طموح أحمد أويحيى السياسي يزعج معسكر الموالاة بالجزائر

هجوم وزير العدل الجزائري الطيب لوح على رئيس الحكومة أحمد أويحيى يكشف تواصل الصراع بين أحزاب السلطة.
الأحد 2018/11/11
حليف غير موثوق به

هاجم وزير العدل الجزائري الطيب لوح، رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، وجاء ذلك ضمن حملة انتقادات لاذعة يشنّها لوح ضد سياسات أويحيى تكشف استمرار التصدع داخل أحزاب السلطة، كما تفصح عن انزعاج معسكر الموالاة من طموح أويحيى السياسي، وتحذره من تحركات مبكرة لخلافة الرئيس “المريض” عبدالعزيز بوتفليقة مع اقتراب السباق الرئاسي.

الجزائر - رغم الانطباع القائم بحسم الموالاة في مسألة التجديد للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة للمرة الخامسة على التوالي، في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الجزائر أبريل القادم، إلا أن النيران الصديقة المستعرة مؤخرا بين أركان السلطة، توحي بوجود صراعات خفية، وأن حليفا كأحمد أويحيى يبقى غير موثوق به.

ووجهت تصريحات وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح الأخيرة إلى رئيس الوزراء أحمد أويحيى رسائل تنتقد ضمنيا تحركات الأخير وطموحه السياسي لخلافة الرئيس “المريض” بوتفليقة، وتذكّره بأن “التجاوزات المرتكبة في حق قيادات وكوادر الدولة في تسعينات القرن الماضي لن تتكرر، وأنه لا توظيف للقضاء في خدمة الأغراض السياسية”، في إشارة إلى ما عرف حينها بحملة “الأيادي النظيفة” التي خاضها آنذاك أحمد أويحيى، ضد العشرات من المسؤولين بتهم الفساد وسوء التسيير وتبديد المال العام.

وحذّر الطيب لوح رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى بقوله “التعسفات التي وقعت في حق إطارات الدولة في التسعينات قد انتهت ولا عودة إليها إطلاقا في إطار القانون، والعدالة في الوقت الحاضر لا تنظر في الممنوع وغير الممنوع، بل تقوم على قواعد واسعة لمواكبة التطور الذي يعكس قيم المجتمع ومعالمه وأخلاقيات الأمة ومبادئها”. ولم يتوان في إحياء مسألة الرسوم والضرائب التي أقرها رئيس الوزراء في قانون الموازنة العامة للعام الماضي، والمتعلقة باستخراج الوثائق البيومترية، في رسالة لتذكير الرأي العام والمدعوين للقاء وزير العدل، بالتوجهات الليبرالية للرجل وخطورة خياراته على استقرار الجبهة الاجتماعية.

وبعد شهور من استقرار التجاذبات بين الأذرع السياسية للسلطة، وتفرّغها لمشروع الولاية الرئاسية الخامسة، جاءت تصريحات وزير العدل لتحرّك الصراع مجددا، وقدمت تحذيرات مبكرة عن طموحات غير معلنة لرئيس الوزراء أحمد أويحيى، الذي يبقى حليفا غير موثوق به لدى قطاع عريض من معسكر الموالاة.

وستحدد ردود الفعل الصادرة عن حزب أحمد أويحيى، (التجمع الوطني الديمقراطي)، على تصريحات الطيب لوح، مسار أركان السلطة خلال الأسابيع القادمة، خاصة وأن الغريم ليس وزيرا في حكومة أويحيى فقط، بل هو قيادي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، وأحد المحسوبين على المحيط الضيّق للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الأمر الذي يؤكد جدية رسائله وشكوك قطاع عريض في السلطة في طموحات أحمد أويحيى المقلقة لهم.

وجاء تصريح رئيس البرلمان عبدالعزيز زياري، حول ما أسماه بـ”أهلية أويحيى لقيادة البلاد”، واعتباره الشخصية الوحيدة في الظرف الراهن التي بإمكانها خلافة بوتفليقة، لتزيد من حالة الريبة والتوجس داخل الجناح الذي يريد تحييده في أقرب وقت لإزاحته من الواجهة السياسية.

التجمع الوطني الديمقراطي لم يكن في يوم من الأيام حليفا لبوتفليقة، واستراتيجيته في الممارسة السياسية من داخل السلطة هي التي أبقته في معسكر الموالاة، وهدف الحزب هو تهيئة قائده لقيادة البلاد متى سمحت الظروف بذلك

وقال زياري “لا توجد أي شخصية داخل جبهة التحرير الوطني قادرة على تحمل مسؤولية الرئاسة، وأن الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي ورئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى، هو شخصية يمكن أن تكون قادرة على القيام بهذا الدور.”

وتابع بقوله “خارج حزبي (جبهة التحرير الوطني) لا أرى أي شخص غير الزعيم الحالي لحزب آخر من الأغلبية، وهو الوزير الأول، قادر على شغل كرسي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة”، ويعد هذا التصريح بمثابة تزكية مبكرة تخلط أوراق الجناح الغريم، في ظل عدم الجزم لغاية الآن بترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، رغم الحملة الدعائية المبكرة للموالاة.

وكان الرجل الأول في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم جمال ولد عباس، قد شنّ خلال الاستحقاقات الانتخابية (التشريعية والمحلية التي جرت في 2017)، حملة شرسة ضد رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى، واتهمه بـ”عدم الوفاء لشخص رئيس الجمهورية، والتخطيط لخلافته في قصر المرادية”.

وألمح ولد عباس، في أكثر من تصريح إلى أحقية جبهة التحرير الوطني بقيادة الحكومة، باعتبارها حزب الأغلبية في البرلمان، قبل أن يدخل في هدنة سياسية مع الرجل خلال الأشهر الأخيرة، تحت ضغط حاجة معسكر الموالاة إلى الانسجام والتكتل بوجه المعارضة السياسية الرافضة لمشروع الولاية الخامسة لبوتفليقة.

واعتبر مراقبون للشأن الجزائري، أن فترة قيادة أويحيى للحكومة الحالية منذ شهر أوت 2017، تعتبر الأضعف في مساره الرسمي على رأس الحكومات أو بعض الحقائب الوزارية، حيث ظهرت محاولات التهميش ولجم تحركاته في الكثير الملفات، فضلا عن فشله في القيادة الحقيقية للطاقم الحكومي المفتقد للانسجام والتضامن، واضطر للتعبير عن مواقفه وتصوراته بواسطة حزبه (التجمع الوطني الديمقراطي).

وربط هؤلاء تصريحات وزير العدل ضد مسؤوله المباشر، بوجود ضغط مبكر من جناح داخل السلطة للإطاحة بأحمد أويحيى من هرم الحكومة في التغيير الحكومي المتأخر، وإبعاد الرجل من مراكز القرار قبل سحب البساط منها، في حال عدم توفقها في تمرير الولاية الخامسة لبوتفليقة، في ظل الغموض الذي يكتنف هرم السلطة في البلاد.

واعتبر مصدر مطلع في حزب رئيس الوزراء لـ”العرب”، أن “التجمع الوطني الديمقراطي لم يكن في يوم من الأيام حليفا لبوتفليقة، وأن استراتيجيته في الممارسة السياسية من داخل السلطة هي التي أبقته في معسكر الموالاة، وهدف الحزب هو تهيئة قائده لقيادة البلاد متى سمحت الظروف بذلك”.

2