خلافات كبرى تشق إخوان الجزائر عشية الانتخابات

الجزائر - بدأت الأزمة الداخلية صلب حركة مجتمع السلم الإخوانية في الجزائر تلقي بظلالها بدخول الحركة في منعطف أزمة داخلية بين الحمائم والصقور ترجمت مؤخرا في تبادل الاتهامات بين القيادة الحالية والسابقة لها.
وعشية دخول الولاية الرئاسية الحالية لبوتفليقة مرحلة العد التنازلي، وتفاقم الجدل السياسي في الجزائر حول الاستحقاق الرئاسي المنتظر في أبريل القادم، دخلت حركة مجتمع السلم الإخوانية أزمة غير معلنة، بسبب خلافات داخلية حول الموقف النهائي، وفشل الحركة في بلورة مقاربة تتماشى والنهج البراغماتي للإخوان.
وتعيش حركة مجتمع السلم الجزائرية، أزمة صامتة بسبب خلافات عميقة بين تياري الصقور والحمائم، تجلت في اتهامات متبادلة بين القيادتين الحالية والسابقة، حول وجود حراك انشقاقي، اعترف به عبدالرزاق مقري، في تصريحات علنية للصحافيين وتوعد بالتعامل معه بجدية، وألمح بخصوصه إلى غريمه الرئيس السابق أبوجرة سلطاني، وهو ما نفاه الأخير تماما.
وشكّل توجه أبوجرة سلطاني، لإطلاق تنظيم المنتدى العالمي للوسطية، إنذارا غير مباشر للقيادة الحالية، من إمكانية تشكيل تيار إخواني مواز، عبر استقطاب القواعد المناوئة والتحضير للانقلاب على القيادة، لا سيما بعد عدم توصلها إلى بلورة مواقف تتماشى مع طبيعة المرحلة السياسية التي تمر بها البلاد، وظهورها في ثوب الفاشل الذي لم يستطع مواكبة التطورات.
وامتدت الخلافات الداخلية في صفوف الحركة الإخوانية، إلى الذراع الطلابية المتمثلة في الاتحاد العام الطلابي الحر، الذي كان يؤطر منتسبي الحركة داخل الجامعات، حيث عبر الاتحاد في بيان أصدره في بحر هذا الأسبوع، عن رفضه الانخراط في أجندة سياسية أو حزبية معينة، وهو الأمر الذي شكّل مفاجأة لقيادة حمس، التي كانت تصنف التنظيم الطلابي ضمن أذرعها القاعدية. واتهم عبدالرزاق مقري، في تصريح صحافي، غريمه أبوجرة سلطاني، بالوقوف والتخطيط لحركة انقلابية داخل حمس، بعدما فشل في تمرير مقاربته خلال المؤتمر الأخير للحركة في شهر مايو الماضي، وهو ما نفاه المعني بالأمر، وأدرج الاتهامات في خانة تعليق شماعة الفشل في مواكبة التطورات على الرأي الآخر في حمس.
وذكر مصدر مطلع من داخل الحركة لـ”العرب”، بأنّ “حركة حمس تعيش حالة من القلق والتململ الداخلي في الصفوف الخلفية للقيادة، بسبب غموض مواقف الحركة تجاه الاستحقاق الرئاسي، لا سيما بعد فشل عبدالرزاق مقري، في تفعيل مبادرة التوافق الوطني، رغم الإشارات الخضراء التي تلقاها من طرف دوائر نافذة داخل
السلطة”. وأضافت ذات المصادر أنّ “تمسك رئيس الحركة، بالمبادرة حتى في حال إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وبولاية رئاسية خامسة للرئيس بوتفليقة، توحي إلى حالة تخبط لأن الأمر سينعكس على سمعة حمس، التي لم تبق في المعارضة ولم تتوافق مع السلطة في هذه الحالة، وهو ما سيشتت رأي ومواقف القواعد النضالية، ويفسح المجال أمام عودة تيار أبوجرة سلطاني من الأبواب الواسعة”.
وشكّل رفض الاتحاد الطلابي الحر، الانصياع للأجندة الحزبية، انقلابا مفاجئا على قيادة عبدالرزاق مقري، وانعكاسا لتأثير عمل خفي، يريد قص جناح القيادة الحالية داخل المجتمع الطلابي، لا سيما وأن الاتحاد المذكور، ظل يمثل ذراعا إخوانية داخل الجامعات منذ نشأته في 1989.
ويتجه الرئيس السابق أبوجرة سلطاني، الذي يوصف بـ”زعيم الحمائم داخل تيار الإخوان الجزائريين”، إلى هيكلة تنظيم المنتدى العالمي للوسطية في محافظات البلاد، حيث استطاع استقطاب شخصيات وناشطين مستقلين وحتى حزبيين، فضلا عن قطاع معتبر من قواعد حمس، وهو ما أنتج مخاوف لدى القيادة الحالية، من أن يتحوّل إلى بديل إخواني للحركة الأم.
ورغم تغليف سلطاني للتنظيم بخطاب محاربة التطرف وإرساء دعائم الوسطية الدينية والسياسية والأيديولوجية، فإن هناك شبه إجماع لدى المتابعين، يؤكد على أن التنظيم سيكون منصة الرجل لمفاوضة السلطة خلال الاستحقاق الرئاسي القادم، لا سيما وأنه من المتمسكين بما يعرف بخيار “المشاركة” الذي انتهجه الإخوان منذ منتصف تسعينات القرن الماضي.
ولا يريد سلطاني، أن يكون على الهامش في المرحلة التي ستفرزها الانتخابات الرئاسية القادمة، فهو لا يمانع في عودة الإخوان إلى حضن السلطة، وإلى شغل مواقع متقدمة، ويبرر ذلك بالخصوصيات والتفاصيل التي تميز كل بلد عن آخر، في إشارة لوضع التيار الإخواني في بعض البلدان العربية.
وكانت حمس، قد أجّلت دورة مجلسها الشوري مطلع الشهر الجاري، إلى غاية الأسبوع الأخير منه، لبلورة موقفها تجاه الاستحقاق القادم، في ظل شح المعطيات السياسية المتصلة بالسلطة إلى حد الآن.
وذكر مصدر لـ”العرب”، بأن خيار المقاطعة للانتخابات الرئاسية مطروح داخل مجلس شورى الحركة، في حال ذهاب السلطة للاستحقاق بخيار التجديد للرئيس بوتفليقة للمرة الخامسة، وأن قرار تأجيل الدورة نابع من تنظيم الانتخابات في موعدها من عدمه، بما أن الأمر سيتكشف في غضون الأيام القليلة المقبلة، وفق مهلة قرار استدعاء الهيئة الناخبة التي تنتهي قبل نهاية الشهر الجاري.