغالبية الخدمات الأخرى. ووجهت النقابات المنضوية تحت لواء اتحاد الشغل  دعوات للعمال في المؤسسات العمومية والقطاع العام إلى الدخول في الإضراب العام بدءا من منتصف ليل الأربعاء.

والتقى أمين عام الاتحاد نورالدين الطبوبي رئيس الحكومة يوسف الشاهد صباح الأربعاء في مسعى لتفادي الإضراب، لكن الأمين العام المساعد للاتحاد سامي الطاهري قال في مؤتمر صحافي إن “اللقاء لم يدم سوى ثلاث دقائق وإنه كان لقاء مجاملة”.

وكان الاتحاد قد نفّذ إضرابا عاما يوم 22 نوفمبر الماضي شمل أكثر من 650 ألف عامل في الوظيفة العمومية. وتظاهر الآلاف في العديد من المدن التونسية في استعراض قوة للضغط على الحكومة لرفع الأجور.

ورصدت “العرب” أراء سياسيين من الحكومة والمعارضة حول تنفيذ الاتحاد لإضراب عام جديد، وإن التّفت أغلب المواقف حول الاتحاد ومشروعية مطالبه، يحذر البعض من مخاطره المالية.

وأكد أحمد نجيب الشابي رئيس الحركة الديمقراطية دعمه للإضراب. وأضاف لـ”العرب”، “هو عمل مشروع وسبق أن قام الاتحاد بإعلام الحكومة منذ شهرين لكن الحكومة لا تملك قرارها”. وتابع “الحكومة تتجاهل تدهور الأوضاع الاجتماعية وخاصة المقدرة الشرائية للمواطن وبالتالي هذا الإضراب مشروع″.

وحمّل الشابي الحكومة مسؤولية تداعيات الإضراب على الاستقرار السياسي، متوقعا انطلاق سلسلة من التحركات الاحتجاجية الجديدة في الفترة المقبلة. وأضاف “أساند الإضراب أيضا لأنه وسيلة للضغط على الحكومة حتى تتحرر من قيودها الخارجية وتجلس على طاولة الحوار مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين لإيجاد الحلول التي تعيد الاستقرار الاجتماعي”.

أحمد نجيب الشابي: الحكومة تتجاهل تدهور المقدرة الشرائية للمواطن
أحمد نجيب الشابي: الحكومة تتجاهل تدهور المقدرة الشرائية للمواطن

من جهته، أبدى محمد عبو القيادي في حزب التيار الديمقراطي تفهمه لمطالب النقابات. وقال عبو لـ”العرب”، “نتفهم مطالب الأجراء للترفيع في أجورهم بالنظر لعجز الحكومات في التحكم في الأسعار وتحسين المقدرة الشرائية.. في ظل هذه الظروف فهي مطالب شرعية”. وأضاف “نتفهم لكن ليس إلى درجة تأزم الوضع العام أو وصوله حد تطبيق إضراب عام”. مشيرا بقوله “إجراء الإضراب لا يعني أن المفاوضات ستتوقف”.

ويفضل الائتلاف الحاكم الحوار بدلا عن التصعيد بإضراب جديد من شأنه أن يزيد التوتر المتفاقم أصلا في بلد يكافح من أجل إنعاش الاقتصاد العليل. وقال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري لـ”العرب”، إن “النهضة أيّدت لآخر لحظة استمرار الحوار بين الحكومة والنقابة لتجنيب البلاد الإضراب العام”. وتابع “نتفهم المطالب المشروعة لكن أيضا يجب مراعاة إمكانيات الدولة وتوازناتها المالية وتقاسم الأعباء مع المجموعة الوطنية.. هذا موقفنا وبذلنا ما وسعنا للوصول إلى اتفاق”.

ويتسق رأي الخميري مع رأي النائب عن نداء تونس محمد رمزي خميس الذي قال لـ”العرب”، “الإضراب له تداعيات خطيرة على الدولة وكنا نـأمل في تدخل من رئاسة الجمهورية لإلغائه وإيجاد أرضية للتفاهم”. وأضاف “الإضراب وسيلة للضغط لتحقيق المطالب لكن حين نصل إلى تطبيقه بهذا الشكل فهو يهدد الدولة”.

وأوضحت ليلى الشتاوي النائبة عن الائتلاف الوطني لـ”العرب”، أن “الحكومة قامت ما بوسعها للتوصل إلى تفاهمات مع الاتحاد ولتحقيق تقارب معه قدر الإمكان لكن المنظمة الشغيلة أصرت على مواقفها”. وأضافت “للأسف الاتحاد لم يقبل وجهة نظر الحكومة خاصة في ظل الظرف الاقتصادي الصعب”.

قيس سعيد: من المستبعد أن يتكرر سيناريو إضراب 1978 مرة أخرى
قيس سعيد: من المستبعد أن يتكرر سيناريو إضراب 1978 مرة أخرى

وتواجه الحكومة ضغوطا من المؤسسات المالية العالمية المقرضة للسيطرة على كتلة الأجور، بهدف منح توازن للمالية العمومية التي تواجه صعوبات. فيما يعارض الاتحاد رضوخها إلى شروط صندوق النقد الدولي، حيث جدد الأربعاء انتقاده لها. وقال إن “الوفد الحكومي المفاوض لزيادة أجور الوظيفة العمومية كان في اتصال مباشر مع صندوق النقد الدولي، وفي ذلك ضرب معلن للسيادة الوطنية”.

وفجّر تواصل الحكومة مع صندوق النقد الدولي الخلافات بين الطرف الحكومي والنقابي، لكنها ليست بمنأى عن حسابات المشهد السياسي بالبلاد، حيث عارض الاتحاد لأشهر طويلة حكومة يوسف الشاهد وتوجهاتها الاقتصادية. ويعتبر الإضراب العام وسيلة الاتحاد للضغط على الفريق الحاكم وليّ ذراع الشاهد الذي انتصر على خصومه السياسيين وحافظ على بقائه على رأس الحكومة. فيما يطرح متابعون تساؤلات عن مدى قدرة الشاهد عن تجاوز عقدة النقابات.

وحذّر الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي الاثنين أيضا من مخاطر الإضراب العام، خلال كلمة ألقاها في افتتاح معرض يحتفي بثورة 14 يناير، بـ”متحف باردو” بالعاصمة تونس.

من جهته، استبعد قيس سعيد، المحلل السياسي التونسي في تصريح لـ”العرب” أن يتكرر سيناريو إضراب 1978 مرة أخرى. وأوضح بقوله “الوضع مختلف على جميع الأصعدة فاليوم الإضراب ينفذ نتيجة لاختيارات يصر النظام على إتباعها ونتيجة للتفقير المتواصل للشعب التونسي بما في ذلك أعوان الوظيفة العمومية”.

4