حفتر يرسل إشارات لأهالي طرابلس: الجيش جاهز لإنقاذكم

أرسل القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر إشارات لسكان العاصمة طرابلس مفادها استعداد الجيش لإنقاذهم من الفوضى والانفلات الأمني جراء الاشتباكات المستمرة بين الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق ومجموعات مسلحة قادمة من مدينة ترهونة تتكون من عناصر ميليشياوية وقوات نظامية (اللواء السابع).
وخلال اجتماع نظمته قبيلة العواقير (كبرى قبائل المنطقة الشرقية) لتكريمه، قال حفتر “حينما نرى الوقت المناسب سنتحرك لطرابلس وستسير الأمور بشكلها الصحيح”. وأضاف “الجيش عندما يدخل إلى طرابلس سيقوم بعمل يثلج صدوركم”، متابعا “كل الليبيين من الشرق والغرب إذا كانوا يرون أن هذا العمل سوي سيخرجون له بالآلاف”.
وتداول رواد لمواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي صورا لحفتر وملصقات قالوا إنها في شوارع طرابلس ترحب بدخول الجيش.
ومنذ 26 أغسطس الماضي تشهد العاصمة، اشتباكات بين مجموعات مسلحة، أودت بحياة أكثر من 96، وتوقفت في 4 سبتمبر الجاري، بعد وساطة الأمم المتحدة، قبل أن تتجدد الثلاثاء الماضي وسط تنديد دولي بخرق هدنة وقف إطلاق النار.
ونفى حفتر علاقة قواته بالاشتباكات الجارية منذ أكثر من أسبوعين. وأكد أن “الوحدات التي تتحرك في طرابلس الآن ليس للجيش أي علاقة بها على الإطلاق وكل تلك التحركات ارتجالية”، لكن مراقبين شككوا في تصريحاته غير مستبعدين أن يكون الهدف من ورائها تمويه الخصوم.
في ما ذهب البعض الآخر إلى اعتبار أن اللواء السابع كان على تنسيق مع الجيش إلى مرحلة معينة ثم بدأ قادته الارتجال في الخطط وأفسدوا العملية مما دعا المشير إلى التملص منها مبقيا الباب مفتوحا أمام قادة اللواء لإعادة حساباتهم. ولفت حفتر إلى أنهم (أي الجيش) يجهزون أمورهم “بالتروي وننظر من هو العدو ومن هو الطرف الذي من الممكن التعامل معه”، في إشارة للقوة القادمة من ترهونة التي تشارك فيها ميليشيات موالية لحكومة خليفة الغويل وتتهم بولائها للجماعات الإسلامية المتطرفة كأنصار الشريعة وسرايا الدفاع عن بنغازي التي قاتلها الجيش لسنوات في بنغازي قبل أن ينجح في طردها.
محاولات لاستئناف مفاوضات توحيد الجيش في القاهرة والتي توصلت إلى نتائج مهمة على مدى أكثر من سنة
وغازل القائد العام للجيش الليبي القبائل وخاصة قبائل الطوق المحيطة بطرابلس ومناطق الزاوية إلى رأس جدير في رسالة للداخل والخارج مفادها أن الجيش مدعوم قبليا. وكان مؤتمر القبائل الليبية الذي انعقد في مدينة ترهونة السبت الماضي أعلن دعمه التام للواء السابع مشاة الذي يقود الحرب على الميليشيات المسيطرة على طرابلس تحت شعار “تحرير العاصمة من دواعش المال العام”.
وتحدث حفتر طويلا خلال اللقاء الذي اعتبر بمثابة حفل مصالحة مع قبيلة العواقير عن معاناة الشارع الليبي خاصة في ما يتعلق بالوضع الأمني والاجتماعي.
وأضاف “قادة مليشيات طرابلس أصبحوا أغنياء لكن مجرمين ونقترح عليهم مغادرة ليبيا ومن ثم مواجهة القانون أو المصالحة مع المجتمع”، وهو ما اعتبر بمثابة تحذير لقادة الميليشيات بأن أيامهم في العاصمة باتت معدودة.
ويتوقع مراقبون قرب دخول الجيش لطرابلس، غير مستبعدين خروج سكان العاصمة خلال الأيام القليلة القادمة في مظاهرات للمطالبة بقوة تخلصهم من سطوة الميليشيات. ويرى هؤلاء أن سكان العاصمة حتى وإن كانت لدى بعضهم سابقا تحفظات على خليفة حفتر باتوا الآن في وضع صعب يدفعهم للاستعانة به في سبيل إنهاء الفوضى والاقتتال، خاصة مع الأمن والاستقرار الذي تشهده المنطقة الشرقية التي يسيطر عليها الجيش.
كما أن ضعف موقف ميليشيات طرابلس ورفع الدعم الأممي والدولي عنها، قد يسهل خروج أنصار الجيش في المدينة الذين اختاروا منذ معركة فجر ليبيا الركون إلى الصمت بعدما تصدت الميليشيات للنشطاء والحقوقيين الذين رفضوا سيطرتها حينئذ.
وخرج مساء الأحد العشرات من الليبيين للاحتجاج على ما آلت إليه الأوضاع الأمنية والاجتماعية منذ وصول المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق للسلطة في أبريل 2016. ونظم الاحتجاج حراك “صوت الشعب” الذي من المرجح أن يعلن دعمه للجيش بقيادة حفتر خلال الفترة القادمة.
وفي خضم هذه التطورات الأمنية تجري محاولات لاستئناف مفاوضات توحيد المؤسسة العسكرية في القاهرة والتي توصلت إلى نتائج مهمة على مدى أكثر من سنة. وقالت مصادر عسكرية لـ”العرب”، إن توقف المفاوضات جاء حرصا على ضرورة توحيد السلطة التنفيذية أولا كي تقوم في ما بعد بتعيين القيادات العسكرية وفي مقدمتها القائد العام للجيش ورؤساء الأركان.
وتجري مفاوضات حالية بين مجلسي النواب والدولة لإعادة تشكيل حكومة ومجلس رئاسي جديدين. ومن غير المعروف ما إذا كانت هذه الخطوة مدعومة أمميا ومقدمة لتوحيد بقية المؤسسات الوطنية تمهيدا للانتخابات، أم مناورة جديدة من قبل البرلمان ومجلس الدولة لإطالة أمد الأزمة.